٪20 من مجندات «البنتاغون» ضحـايـــا التحرش والاعتداءات
مع استمرار الحديث عن تزايد تعرض النساء في القوات المسلحة الأميركية للاعتداءات الجنسية، يواصل عدد من كبار المسؤولين في البنتاغون والقادة العسكريين إلقاء اللوم على الضحايا من النساء، ويحاولون تبرئة المتورطين أو التخفيف من مسؤوليتهم. وفي إفادته أمام مجلس الشيوخ ذهب رئيس أركان القوات الجوية مارك ويلش، الى توجيه اللوم الى المجتمع بشكل عام قائلاً: «إنها حقاً مشكلة كبيرة لبلادنا، وقد تكون أكبر منها في أي بلد آخر، وأن 20٪ من النساء اللواتي التحقن بالبنتاغون والقوات الجوية تعرضن للمضايقات والاعتداءات الجنسية بشكل أو بآخر قبل التحاقهن بالسلك العسكري، وهذا يعني أنهن قادمات من مجتمع يسمح بهذا الامر، ويجب علينا العمل على تغيير ثقافة هؤلاء وسلوكياتهم لدى وصولهم الى المرافق والقواعد العسكرية وإلى وزارة الدفاع»، إذن هي عقلية المجتمع ونظرته الى هذا الأمر وتسامحه مع استمرار هذه الاعتداءات، ما يبعث على الأسف، لأن الاعتداء الجنسي بالتأكيد لا يتم بالتراضي. ونحن بحاجة الى تفسير منطقي يميز بين الرغبة الطبيعية للمرأة في الجنس وإكراهها على ذلك وعلاقة ذلك بزيادة تعرض النساء للاعتداءات الجنسية. وقالت السيناتور الديمقراطي عضو مجلس الشيوخ كيرستين جيليبراند إن «الحديث عن الاعتداءات الجنسية التي تتعرض لها النساء في القوات المسلحة يفوق كل تصور واعتقاد ولا يمكن تبريرها بأي حال لأنها فعل عنيف كلياً، وليست مجرد موعد غرامي تم بشكل سيئ».
ويبدو أن ملاحظات ويلش وتعليقاته ضاعت في زحام الاخبار والأحداث الاكبر عن تفاعلات قضية اعتقال ضابط كبير في سلاح الجو مسؤول عن برنامج وقف الاعتداءات الجنسية بتهمة خيانة الامانة وبعد انكشاف تعرض ما يصل الى 35٪ من النساء العاملات في البنتاغون الى علاقات جنسية بغير رضاهن قبل عامين. ويعكس تكشف هذه التفاصيل عن مدى صعوبة جهود مسؤولي البنتاغون في التعامل مع هذه المشكلة التي أخفق ويلش على الأرجح في ملامستها أو طرح تصور لحل عملي لها، لأنه لم يدرك بدقة الى أي حد استوعب الآخرون تعليقاته أو بأي شكل أو صيغة يمكن أن يفهموها. وقال الرئيس الاميركي باراك أوباما «أتفهم ما تعرضت له ضحايا الاعتداءات الجنسية سوف أساندهن ولن أتخلى عنهن، ووزير الدفاع تشاك هاغل أصدر قراراً باعتبار الاعتداء الجنسي واحداً من اكبر التحديات التي تهدد البنتاغون، وأنه يرغب في تبديد أي فهم خاص أو خاطئ لهذه الجريمة أو أي تسامح بشأنها، لأن ذلك يقوض قدرة ادارته وفاعليتها في التعامل معها وفي تجنيد المزيد من العناصر الجديدة والجيدة». وقال هاغل «سيتم تحميل قادتنا في هذه الوزارة على اختلاف مسؤولياتهم مسؤولية منع استمرار هذه الجريمة والرد عليها بردع وحزم كل في حدود ادارته وقيادته». يبدو ان تعليقات ويلش لم تلق اي صدى إيجابي لدى الوزير هاغل أو الرئيس أوباما، لأن أيا منهما لم يكن لديه الرغبة في توجيه اللوم الى الضحايا أو الثقافة السائدة في المجتمع. وفي رأي كثيرين بدت فكرة ويلش أن القوات المسلحة في مواجهة ثقافة المجتمع في غير محلها لأن هذه القوات لديها سلسلة من المشكلات الفاضحة المترتبة على نتائج مشكلة الاعتداءات الجنسية، منها خوف الضحايا من التقدم بشكوى ضد المعتدي ما يترتب عليه تعثر متابعة ملف سوء استخدام السلطة والفساد الوظيفي والشكاوى المتصلة بذلك وكيفية التعامل معها. وبينت أحدث دراسة لوزارة الدفاع أن 26 ألف شخص قالوا إنهم تعرضوا لاعتداءات خلال العام الماضي، وأن 3374 منهم فقط تقدموا بشكوى بينما امتنع الباقون بسبب الخوف من العواقب والنتائج. كما أظهرت النتائج أن ثلثي الذين تقدموا بالشكوى تعرضوا للرد والتصعيد، إما وظيفيا ومهنيا وإما اجتماعيا وفي هذا المعنى قال الميجر جنرال غاري باتون مدير مكتب منع الجرائم الجنسية في البنتاغون إن «تبعات ما بعد الشكوى التي يتعرض لها المشتكي تشكل حاجزاً كبيراً ضد عمليات الابلاغ وكشف تلك الجرائم».
وفي نهاية المطاف هناك حاجة الى تغيير شيء ما قد يكون الاتجاهات والتوجهات والفهم والادراك والآراء ووجهات النظر، ابتداء من قمة الهرم ونزولاً الى أدنى مستوى في القاعدة.
روث ماركوس - كاتبة ومحللة أميركية