كيم جونغ أون لم يكن مستعداً تماما» لخلافة والده. رويترز

كيم جونغ أون زعيم غامض يثير قلق العالم

كما كان ينظر إلى والده كيم جونغ إيل، يتابع جزء كبير من العالم الزعيم الكوري الشمالي الشاب كيم جونغ أون، بمزيج من عدم الفهم والسخرية والخوف.

وفي مطلع مارس الماضي كان الناس يهزون رؤوسهم بكثير من الحيرة عندما كانوا يشاهدون صور كيم وهو يحتفل مع نجم كرة السلة السابق دينيس رودمان في بيونغ يانغ، بعد مشاهدتهما مباراة لكرة السلة معاً. وبعد ذلك بشهر أصبحوا يتساءلون ما اذا كان على وشك ان يدخل شبه الجزيرة الكورية في نزاع كارثي.

والأزمة الحالية التي حث خلالها الزعيم الكوري الشمالي جنوده على «كسر ظهور الاعداء المجانين وقطع اعناقهم»، سلطت الأضواء العالمية على الزعيم الشاب.

وعلى الرغم من أن شخصية كيم معروفة أكثر للناس من شخصيه والده الانطوائي، إلا انه لايزال شخصية غامضة خصوصاً على المستوى الشخصي، فهو شاب، لكن لا يعرف بالضبط كم عمره الذي يقال إنه يراوح بين ‬28 و‬30 عاماً. كما ان زوجته جذابة وتعتني بأناقتها، لكن لا احد يعرف كم لديه من الاطفال، وهل هم صبيان أو بنات. وبالنسبة لذوقه الشخصي فإن عشقه مدن الملاهي وشخصيات ديزني يتعارض بشكل كبير مع منصبه كقائد اعلى لخامس اكبر جيش في العالم أصبح يمتلك ترسانة نووية. ويصفه الاعلام في اغلب الاحيان بأنه «يفتقر الى الخبرة»، وهي الصفة التي اشاعت الخوف في الاسابيع الاخرى مع تصاعد التوتر بين بيونغ يانغ من جهة، وسيؤول وواشنطن من جهة اخرى.

وعلى الرغم من أن كيم جونغ ايل استعد لتولي الزعامة خلفاً لوالده كيم إيل سونغ مؤسس كوريا الشمالية، إلا ان كيم جونغ أون لم يكن مستعداً تماماً لخلافة والده الذي توفي في ديسمبر ‬2011. وبعد اقل من ‬16 شهراً من توليه منصبه، جر كيم ايل أون بلاده الى حافة النزاع في اول ازمة يواجهها. وأكد الخبير في شؤون كوريا الشمالية والمحاضر الزائر في جامعة جون هوبكنز الكسندر مانسوروف، أن كيم يفتقر الى الخبرة بشكل مقلق تماماً مثلما يفتقر العالم الخبرة للتعامل معه. وقال «أعتقد اننا لانزال لا نعرف في الحقيقة ما الذي يفعله».

وأضاف «على الرغم من أن (والد الزعيم الحالي) كيم جونغ ـ إيل كان يمارس سياسة حافة الهاوية طوال الوقت، إلا انه كان يتراجع في النهاية، وكنا نعرف ما حدوده الاساسية، واين يتوقف وما نقاط الضغط عليه، لكي يعود الى السلوك الحسن».

وأضاف «لكن مع ابنه، لا نعرف ما طريقته وسجله ولا نعرف حدوده والى اي مدى يمكن ان نضغط عليه، وما اذا كان يمكن ان يتوقف ام لا».

وفي كوريا الجنوبية الاكثر خبرة من اي جهة اخرى في تصرفات كوريا الشمالية غير الواضحة، يرى محللون ان «روح المغامرة» الطائشة لدى كيم يمكن ان تكون براغماتية محسوبة بدقة.

ويقول الباحث البارز في معهد السلام والوحدة في جامعة سيؤول الوطنية تشانغ يونغ-سيوك، «لم يكن امام كيم سوى فترة قصيرة لإعداد نفسه للقيادة، ما يعني انه كان عليه ان يتحرك بسرعة اكبر، وبشكل اكثر قوة عندما تولى القيادة لكي يحكم سيطرته على النخبة في السلطة».

وأضاف أن «ذلك ليس امراً خارجاً عن المألوف، فقد كان كيم جونغ-ايل ولايزال يعزز مكانته كخليفة لوالده، عندما اعلن شبه حالة حرب في ذروة اول ازمة بسبب برنامج كوريا الشمالية النووي في ‬1993-‬1994».

وفي نظام كوريا الشمالية الذي لا يمكن معرفة ما يجري في دوائره الداخلية، ظهرت اسئلة حول ما اذا كان كيم جونغ أون هو الذي يتولى السلطة بالفعل، ام انه مجرد دمية يتحكم بها عدد من كبار الجنرالات والمسؤولين.

إلا ان الأستاذ في جامعة دراسات كوريا الشمالية في سيؤول البروفيسور يانغ مو-جين، عارض ذلك، وقال «أعتقد انه اثبت انه سيطر تماماً على الحزب وعلى الجيش». وأشار الى «قوة» كيم وتطهيره الصارم للمسؤولين الكبار بعد توليه السلطة.

وأضاف «صحيح انه محاط بمجموعة من المراقبين اصحاب الخبرة، لكن ذلك لا يجعله ضعيفاً، فهو الذي يتخذ القرارات المهمة في شؤون الدولة، وهذا ما كان عليه النظام دائماً». الى اين اذن يقود الزعيم الشاب البلاد؟

واتبع كيم جونغ أون خطى والده في «هندسة أزمة»، وبعد ذلك رفع درجة التهديدات والمخاطر بشكل كبير الى مستوى يجعل المجتمع الدولي يعرض تنازلات لخفض التوترات، لكن هذه الطريقة اصبحت قديمة، وهذه المرة اختارت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تحدي بيونغ يانغ.

ويعتقد الخبير في شؤون كوريا الشمالية مع مجموعة الأزمات الدولية دانيال بينكستون ان كيم ينتظر انتهاء المناورات العسكرية بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة في نهاية ابريل.

ويقول بينكستون «من المهم ان نفهم ان الكثير مما نراه ونسمعه (صور كيم وهو يتشاور مع جنرالاته في غرفة الحرب وتهديداته غير المنطقية)، هي في معظمها موجهة الى الداخل». وأشار الى ان خطاب بيونغ يانغ يركز بشكل كبير على الردع، حيث يتم تصوير كيم على انه الزعيم الذي يحول دون غزو الولايات المتحدة لشعب كوريا الشمالية.

وقال انه «عند انتهاء المناورات ستكون الرسالة انظروا، لقد كانوا على وشك ان يغزونا بطائراتهم ب.‬52 وقاذفات ستيلث، لكنهم لم يفعلوا ذلك بسبب ردعنا النووي، وبسبب مخلصنا المارشال العظيم كيم جونغ-ايل، وهذا هو الأهم».

 

الأكثر مشاركة