تقييد حرية العبادة وهدم المنازل واعتقالات واسعة تشمل الأطفال
تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية بالقدس في ذكرى احتلالها
تحتفل السلطات الإسرائيلية في يوم الثامن من مايو بما يسمى «توحيد القدس»، وهو ذكرى احتلالها للقدس الشرقية عام 1967، ومن ثم ضمها وفرض القانون الإسرائيلي عليها، بينما تزعم أن مدينة القدس موحدة تحت سيادتها، إلا أن الفجوات الواسعة في تطبيق القانون بين القدس الشرقية والغربية تنفي ذلك، فوفقاً للقانون الدولي فإنه يجب على السلطات الإسرائيلية القيام بواجبها في الحفاظ على حقوق السكان الواقعين تحت احتلالها، ومنحهم فرصة العيش بكرامة، كما أنها مجبرة وفق القانون نفسه على إيجاد الحلول المناسبة والجذرية لأوضاعهم.
إلا أن ما يتعرض له المقدسيون الذين يشكلون 39٪ من إجمالي سكان القدس المحتلة، يعكس حالة القهر والمعاناة التي يتعرضون لها، فقد شهدت السنة الأخيرة تقييداً لحرية العبادة ومنع الوصول للمسجد الأقصى، وتقييدات مشددة على بلدتي سلوان والعيسوية، كما شهدت تزايداً في الاعتقالات، خصوصاً اعتقالات الأطفال، وهدم البيوت بحجة عدم الحصول على ترخيص.
عزل القدس
وتقول هنادي قواسمي من جمعية «حقوق المواطن في الأراضي المحتلة»، والمتحدثة باسم برنامج حقوق الإنسان في القدس التابع للجمعية، إنه «منذ عام 1967 صادرت السلطات الإسرائيلية ثلث أراضي الفلسطينيين في القدس، وأقامت عليها آلاف الشقق للسكان اليهود، فيما أبقت على 35٪ من المساحات التي خضعت للتخطيط في الأحياء الفلسطينية تحت التعريف باسم (مساحات طبيعيّة مفتوحة)، ولا يسمح بالبناء عليها».
وتضيف أن الأحياء المقدسية تكتظ بالسكان نتيجة ضيق مساحة البناء المخصصة لهم، حيث إن 13٪ فقط من الوحدات السكنية التي صودق على بنائها في القدس في الفترة الواقعة بين عامي 2005 و2009، تقع في أحياء فلسطينية. في المقابل، فإن المساحة المتوافرة للسكن للفرد الواحد في الأحياء اليهودية تصل إلى 20 متراً مربعاً في الأحياء الفلسطينية.
وبحسب معطيات صادرة عن الجمعية، فإن السلطات الإسرائيلية لا تسمح للفلسطينيين بالبناء إلا على 14٪ من مساحة القدس الشرقيّة، وهي تعادل 7.8٪ من مجمل مساحة القدس، فيما تراوح نسب البناء المسموح بها في الأحياء الفلسطينية غالباً بين 25 و50٪، مقابل 75٪ إلى 125٪ في الأحياء اليهودية.
وتوضح قواسمي أن بناء 142 كيلومتراً من جدار الضم والتوسع، وإغلاق المعابر المؤدية الى المدينة المقدسة، وتطبيق سياسة تصاريح الدخول، تسبب في عزل القدس عن الضفة الغربية، وأضعفت سكانها من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية.
يذكر أن الاحتلال الإسرائيلي أغلق في سبتمبر 2012 حاجز «رأس خميس» الذي كان يمر عبره سكان حي رأس خميس أثناء توجههم للقدس.
وكان الاحتلال عزل 90 ألف فلسطيني من سكان مدينة القدس، الذين يحملون بطاقات هوية مقدسية التي تحمل اللون الأزرق، بفعل إقامة الجدار العازل الذي عزل العديد من الأحياء المقدسية، مثل رأس خميس وضاحية السلام ومخيم شعفاط عن القدس، فيما يفرض الاحتلال على سكان هذه الأحياء عبور الحواجز في كل يوم لغرض تلقّي التعليم والعلاجات الطبّية، والقيام بالزيارات العائليّة، وما شابه.
إهمال في التعليم
وتعاني الأحياء المقدسية إهمالاً متعمداً في التعليم، حيث إن 46٪ من الطلاب في القدس الشرقية يتعلمون في المدارس البلدية، ويوجد نقص مستمر في عدد الغرف التدريسية يفوق الـ1000 غرفة دراسية في نظام التعليم الرسمي، وعلى الرغم من قرار المحكمة العليا الإسرائيلية للقضاء على هذه الفجوة، إلا أن أعداد الغرف التدريسية الجديدة التي تضاف كل سنة لا تتجاوز العشرات، ولا تغطي النقص الهائل الذي تعانيه مدارس المقدسيين.
ولا يقتصر النقص على المدارس، إذ إن رياض الأطفال تعاني ذلك، فبلدية الاحتلال بالقدس الشرقية تقيم 10 روضات، مقابل 77 روضة بلدية و96 روضة دينية في القدس الغربية للسكان اليهود.
ويجد الطلاب المقدسيون الذين بحوزتهم شهادة التعليم الثانوي الفلسطيني صعوبة في القبول بالجامعات الإسرائيلية، فيما لا تقبل إسرائيل الألقاب الأكاديمية للجامعات الفلسطينية داخل القدس، بما في ذلك جامعة القدس، وجامعة أبوديس.
تمييز عنصري
ومن بين السياسات التي تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، والتي تثبت وجود تمييز عنصري بين السكان الفلسطينيين واليهود في القدس، يوجد في القدس الغربية التي يقطنها اليهود 25 مركزاً للأمومة والطفولة، بينما يوجد فقط أربعة للفلسطينيين في القدس الشرقية.
وفي ما يتعلق بمكاتب الخدمات الاجتماعية، يوجد ثلاثة مكاتب في القدس الشرقيّة تعالج ما يقارب ثلث السكان، والتحضير جارٍ لمكتب رابع، مقابل 18 مكتباً للخدمات الاجتماعية في القدس الغربية، كما يوجد تسعة مكاتب للبريد مخصصة للفلسطينيين، مقابل 43 في القدس الغربية.
اعتداءات
ورصد «مركز معلومات وادي حلوة» في مدينة سلوان المقدسية الانتهاكات الإسرائيلية ضد المقدسيين في المدينة خلال شهر أبريل الماضي، والتي تنوعت بين الاعتقال والاعتداء والهدم والمصادرة.
وشمل الرصد انتهاك حرية العبادة، وحملات الاعتقالات وعمليات الدهم شبه اليومية في أحياء مدينة القدس، وانتهاك حرية التنقل والتعبير عن الرأي، وهدم المنازل، وتحرير مخالفات مرورية تعسفية، اضافة الى تصاعد اعتداءات المستوطنين المتطرفين على المواطنين المقدسيين.
ويقول مدير معلومات وادي حلوة، جواد صيام، إن الاحتلال اعتقل 100 مقدسي خلال شهر أبريل الماضي، وتركزت الاعتقالات في أحياء العيسوية والقدس القديمة وسلوان وصور باهر والطور، ومن بينهم نحو 25 طفلاً، أصغرهم أطفال بلغوا من العمر 13 عاماً من العيسوية، وتم تمديد توقيفهم على الرغم من الاعتقالات غير القانونية لهم، إذ اعتقلوا فجراً من منازلهم، من دون السماح لأحد من والديهم بمرافقتهم بسيارة الشرطة، كما تم تقييد أيديهم.
ويضيف «ومن بين المعتقلين ثلاث نساء، وهن أنعام قلمبو، ولاتزال موقوفة في سجن الرملة وتم الاعتداء عليها وضربها خلال الاعتقال، وعايدة الصيداوي التي احتجزت لساعات خلال محاولتها دخول الاقصى، وهبة الطويل تم ايقافها في المسكوبية لمدة 24 ساعة بتهمة «إثارة المشكلات في الأقصى».
وشهدت الأيام الأخيرة من شهر أبريل، بحسب صيام، تصعيداً إسرائيلياً في عملية هدم المنازل والمنشآت التجارية، إذ تم هدم أربعة منازل سكنية لعائلة غيث في حي «خلة العين» ببلدة الطور، وتشريد 25 فرداً بينهم مرضى وأطفال، وهدم سبعة منازل أخرى قيد الانشاء في حي الطور، وثلاثة محال تجارية لعائلات حمدان وأبواسبيتان وجرادات، إضافة الى هدم شرفة منزل في حي الثوري لعائلة أبواسنينة، في حين قامت عائلة أبوالهوى بهدم غرفة من منزلها في حي الصوانة، تفادياً لدفع غرامة مالية عالية والسجن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news