‬10 سنوات من حكم الزوجين كيرشنر نمـــوذج جريء ومثير للجدل

عهد نستور وكريستينا كيرشنر شهد انتعاشاً اقتصادياً كبيراً. غيتي

تحتفل الحكومة الأرجنتينية، اليوم، بمرور ‬10 سنوات على حكم الزوجين نستور وكريستينا كيرشنر، إذ شكلت عقداً تميز بالنهوض ببلاد كانت مفلسة ومحاكمات لقادة الانظمة الدكتاتورية العسكرية ومواجهة مباشرة مع أصحاب النفوذ الاقتصادي وتضخم كبير.

وقد وعد الرئيس الراحل نستور كيرشنر عندما ادى اليمين في ‬25 مايو ‬2003 «بإخراج الأرجنتين من الجحيم» بعد عقد من سياسة الرئيس السابق كارلوس منعم (‬1989-‬1999) الليبرالية الجديدة واستقالة خمسة رؤساء في اربع سنوات (‬1999-‬2003) وزلزال الازمة الاقتصادية في ‬2001.

وبعد ‬10 سنوات تبدو المؤشرات الاقتصادية جيدة، إذ ان الديون الهائلة انخفضت من ‬160 الى ‬40٪ من اجمالي الناتج الداخلي، وتحفزت الصناعة التي كانت تحتضر بإنشاء خمسة ملايين وظيفة وانخفضت نسبة البطالة من ‬25 الى ‬8٪.

لكن تباطؤ الاقتصاد أحدث تدريجياً خللاً في النموذج الارجنتيني، إذ ان النمو الذي كان يبلغ معدله ‬8.9٪ من ‬2003 الى ‬2006، انخفض الى ‬1.9٪ خلال ‬2012.

وينسب المحلل فرناندو منينديس براغا مستشار الزوجين كيرشنر الى نيستور وكريستينا «ثلاثة نجاحات كبيرة»، هي نمو البلاد الاقتصادي الذي ارتفع اجمالي ناتجه الداخلي الى الضعف بين ‬2003 و‬2013، والطعن في العفو على العسكر، والتموقع الجديد في أميركا اللاتينية.

وبعد العفو الذي أقره الرئيس منعم تلقى المدعون والقضاة الضوء الأخضر من نستور كيرشنر لمحاكمة العسكريين على جرائم الخطف والتعذيب التي ارتكبت خلال النظام الدكتاتوري (‬1976-‬1983).

وتوفي أشرسهم الجنرال السابق خورخي فيديلا في سجنه في ‬17 مايو الجاري في سن الـ‬87 بعد الحكم عليه بالسجن مدى الحياة لانه تسبب في اختفاء آلاف المعارضين الذين قال إن عددهم يراوح بين ‬7000 و‬8000 بينما تقول منظمات الدفاع عن حقوق الانسان انهم ‬30 ألفا.

ولم يذهب أي بلد في أميركا اللاتينية طغت فيه الدكتاتوريات خلال السبعينات والثمانينات الى هذا الحد. وقد حوكم مئات من العسكر ودينوا أمام القضاء المدني.

وأقام الزوجان كيرشنر الحاكمان اللذان كانا من ناشطي اليسار خلال السبعينات، علاقات وثيقة مع فنزويلا ورئيسها الراحل هوغو تشافيز ودول اخرى يحكمها اليسار مثل اكوادور وبوليفيا والبرازيل وكوبا.

وبينما كانت بوينس آيرس خلال التسعينات تمتثل لتعليمات واشنطن، تعثرت العلاقات والتفت نظام كيرشنر نحو الصين وهي أكبر مستورد لانتاج الصويا التي تعتبر الارجنتين أكبر مصدريها في العالم (‬81 مليار دولار خلال ‬2012).

وخلفت كريستينا زوجها سنة ‬2007 وأصبحت اليوم تتعرض الى انتقادات شديدة في حين تضاعفت اتهامات للمقربين منها بالفساد. واتهمت الرئيسة الملقبة باسم «الملكة كريستينا» بالشعبوية لانها اشترت للدولة حقوق بث مقابلات كرة القدم على التلفزيون وهو استثمار غال جداً لكنه من أكثر الاجراءات شعبية في رئاستها مع العلاوة التي منحتها للأمهات غير المتزوجات. وأثارت غضب الأسواق بتأميمها كل صناديق التقاعد والشركة «اي.بي.اف» النفطية على حساب العملاق الاسباني «ريبسول».

وفي سياق سياسة تدخل الدولة في الاقتصاد جمدت الحكومة الأسعار في أسواق التوزيع وأقامت مراقبة على صرف العملات لمنع تهريب العملة الصعبة، وفرضت إجراءات حمائية، وطعنت في هيمنة كبرى وسائل الإعلام لمجموعة «كلارين» التي اتهمتها بممارسة الاحتكار.

وفي حين دعاها صندوق النقد الدولي الى نشر أرقام التضخم الحقيقية (‬10٪ رسمياً و‬25٪ حسب الخبراء، خلال ‬2012) اتخذت الرئيسة في المقابل قرارا مثيرا للجدل فجمدت أسعار أسواق التوزيع لمواجهة ارتفاع الاسعار الذي تجاوز الـ‬20 ٪ منذ ‬2010.

وقال مينينديس براغا، ان الزوجين كيرشنر يثيران الاستياء لانهما «يطعنان في الاحتكارات والنظام القائم ويهتمان بإعادة وتوزيع الثروات».

واكد المحلل السياسي روسندو فراغا المعارض للنظام ان «العقد الاول من القرن الـ‬21 هو عقد أقوى نمو خلال قرنين في أميركا اللاتينية والزوجين كيرشنر اغتنما هذه الفرصة وكسبا مزيدا من الشعبية». وستنهي كريستينا كيرشنر التي أعيد انتخابها من الدورة الاولى سنة ‬2011، ثاني وآخر ولاية رئاسية لها في ‬2015. وقال عالم الاجتماع خورخي خياكوبي ان التوترات السياسية والاقتصادية التي تهز البلاد «دليل على وصول نهاية دورة».

 

تويتر