خطابات التطرف ازدادت بعد الاعتداء على المقرّ البابوي في العباسية
الاحتقان الطائفي يهدد مصر بحرب أهـلية
حذر باحثون وكهنة أقباط ورجال أمن سابقون من اندلاع حرب أهلية في مصر بين المسلمين والاقباط، وفيما اعتبر الاعتداء على الكنيسة المرقسية المقر البابوي في العباسية، تطوراً خطيراً، هو الأول من نوعه في تاريخ البلاد، طرحت إحدى القنوات الدينية تساؤلاً صريحاً حول احتمالات نشوب حرب بين المسلمين والمسيحيين، بعد أحداث كنيسة قرية الخصوص، التي راح ضحيتها ستة أفراد من بينهم مسلم.
وقال الأب رفيق جريش لـ«الإمارات اليوم»، إن الكنائس المصرية باتت مهددة بالاقتحام والاحتراق في ظل حالة الاحتقان التي تمر بها البلاد.
وأوضح أن الاشتباكات في هذه المرة تجاوزت الحدود التي اتفق المصريون ضمنا على حرمتها، مثل عدم الاعتداء اثناء تشييع الجنازات، وعدم الاعتداء على مقر البابا بالكنيسة المرقسية بالعباسية التي تمثل الرمز الروحي والديني للمسيحيين، مؤكداً أن غياب الدولة وأجهزتها الأمنية يوفر مناخاً خطيراً لتوسع الاشتباكات، ويشجع المتطرفين من الطرفين على إشعال البلاد. وحمل جريش أجهزة الامن مسؤولية الانفلات الامني حول مقر البابا.
ونفى راعي كنيسة العذراء مريم بمدينة مسطرد، القمص عبدالمسيح بسيط، وجود مسلحين في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية.
وقال لـ«الإمارات اليوم»، ان الشباب المسيحي التف حول مقر البابا لحمايته بأجسادهم، وان الحديث عن استخدام أسلحة أو حيازتها هو تبرير لارتكاب اعمال عنف موسع ضد الاقباط، مشيرا الى ان من قتل بمحيط الكنيسة كان هو الشاب المسيحي، محروس حنا، وليس مسلماً، وطالب القمص بسيط بإعادة تأهيل وتدريب وتثقيف الضباط ورجال الامن المكلفين حماية الكنائس، حتى لا يتحولوا أنفسهم الى مصدر للفتنة، كما فعل احد الجنود الذي قال للشباب «إننا نتمنى ان تنتهوا جميعاً».
وكان نشطاء تداولوا على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر شباب يطلقون النار على قوات الأمن من فوق أسطح الكاتدرائية بالعباسية، ويظهر الفيديو مجموعة من الأشخاص أحدهم ملثم، ويقومون برشق قوات الأمن بالحجارة، فيما يقوم ذلك الملثم بإطلاق أعيرة نارية من سلاح يحمله.
وفي الاتجاه نفسه، زعم الداعية الإسلامي الشيخ وجدي غنيم، ان الكنائس مملوءة بالأسلحة الثقيلة، وشن هجوماً شرساً على الكنيسة الأرثوذكسية، واتهم قادتها بالوقوف وراء تصاعد الاحداث، وقال غنيم في تغريدة على «تويتر»، إن العالم أجمع «شاهد حجم إرهاب النصارى في مصر».
وأكد الباحث ياسين غلاب، ان ورقة الأقباط يتم استخدامها من قبل أنصـار النظام القديم قي الصراع السياسي بالبلاد الآن.
وقال لـ«الإمارات اليوم»، ان كل الأوراق يمكن استخدامها في مصر لإسقاط الرئيس محمد مرسي، ولكن اللعب بالاقباط سيسقط مصر في بحيرة من الدماء والفوضى وستسقط المنطقة العربية بكاملها في هذه الكارثة، مؤكدا ان سيناريو حادث كنيسة الخصوص مدبر بشكل واضح، حيث قتل احد المسيحيين المعروف بإجرامه في المنطقة شاباً مسلماً عقب مشادة كلامية لم يكن هو طرفاً فيها، واضاف ان عمليات القتل السريع واحراق البيوت والهجوم على كنيسة العذراء لم يستغرق سوى دقائق، وهو ما يشيرالى التجهيز له مسبقاً.
وأضاف غلاب، أن اللجان العرفية التي تشكلت لن تستطيع بمفردها إنهاء الازمة، لأن خطاب التطرف أصبح علنياً بين الطرفين، مطالباً بمحاسبة فورية للشيوخ والقساوسة الذين يحرضون على الكراهية، وتوقيع عقوبات من المؤسسات الدينية بحرمان هؤلاء من الوعظ ومخاطبة الجماهير.
ومن جهته، كشف راعي كنيسة مارجرجس بمنطقة الخصوص القمص سوريال يونان، عن وجود افراد ملثمين قاموا بعمليات القتل، وقال لـ«الإمارات اليوم»، انه يشهد للتاريخ ان ابناء الخصوص من المسلمين تعاونوا معه لمنع اشعال فتنة موسعة وعرضوا حمايته وحراسة الكنيسة، مؤكدا ان من قام بعمليات القتل افراد جاءوا من خارج منطقة الخصوص، وهم مجموعات ملثمة، تتحرك وسط الجماهير الغاضبة من الطرفين. واضاف ان ما حدث يؤكد ان هناك خطة لإشعال حرب أهلية في مصر، يقوم بها افراد بلا ضمير، استغلالاً لأجواء الاحتقان السياسي العام التي تسيطر على المشهد السياسي المصري.
ورفض سوريال التشكيك بدور الامن، مشددا على ان من قام بحماية الكنيسة ورجالها هم عناصر الامن، واصيـب العديد من رجالـهم، وأضاف أن التشـكيك في رجال الامن هو جزء مكمـل أيضــاً لخطـة الفتنة.
وسادت أجواء من التوتر لترفع درجات الاحتقان بين الطرفين الى أعلى درجاتها، حيث تداول نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر نسخاً من القرآن، زاعمين ان عدداً من الشباب المسيحي قاموا بالتبول عليها من أعلى كنيسة الخصوص، وألقوا بها في الشارع، كما خصصت «قناة الحافظ» السلفية برنامجاً خاصاً حول احتمالات اشتعال الحرب بين المسلمين والمسيحيين، كما خصصت القناة خطاً ساخناً لتلقي اتصالات المواطنين، في اشارة قوية الى خطورة الامر.
وقال العقيد المتقاعد، أحمد أبوزيد، إن مصر مهددة الآن بالانهيار والتقسيم، لأن هناك شعاراً حقيقياً يقول إنه لا صوت يعلو على صوت التطرف.
وأضاف لـ«الإمارات اليوم»، ان قرار الكنيسة بنقل ضحايا الخصوص الى المقر البابوي وتشييعهم من هناك، ساعد على تجمع الشباب القبطي الغاضب الذي قام بإتلاف السيارات والمحال في شارع رمسيس، وردد هتافات معادية للمسلمين، وهو ما وفر مناخاً عدائياً يمكن ان يجر البلاد الى حرب حقيقية هذه المرة.
وأكد أن تحميل المسؤولية للأمن «تضليل واضح»، لان الأمن لم يستطع حماية مقار «الاخوان» او حتى القصور الرئاسية في السابق، مشيرا الى ان التظاهرات اليومية انهكت اجهزة الامن ولم تعط اي فرصة للتدريب والتطوير، وقال أبوزيد، ليس هناك امل بإنقاذ البلاد الا عن طريق اللجان العرفية ومبادرات الازهر والكنيسة وضمير المثقفين والإعلاميين.
وعلى الرغم من العلاقات الطيبة بين الإسلام والمسيحيين، خصوصاً بين المثقفين وابناء الاحيـاء الراقية والمدن، إلا ان صـراعات طويلة في المناطق الشـعبية، عكست احتقاناً مزمنـاً تسـببت فيه علاقات عاطفية بين شباب من الطرفين، وبناء كنائس من دون تراخيص، واشتد الصراع عقب غيــاب الدولة واجهزتـها الامنية بعد الثورة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news