الجيش العراقي هاجم المحتجين في بلدة الحويجة وقتل ‬50 شخصاً. رويترز

الحديث عن تقسيم العراق أصبح أشد وضوحاً بعد أحداث الحويجة

الكثير من الجنود العراقيين يهجرون جيشهم المنكوب خلال كفاحه من أجل الحفاظ على النصف الشمالي من العراق «في وجه العدائية المتصاعدة» من العرب السنّة والأكراد.

وتقدم الجنود الأكراد نحو جنوب مدينة كركوك الغنية بالنفط للسيطرة على مواقع عسكرية هجرها الجيش العراقي، في حين أن السياسيين العراقيين في بغداد يقولون إنه وللمرة الأولى يظهر علانية موضوع تقسيم العراق.

واندلعت هذه الأزمة في ‬23 أبريل الماضي، عندما هاجم الجيش العراقي المحتجين من العرب السنّة في بلدة الحويجة، ما أدى الى مقتل ‬50 شخصاً، وجرح ‬110 آخرين. ونجم عن ذلك تصعيد التظاهرات الاحتجاجية من قبل العرب السنة ضد الحكومة التي يقودها الشيعة. وفي الحال أصبحت التظاهرات في حراسة المسلحين، الذين يتهم بعضهم بقتل خمسة من أفراد الاستخبارات العسكرية، وهم يرتدون الملابس المدنية، ويركبون سيارة اقتربت من المتظاهرين في الفلوجة.

وثمة إشارات إلى أن الجيش العراقي لم يعد قادراً على التعامل مع الازمة التي تواجه كل من السنة العرب والاكراد. ويفضل العديد من الجنود ترك الجيش بدلاً من اطلاق النار على المحتجين، كما قال الحاكم الكردي لكركوك نجم الدين كريم، في مقابلة مع صحيفة «الاندبندنت».

وأكد كريم أن معظم من هجروا الجيش هم من السنة، ولكنه اضاف ان هناك البعض من الشيعة الذين لا يريدون القتال في اماكن غريبة من اجل هدف لا يؤمنون به.

وأوضح أن الجنود الاكراد تحركوا للسيطرة على مواقع حول كركوك أصبحت شاغرة بعد أن هجرها الجيش العراقي، ولكنه أنكر أن ذلك يعتبر استيلاء على الاراضي من قبل الاكراد الذين يصبون الى السيطرة على منابع النفط كما ادعى قادة الجيش العراقي. وقال كريم «إنهم يريدون ان يلفتوا الانتباه عن حقيقة انهم يهاجمون التظاهرات المدنية ويقتلون العشرات منهم عن قرب».

وكانت المواجهة بين الاكراد وحكومة بغداد في الصيف الماضي قد أدت الى تدهور العلاقات بين الطرفين. وتوقف التعاون الأمني بين الطرفين، وثمة ارتفاع بالاعتداءات الإرهابية في كركوك بنسبة ‬30٪ نتيجة لذلك.

وقال كريم «إنها حقاً مهزلة، فالجيش في الحويجة يهاجم المتظاهرين بمن فيهم الاطفال والشيوخ. ومن ثم في منطقة سليمان بيك قتلت (القاعدة) قائد الشرطة. لقد اعتقلوا وقتلوا كل من وجدوه في مركز الشرطة، وهرب جميع سكان البلدة، وسيطر الارهابيون على البلدة خلال ‬24 ساعة، ومن ثم منحوا امناً كي يخرجوا بأمان مع السيارات التي سرقوها».

ويبدو السياسيون العراقيون متشائمين بشأن الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية. وقال مستشار الأمن القومي العراقي السابق موفق الربيعي، في مقابلة هاتفية، انه وللمرة الاولى بدأ يسمع قادة في بغداد يتحدثون عن تقسيم العراق. وأضاف «أعتقد أن العراق ينحدر إلى أسوأ مراحله منذ تشكله عام ‬1921».

وأكد أن تقسيم العراق «لن يكون خياراً سهلاً، وانما سيكون شبيهاً بحمام الدم الذي وقع عندما انفصلت باكستان عن الهند».

وخلال الاشهر الاربعة الماضية لم يفعل رئيس الحكومة نوري المالكي أي خطوات تذكر للمصالحة مع السنة، الذين كانوا يقومون بحملة احتجاجات سلمية يطالبون بحقوق مدنية وسياسية، فهم يريدون وضع حد للتمييز في الوظائف، وإلغاء قانون الارهاب الذي يتم بموجبه اعتقال المشتبه فيهم وتعذيبهم لمجرد تهمة من مخبر سري. وتم تنفيذ الاحتجاج بصورة شرعية من دون أعمال عنف حتى اندلاع حادثة الحويجة.

ويطالب السنة العرب الآن بانسحاب الجيش من مناطقهم. وأصدرت إحدى الشخصيات السنية الدينية المهمة، هو عبدالمالك السعدي، بياناً الاسبوع الماضي قال فيه «إذا فتحوا النار، دافعوا عن أنفسكم بشجاعة». وتبدو الحكومة مترددة في موقفها ازاء الاحتجاجات، فتارة تقول ان مطالبهم مشروعة، واخرى تكيل لهم أسوأ النعوت، وتقول إنهم من أفراد «القاعدة». وقال المالكي في تصريح نشر على موقعه الرسمي «أدعو المتظاهرين السلميين لطرد المجرمين الذين يستهدفون الجيش والشرطة».

وفي الاسبوع الماضي تم سحب رخص ‬10 محطات تلفزة فضائية، في حين فرضت السلطات حظر التجول في إقليم الانبار السنّي وسط العراق. ولكن تلك المحطات استمرت بالعمل، كما أن الجيش لن يكون في وضع يسمح له بفرض حظر التجول.

باتريك كوكبيرن مراسل «الإندبندنت» في أربيل

 

الأكثر مشاركة