التعديل الوزاري في مصر يدفع لتحالف المعارضة المدنية و«السلفيين» ضــدّ «الإخوان»

حكومة قنديل الجديدة تضم ‬35 وزيراً بينهم ‬11 من «الإخوان». أ.ف.ب

جاء التعديل الوزاري الأخير على الحكومة المصرية مخيباً لآمال كثير من القوى السياسية، وعكس إصرار النظام الحاكم على المضي باتجاه تمكين جماعة الإخوان المسلمين من السيطرة على مفاصل الدولة، حتى من دون مشاركة تيار سلفي واسع دَعم الجماعة وساندها في وصول أحد قيادييها، هو الرئيس محمد مرسي إلى الرئاسة.

ولم تُخفِ الدعوة السلفية وأحزاب سلفية أخرى غضبها وتبرّمها من التشكيل الجديد للحكومة، المكوَّنة من ‬35 عضواً، التي بات عدد الوزراء «الإخوان» فيها ‬11 وزيراً ويترأسها الدكتور هشام قنديل غير الإخواني.

وأكد نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامي، في مداخلة على إحدى الفضائيات المصرية، أن التعديل الوزاري الجديد «لن يحقق الاستقرار والتفاهم الذي يريده الشعب ويرغب في رؤية أن كل القوى السياسية شايلة الشيلة مع بعض».

واعتبر برهامي أن من الأفضل بقاء القوى السياسية في البيوت في حال استمر تجاهل رئاسة الجمهورية وجماعة الإخوان المسلمين لها.

كما رفض قادة «جبهة الإنقاذ الوطني»، أكبر تجمع للمعارضة المصرية المدنية التعديل الوزاري، مؤكدين تمسك الجبهة بمطالبها من ضرورة تشكيل حكومة إنقاذ وطني تتولى فيها شخصيات محايدة الوزارات ذات الصلة بالانتخابات النيابية المقبلة، خصوصاً التنمية المحلية والداخلية والعدل والشباب.

وبلغ رفض التعديل الوزاري حد السخرية، إذ تساءلت «الجبهة الحرة للتغيير السلمي»، إحدى قوى المعارضة المدنية، عما إذا كان فشل القيادي الإخواني الدكتور عمرو درّاج في الحصول على مقعد في انتخابات مجلس الشعب (البرلمان) المنحل حالياً، من بين القدرات التي أهَّلته للحصول على حقيبة التخطيط والتعاون الدولي؟ وما إذا كان ذلك الفشل عاملاً من العوامل التي سيُقنع بها صندوق النقد الدولي لإقراض مصر ‬4.8 مليارات دولار؟

ورأى معارضون أن التعديل الوزاري عكس حالة من التخبط والعشوائية تتسم بها آلية اتخاذ القرار حالياً، وأكدوا أن التخبط والعشوائية في اتخاذ القرار هو «ناتج طبيعي لاستئثار (الإخوان) بالحُكم، على الرغم من تعهداتهم بمشاركة جميع القوى السياسية في الحكم».

وقال نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي (المُعارض)، فريد زهران، إن تحالف جماعة الإخوان المسلمين مع القوى السياسية «يتآكل بشكل مطرد منذ حصولها على السلطة، سواء التنفيذية بتولي مرسي منصب رئيس الجمهورية، أو على المستوى النيابي بحصول ممثليها على الأغلبية النسبية من مقاعد البرلمان بغرفتيه (الشعب المنحل، والشورى القائم)».

وأشار زهران إلى أن «الإخوان» في البداية انضووا ضمن «التحالف الديمقراطي» الذي ضم قوى ناصرية وليبرالية حتى إن القيادي في «جبهة الإنقاذ الوطني» الدكتور وحيد عبدالمجيد فاز بمقعد في مجلس الشعب ضمن ذلك التحالف، معتبراً أن «(الإخوان) كلما تصوروا أن الأوضاع استقرت لصالحهم اندفعوا باتجاه خسارة حلفائهم». وبدا أن ثمة تناغماً في الأسباب المُعلنة لرفض التعديل الوزاري بين قوى المعارضة المدنية وتيار سلفي واسع تُمثِّله الدعوة السلفية وأحزاب سلفية أخرى أهمها «حزب النور» (الذراع السياسية للدعوة السلفية)، ما يشي بإمكان وجود تحالف بين الجانبين على المدى القصير والمتوسط.

واعتبر زهران أنه ليس شرطاً أن يكون هناك تحالف بين المعارضة المدنية والدعوة السلفية لصعوبة ذلك إن لم يكن لاستحالته، «غير أن هناك أموراً تشي باتفاق وجهات النظر بين الجانبين حيال قضايا عديدة، حيث يصوت النواب من الجانبين في مجلس الشورى (الغرفة الثانية من البرلمان المصري) ضد مقترحات ومشروعات قوانين يطرحها نواب حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين)».

ولم يستبعد زهران الوصول إلى تحالف بين المعارضة المدنية والدعوة السلفية بعد إجراء الانتخابات النيابية المقبلة، حيث تكون الأوضاع قد باتت أكثر وضوحاً. ومن جهته، قال ممثل الهيئة البرلمانية لحزب «الحرية» المُعارض النائب عبدالله حسن، «إن التقارب بين المعارضة المدنية والدعوة السلفية في الرؤية حيال موضوعات محدَّدة هو أمر لا يدفع باتجاه تحالف حتى لو كان انتخابيا، غير أنه من الممكن حصول تنسيق بين المرشحين من الجانبين خلال الانتخابات النيابية المقبلة»، ومن غير المستبعد إعادة تشكيل الخريطة السياسية في البلاد على المدى القريب، إن لم تنضج الظروف الموضوعية التي قد تدفع باتجاه تحركات شعبية عشوائية ربما تصل إلى حد اندلاع ثورة جديدة.

تويتر