معظم اليهود يعتبرونهم طابوراً خامساً لجيرانهم المعادين في غزة و«الضفة» والمنطقة برمتها

تزايد الهجمات العنصرية ضد العرب فـي إسرائيل

تعرض عرب فلسطين المحتلة ‬48 للاضطهاد أصبح نهج حياة بالنسبة لليهود. غيتي

ريفايتال فولكوف (‬53 عاما)، تقوم بتدريس مادة التاريخ في منطقة رامات هاشارون بالقرب من تل أبيب، وتعرضت للهجوم وتضررت سيارتها لمجرد أنها كانت تقل إحدى زميلاتها العربيات التي كانت تجلس إلى جوارها، حدث ذلك في مارس الماضي، لكنه لم يكن حادث الاعتداء الوحيد.

كان هناك عدد من المراهقات الإسرائيليات داخل الحافلة، سألن امرأة كانت تغطي رأسها بالحجاب عما إذا كانت عربية فأجابت بالإيجاب، فقامت إحداهن بجذب غطاء الرأس، ومن ثم بصقت في وجهها، في حين انهالت الباقيات عليها بالضرب، وكان أحد أفراد الشرطة يقف إلى جوارهن بقي ساكنا يراقب ما يحدث، واضطرت هذه المرأة، وهي هنا مطير ‬38 عاما، وحامل في شهرها الثالث، للبقاء ثلاثة أيام في بيتها قبل أن تقدم شكوى إلى الشرطة.

وفي إحدى الحانات في تل أبيب، كان النادل العربي ينظف الطاولة، عندما بدأ الرجال الجالسون على طاولة مجاورة في شتم العرب، ومن ثم قاموا بضربه، وتم نقله إلى المستشفى، ولم يتحرك أحد من الموجودين لمساعدته، وقام شبان بضرب عامل نظافة عربي في مدينة تل أبيب، عندما كان يفرغ صفائح القمامة، وهشموا زجاجة على رأسه، وعندما سألهم الرجل بينما كان رأسه يقطر دما: لماذا فعلوا ذلك به صرخوا في وجهه، قائلين: «لأنك عربي».

لقد أصبحت هذه الهجمات من الأمور الشائعة في إسرائيل، بيد أنها ليست من قبل الجنود اليهود الذين يقومون بضرب المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، إذ إن هذه الهجمات ليست لها علاقة بالمستوطنين أو الفلسطينيين، على الرغم من أن هذه الصراعات كانت دائما لا تلقى كثير اهتمام من أحد. طوال عدة عقود مضت، ظل اليهود والفلسطينيون يتصارعون على قطعة الارض ذاتها، حتى أن بعضهم يتشاركون في الجنسية، وثلاثة أرباع الاسرائيليين البالغ تعدادهم ثمانية ملايين نسمة من اليهود، في حين أن ‬1.8 مليون من العرب، لكن ثمة فروق عدة في حياتهم، إذ إنه من غير المطلوب من عرب إسرائيل الخدمة العسكرية كما أن العديد منهم يعيشون في مدن وأحياء يطغى عليها الطابع العربي، إذ يذهب أطفالهم إلى مدارس عربية، وهم يحصلون على أجور أقل من اليهود، كما أنهم أقل تعليما من اليهود، وبصورة رسمية فإنهم يملكون الحقوق ذاتها التي يحصل عليها اليهود، لكن في الواقع غالبا ما يتعرضون للتمييز العنصري.

مشكلة العنصرية

يرى معظم اليهود أن الأقلية العربية هي طابور خامس لجيرانها المعادين، مثل غزة والضفة الغربية وبقية المنطقة برمتها. وبدلا من محاربة التشكك والكره، يقوم الزعماء السياسيون في واقع الأمر بتأجيج هذه المشاعر خلال السنوات الأخيرة، عن طريق سن قوانين تعزز انعدام المساواة بين الطرفين. ونتيجة لهذه القوانين، يمكن حرمان المدارس من التمويل، لأنها تذكر طلابها بنكبة ‬1948، وهو اليوم الذي يمثل فرحا بالنسبة لليهود لأنهم يعتبرونه «يوم الاستقلال». ويسمح للأحياء اليهودية برفض استقبال أي عربي، إذا أراد أن يقطن فيها، وفي حقيقة الأمر فإن التشكك من قبل اليهود ليس أمرا جديدا، إذ إنه يعكس الصراع الدائر في هذا البلد وما وراءه. ومع ذلك فإن الهجمات من قبل اليهود الاسرائيليين على أقرانهم العرب لم تكن يوما أشد قسوة عما هي عليه خلال الأسابيع القليلة الماضية، لدرجة أن الاعلام لدى اليمين واليسار في اسرائيل اللذين لا يتفقان أبدا على شجب هذه الهجمات. وقالت صحيفة هاآرتس «لدينا مشكلة عنصرية»، وقالت يديعوت أحرونوت «يرجع ذلك إلى أن المجتمع لم يعمد يوما إلى إنشاء نظام ملزم من القيم لكل مكوناته».

 

تزايد الهجمات

حسب جماعة «الائتلاف من أجل مكافحة العنصرية في إسرائيل»، والمشكّلة من منظمات عدة، فإن الحوادث الناجمة عن أسباب عنصرية، تضاعفت أربع مرات منذ عام ‬2008، وكان هناك ‬16 حالة هذا العام، مقارنة بـ‬63 حالة في الفترة بين مارس ‬2012 وفبراير ‬2013.

وأحد هذه الأحداث كان ضد المعلمتين ريفايتال فولكوف وزميلتها شهد أبوسميرا (‬25 عاما)، وهي مسلمة كانت ترتدي حجابا عندما وقع الحادث، وكانت المدرستان في طريقهما إلى مراسم عزاء عندما أوقفت فولكوف سيارتها في الجزء اليهودي من القدس، وفي الحال سمعت المرأتان أصواتا تصرخ، وقالت فولكوف لاحقا «كانت هناك مجموعة كبيرة من الأطفال واليافعين الواقفين في المكان»، وفي البداية لم تفهما ما يريدون، لكن الشبان راحوا يبصقون ويصرخون ويلقون زجاجات البرتقال والماء عليهما، وصرخوا عليهما «عرب سفلة»، وبدأت شهد بالبكاء ومن ثم هربتا للاختباء.

وكانت اليهودية فولكوف قد شهدت حرب ‬5 يونيو، وحرب أكتوبر، وكانت جندية شاركت في الحرب على لبنان، إلاأنها ظلت تؤمن بإمكانية الحوار. وعندما سألت اليهود لماذا يفعلون ذلك، أجابوها جميعا «أنت يهودية سافلة، تصادقين عربية قذرة»، وألقوا عليها الحجارة، واضطرت للعودة الى سيارتها، حيث وجدت نافذتها مكسورة.

فوقية وشعور بالتهديد

هاجر والدا فولكوف من اليمن، لذلك فإن بشرتها تميل إلى السمرة، الأمر الذي جعلها تعاني التمييز في المجتمع الاسرائيلي بسبب اللون، إذ يأتي الإثيوبيون واليمنيون أسفل القائمة، في حين أن الأوروبيين في القمة. وهي تعلق بالقول: «في الشرق الأوسط الجميع يعانون، والعديد من الاسرائيليين يشعرون بالتفوق عسكريا، وأخلاقيا، وثقافيا، وفي الوقت ذاته فإنهم مهددون ومن يشعر بالخوف يبدأ بالكره»، والكثير من يهود إسرائيل يعتبرون العرب أعداء.

العرب أعداء

يجمع سكان شمال تل أبيب، وهم من الموسرين، التوقيعات لمنع العرب من الانتقال للمنطقة والسكن بها. وفي مدن أخرى يتعرض للانتقاد من يقوم ببيع أو تأجير منزله للعرب الاسرائيليين. وكتب محافظ الناصرة إيليت نشرة صحافية لتهنئة السكان لأنهم تمكنوا من المحافظة على السكان اليهود فيها بنسبة ‬82٪. ودعا المواطنين إلى «محاربة حق كل شخص في إسرائيل في العيش حيث يشاء»، وقال أستاذ القانون بالجامعة العبرية موردخاي كرمنتزر «العرب يتعرضون للاعتداءات فقط لأنهم عرب، وبالنظر إلى تجاربنا يجب أن يكون من الواضح أن هذه الأشياء يجب ألا تحدث». وأضاف كرمنتزر «هل يجب أن يكون اليهود أفضل من الاخرين، لأنهم كانوا ضحايا كره السامية والعنصرية والاضطهاد والقتل؟». ويقول كرمنتزر إن حالة الحرب هي جزء من الحياة اليومية، وبالنظر لأنهم قوة احتلال تظهر لليهود أنهم أقوى من العرب، والعربي سواء كان يعيش بإسرائيل أو الضفة أو القطاع، فهو العدو. والمثير للغرابة أن بعض الجنود يمكن أن يخدم في الأراضي المحتلة ويظهر قوة غير محدودة، لكنه بالمساء يعدو الى جاره العربي. ويقول «جنودنا يتعلمون منذ سن مبكرة أنهم متفوقون على الاخرين»، ويرى كريمنتزر أنه لابد من الالتقاء مع السياسيين، كي يتوقفوا عن إذكاء هذه الروح لدى الشبان اليهود، لكن هؤلاء الساسة يفعلون العكس، ويفضلون أن يلفتوا الانتباه إليهم باعتبارهم كارهين للعرب.

وكتب رئيس الكنيست جولي ادلستاين على صفحة «فيس بوك» التابعة له، إن «العرب أمة يرثى لها»، وكان وزير الخارجية الاسرائيلية لوقت قريب أفيغدور ليبرمان يقول إنه يريد إبعاد العرب عن إسرائيل.

جوليا أماليا

تويتر