نجيب ساويروس أشهر عضو في العائلة. أرشيفية

المصالحة مع رجال أعمال مبارك.. المال مقابل الحرية

تتوالى المصالحات في مصر مع رجال أعمال وسياسيين من عهد الرئيس السابق حسني مبارك، متهمين بالفساد باتوا على استعداد لرد أموال للدولة مقابل الحصول على حريتهم في وقت تحتاج فيه الموازنة العامة «الى كل مليم (فلس)»، لتقليل العجز البالغ قرابة ‬25 مليار دولار أميركي.

وأكدت الرئاسة المصرية أنها تشجع المصالحات مع رجال الأعمال، وقال المتحدث باسمها إيهاب فهمي، الأسبوع الماضي، إن «توجه الرئاسة في ما يتعلق بالمصالحة مع رجال الأعمال واضح، والخطوات الأخيرة التي اتخذتها تحمل رسالة إيجابية لرجال الأعمال لتشجيعهم على تسوية أوضاعهم وفقا للقانون، والدولة ترحب بعودتهم للمشاركة بقوة في دفع عجلة التنمية».

وجاءت تصريحات فهمي، عقب تسوية تمت بين مصلحة الضرائب وأسرة ساويرس، تقضي بأن تسدد إحدى شركاتها (أوراسكوم للإنشاء والصناعة) ضرائب قيمتها ‬7.1 مليارات جنيه مصري (أكثر قليلا من مليار دولار) على خمس سنوات من بينها ‬2.5 مليار جنيه تسدد على الفور.

وأوفد الرئيس المصري محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة «الإخوان المسلمين» مندوبا عنه الى المطار لاستقبال أسرة ساويرس لدى عودتها الى البلاد، أخيرا، عقب ابرام هذا الاتفاق. وتم التصالح كذلك مع وزير التجارة والصناعة في آخر حكومة في عهد مبارك رشيد محمد رشيد، الذي سدد ‬15 مليون دولار، وأعلنت النيابة العامة رفع اسمه من قوائم ترقب الوصول (التي تضم المطلوبين للعدالة).

وتجري حاليا مفاوضات بشأن صفقة أخرى كبيرة، مع رجل الاعمال حسين سالم الذي يصفه الكثيرون بأنه كان مدير أعمال مبارك، والذي صدر حكم غيابي بحبسه ‬15 عاما لاتهامات بالفساد المالي.

وأعلنت النيابة العامة، في بيان رسمي قبل أسبوعين، أن حسين سالم، الذي يحمل الجنسيتين المصرية والإسبانية والمقيم في إسبانيا منذ إسقاط مبارك في فبراير ‬2011، تقدم بعرض لتسوية وضعه ووقف الملاحقات القضائية ضده مقابل تنازله وجميع أفراد أسرته عن ‬75٪ من ممتلكاتهم وأموالهم في مصر، و‬55٪ من ممتلكاتهم وأموالهم في الخارج.

وقالت النيابة إنها لاتزال تتفاوض مع محامي سالم، لتشمل التسوية تنازل شركائه الأجانب السابقين في شركة شرق المتوسط عن مقاضاة مصر بسبب فسخها، بعد «ثورة يناير»، عقدا مبرما مع هذه الشركة لتصدير الغاز إلى اسرائيل.

وفي تصريحات صحافية، قدر طارق عبدالعزيز محامي سالم ثروة موكله بنحو ‬11 مليار جنيه، أي ما يقرب من ‬1.6 مليار دولار.

وتجري هذه التسويات بموجب مرسوم اصدره المجلس العسكري، الذي تولى السلطة في مصر خلال فترة انتقالية سبقت انتخاب مرسي، مطلع العام ‬2012 يقضي بامكانية التصالح في قضايا الفساد المالي ما لم يكن «حكما نهائيا باتا»، اي لا يمكن الطعن عليه بأي صورة، صدر بحق المتهمين.

ويرى خبراء اقتصاديون أن المصالحات مع رجال الاعمال تستهدف الحصول على اموال تساعد الحكومة المصرية في مواجهة الازمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها البلاد. وقال الخبير في مركز الاهرام للدراسات السياسية أحمد السيد النجار إن نظام الرئيس مرسي يريد «جمع أموال» تساعده في الازمة الاقتصادية الراهنة التي لا تجد حتى الان مخرجا منها الا بالاقتراض.

وأضاف أن «الصفقة التي عقدتها الحكومة مع أسرة ساويرس حصلت بموجبها على الفور على ‬2.5 مليار جنيه وهو ما يكاد يغطي بندا مهما في الموازنة العامة للدولة هو بند معاشات الضمان الاجتماعي (التي تحصل عليها الاسر التي ليس لها اي دخل)، التي تبلغ كلفتها الاجمالية ثلاثة مليارات جنيه».

الا ان النجار لا يستبعد ان يكون هناك بعد سياسي لهذه المصالحات ويقول ان «الاخوان يتصورون أن رجال اعمال مبارك هم القادرون على تمويل حملات انتخابية ضدهم، بالتالي فإن فكرة تحييدهم واردة جدا».

وفي مواجهة انتقادات متزايدة لهذه المصالحات، التي تتم مع المتهمين بالفساد يقول عضو اللجنة الاقتصادية لحزب «الحرية والعدالة» المنبثق عن جماعة «الاخوان المسلمين»، عبدالحافظ الصاوي «طالما المصالحة لا تضيع اموال الدولة، وتتم في اطار القانون» فهي مقبولة.

ويضيف «لدينا معدلات بطالة وصلت الى اكثر من ‬13٪، وعجز في الموازنة العامة وفي ميزان المدفوعات فهل من مصلحتنا ان يستمر الركود لسنوات طويلة، ام من مصلحتنا ان يتم تصالح في إطار القانون ليستفيد الاقتصاد».

ويعتقد رئيس المركز العربي لاستقلال القضاء المحامي لدى المحكمة الجنائية الدولية ناصر أمين، أن «هناك إرادة سياسية للتصالح مع رجال الاعمال المنتمين للنظام السابق، من أجل إبقائهم في مصر والعمل على إقناعهم بالاستمرار في العمل». ويضيف «يمكن ان تتم مصالحات مع الجميع باستثناء مبارك ونجليه، لأن التصالح مع اسرة الرئيس السابق كلفتها السياسية كبيرة».

ويؤكد أمين أن أحكام البراءة، التي حصل عليها عدد من رموز النظام السابق، أخيرا «ليست أحكاما سياسية، بل هي أحكام تستند الى القانون»، كون الأدلة ضعيفة في معظم هذه القضايا.

 

الأكثر مشاركة