30 سيدة غزية.. من طلب الإغاثة إلى خط الإنتاج
في محاولة لمواجهة ظروفهن المعيشية الصعبة والتغلب على الفقر، وتوفير مصدر دخل لهن ولعائلاتهن، لجأت 30 سيدة من الأرامل والمطلقات والمحتاجات ومن تقطعت بهن سبل الحياة في قطاع غزة، إلى تأسيس مشروع «مطبخ زاخر النسوي» لإنتاج مختلف المأكولات والحلويات الغزية، ما يساعدهن في توفير قوت أبنائهن بدلاً من الحاجة.
السيدة الغزية (أم هيثم ـ 45 عاماً) لم تجد مخرجاً للأوضاع المعيشية التي تمر بها هي وعائلتها المكونة من ثمانية أفراد، خصوصاً بعد وفاة زوجها، سوى أن تلجأ للبحث عن فرصة عمل توفر لها لقمة عيش كريمة تغنيها عن سؤال الناس وطرق باب المؤسسات والجمعيات، فكان انضمامها إلى هذا المشروع فرصة لإعالة أسرتها والاستمرار في العمل والإنتاج من دون الاعتماد على الغير. وتأسس مشروع «مطبخ زاخر النسوي» بعد الحرب الإسرائيلية على غزة أواخر عام 2008، بعد أن فقدت بعض النساء أزواجهن خلال العدوان، واتجهت أخريات لإعالة أنفسهن كونهن من الأرامل والمطلقات، لتكون فرصة لاعتماد 30 سيدة على أنفسهن، وإيجاد مخرج إبداعي لتنتقل حياتهم من طلب الإغاثة والحاجة إلى واقع تنموي جديد وخوض قطاع الإنتاج.
ويعد مطبخ زاخر مشروعاً إنتاجياً تصنع فيه النساء أنواعاً مختلفة من المأكولات والمعجنات والحلويات الفلسطينية، التي يتم تسويقها إلى السوق المحلية والمستهلك، بالإضافة إلى بيعها إلي المدارس وبعض المؤسسات والمنازل التي يطلبونها بأسعار منخفضة مقارنة بالمطاعم والمطابخ الأخرى. وتقول (أم هيثم) لـ«الإمارات اليوم» وهي تعد عدداً من أصناف الكعك الفلسطيني «بعد أن توفي زوجي واجهت مشقة كبيرة في توفير متطلبات العيش لأولادي، خصوصاً بعد أن بدأت تزداد احتياجاتهم مع تقدم أعمارهم، وتحملت مشقة كبيرة في تربيتهم وتعليمهم في الوقت الذي لم يكن لدينا أي مصدر دخل نعتاش منه».
وتضيف «هذه الظروف، بالإضافة إلى وجود وقت فراغ كبير في حياتي، دفعتني إلى البحث عن فرص عمل مناسبة لسد احتياجات أسرتي وتوفير العلاج اللازم لي، كوني أعاني مرضَي الضغط والسكري، فكان (مطبخ زاخر النسوي) في بداية افتتاحه وبحاجة إلى نساء عاملات، ومن هنا بدأت العمل حتى أصبحت أنا والعاملات في المطبخ نموذجاً للعمل التنموي، بدلاً من البحث عن المساعدات». من جهة أخرى توضح السيدة (أم فادي) إحدى العاملات في مطبخ زاخر النسوي، أن المطبخ يعد من المشروعات الرائدة في مجال العمل النسائي في غزة، حيث تُمنح النساء العاملات فيه القدرة على التأقلم والتعايش مع الظروف المحيطة، والتغلب على كل الصعاب التي تواجههن في حياتهن. وكان مشروع «مطبخ زاخر» في البداية، بحسب (أم فادي)، يعتمد على السيدات بشكل تطوعي، لكنه تطور بعد أن أصبحن يحصلن منه على عائد مادي بعد ازدياد الطلبات ومعرفة المواطنين والمؤسسات المختلفة بالمطبخ.
وتشير إلى أن السيدات العاملات في المطبخ تلقين دورات عدة من «جمعية زاخر للعمل النسائي»، على فن التسويق والإدارة والطبخ، فيما بدأ المطبخ إرسال عينات من الطعام لعدد من المؤسسات كخطوةً تسويقية أولى لدفعهم إلى الشراء بشكل مستمر.
داخل «مطبخ زاخر النسوي» الموجود في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، الذي تبلغ مساحته ما يقارب 180 متراً، كان عدد من النسوة اللواتي ترواح أعمارهن بين 30 و50 عاماً يصنعن عدداً من المأكولات الفلسطينية، فيما يصنع بعضهن الكعك الفلسطيني. وتقول السيدة دولت إبراهيم، وهي أكبر العاملات في المطبخ «نصنع جميع المأكولات والحلويات الفلسطينية، حسب طلبات الزبائن والمواطنين، ومن خلال مشاركتنا في معارض وجمعيات مختلفة انتشر اسم المطبخ وزاد طلب وإعجاب الناس بمنتجاتنا».
وتضيف «إن ما يميز منتجاتنا أننا نصنعها بأيدينا وليس بماكينات، بالإضافة إلى الخبرة الكبيرة التي نمتلكها في هذا المجال، كما نقوم ببيع المنتجات إلى المواطنين والزبائن بأسعار مناسبة لأوضاعهم وظروفهم المعيشية».