مستوطنة إيتمار تلتهم 75٪ من قرية عورتا
30 عاماً ومستوطنة «إيتمار» تتمدد وتلتهم المزيد من أراضي قرية عورتا، جنوب شرق مدينة نابلس المحتلة، لتتصاعد معها معاناة سكان القرية، فلا يمر يوم إلا ويتعرضون فيه لاعتداءات المستوطنين المتطرفين، الذين يقتحمون القرية ويعيثون فيها خراباً، ويعتدون على المحاصيل الزراعية، لاسيما أشجار الزيتون، إلى جانب إطلاق جنود الاحتلال في معسكر حوارة العسكري، النيران تجاه منازل الفلسطينيين.
فيما تعرضت القرية مجدداً لعاصفة استيطان قوية في ظل حر الصيف، التي تمثلت في مصادرة 370 دونماً من أراضي سكان عورتا وضمها إلى مستوطنة إيتمار، وإقدام المستوطنين فيها على قلع 600 شجرة زيتون فلسطينية تعود إلى العصور الرومية في محيط المستوطنة قبل أيام عدة.
وتعد مستوطنة إيتمار من أكبر المستوطنات بشمال الضفة مساحةً، إذ تقام على أراضي ست قرى فلسطينية جنوب نابلس، أبرزها عورتا، وتصادر أكثر من 12 ألف دونم من مساحتها البالغة 16 ألف دونم، أي ما يقارب 75٪ من مساحة القرية.
ويؤكد مسؤول ملف الاستيطان في الضفة الغربية ونابلس، غسان دغلس، أن هذه المصادرة الجديدة واعتداءات المستوطنين الأخيرة تأتي استكمالاً لخطوات قديمة جديدة بهدف مضاعفة المساحات المصادرة التي تسلب من السكان، وقد تضاعفت مساحتها 10 مرات عندما ترأس الحكومة الإسرائيلية إيهود باراك.
ويقول دغلس لـ«الإمارات اليوم»، إن الاحتلال الإسرائيلي صادر قبل أيام عدة 370 دونماً جديدة للاستخدام العسكري، وإلى جانب هذه المساحة المصادرة للمستوطنة، هناك مساحاة واسعة يمنع السكان من دخولها لذرائع أمنية، ويوجد بها الآلاف من أشجار الزيتون التي تعود لسكان القرية، ولا يسمح لهم الوصول إليها إلا بتنسيق أمني من قبل الاحتلال».
ويضيف «هذه المصادرة تزيد معاناة السكان الذين يعيشون أوضاعاً سيئة، حيث يبلغ عددهم 7000 نسمة، ولا توجد لديهم مساحات كافية للبناء في القرية التي يحطيها الاستيطان والمناطق المصادرة والمناطق العسكرية، ولا يوجد مجال للبناء والتوسع العمراني».
ويشير دغلس إلى أن هذه المساحة الجديدة التي تمت مصادرتها، فيها الكثير من أشجار الزيتون والمحاصيل الزراعية ويعتاش منها السكان ويستفيدون منها.
ويوضح أن قرار مصادرة 370 دونماً، وقطع أشجار الزيتون، ومنع السكان من الوصول إليها، يأتي بعد سنتين من نجاح الفلسطينيين باستصدار قرارات إسرائيلية بزيارة أراضيهم حتى تلك الواقعة داخل السياج الأمني.
ويقول مسؤول ملف الاستيطان في الضفة الغربية ونابلس «بعد ضغط شعبي كبير تمكن سكان القرية من الوصول إلى جزء من أراضيهم، حيث سمح لهم الاحتلال بدخولها ليوم واحد فقط في العام، وذلك بعد تنسيق أمني مسبق، لكن ذلك يكون لوقت قصير ولا يسمح لأعداد كبيرة من الدخول».
ويضيف «لكن سكان مستوطنة إيتمار أرادوا أن يقضوا على أي شيء يوصل سكان القرية بأرضهم، وقاموا بتقطيع عدد كبير منها على مدار السنوات الماضية، وكان آخرها تقطيع 600 شجرة قبل أيام عدة، إلى جانب حرق الكثير منها، كما يستخدم المستوطنون مواد كيميائية في رش أشجار الزيتون ما يتسبب في حرقها وهلاكها».
خطر «إيتمار»
وتشكل مستوطنة إيتمار، بحسب دغلس، خطراً كبيراً على سكان قرية عورتا، حيث توجد بها خلايا إرهابية من اليمين المتطرف، الذين يعتدون على السكان، ويطلقون النار عليهم بشكل مباشر، وهذا ما حدث في بداية عام 2013، حيث أطلقوا النار على اثنين من المواطنين، فيما ادعى الاحتلال أنه حالة قتل تمت بالخطأ.
كما تسببت مصادرة الأراضي لمصلحة «إيتمار» في انعدام مساحة الأراضي المخصصة لرعي الأغنام، حيث إنها محاطة بسياج أمني، ويمنع دخولها، فيما يطلق النار على كل من يحاول ذلك. ويشير دغلس إلى أن اعتداءات المستوطنين لا تقتصر على الأراضي الزراعية، فقد سيطروا على شارع يربط قريتي عورتا وعقربا في نابلس، ويبلغ طوله سبعة كيلومترات، وأحاطوه بالسياج، فيما منع السكان من دخوله، وتم ضمه إلى مستوطنة إيتمار.
كما يخطط سكان مستوطنة إيتمار إلى إقامة مهبط للطائرات داخل المستوطنة، وهو ما يشكل خطراً إضافياً على عورتا، إذ ستصبح المستوطنة محجاً للمستوطنين كافة، وذلك بحسب دغلس.
قرية محاصرة
ويأتي توسع مستوطنة إيتمار ومصادرة الأراضي استكمالاً للحصار المفروض على القرية، حيث تحيطها المستوطنة من الشمال والشرق، ويحاصرها معسكر حوارة العسكري الإسرائيلي الذي يقام على أرض القرية، ويتحكم في مدخل القرية الرئيس، إلى جانب معسكرين للرماية، ولا يتبقى لها سوى المنطقة الجنوبية وهي عن شارع لا يتعدى عرضه كيلومتراً مربعاً، وهذا ما أفاد به الباحث في شؤون الاستيطان بقرية عورتا، وأحد سكانها، عبدالسلام عواد. ويقول عواد لـ«الإمارات اليوم» إن «عورتا تبعد في الوضع الطبيعي عن مدينة نابلس ثمانية كيلومترات، لكن بسبب الحواجز الإسرائيلية والاستيطان أصبحت تمتد إلى 14 كيلومتراً، وهذا جزء من معاناة السكان المتمثلة في حرمان المزارعين حراثة أرضهم أو حتى الوصول إليها، وكذلك عدم قدرتهم على رعاية الأغنام لعدم وجود مساحات كافية من الأراضي التي تمت مصادرتها».
اعتداءات
ولا يكتفِ المستوطنون من سكان «إيتمار» بالاعتداء على سكان قرية عورتا وأراضيهم، بل يقتحمون القرية ومعهم قطيع من العجول يصل إلى 100 عجل، حيث يأكل هذا القطيع من أشجار المواطنين بشكل يومي، كما يطلقون خنازيرهم تجاه منازل وأراضي المواطنين في عورتا، حيث يتقحمون الأراضي الزراعية ويخربون الأشجار.
ويقول الباحث في شؤون الاستيطان بقرية عورتا، إن «هذا يثقل كاهل المزارع الفلسطيني في القرية، الذي بات بمفرده يواجه هذه الاعتداءات، فهو مطلوب منه أن يبقى متمسكاً بأرضه ويتعرض لهجمات المستوطنين والجيش، ويتحمل كل الأضرار والخسائر، ولا يوجد أي أحد يقف بجانبه، خصوصاً من الجانب الرسمي، حيث تمثل الأراضي الزراعية المساحة الأكبر من إجمالي مساحة القرية». وتعد قرية عورتا، بحسب عواد، من أكثر المدن الفلسطينية التي توجد بها مقامات دينية تاريخية، ومعظمها إسلامية، لكنها تعرضت لممارسات واعتداءات إسرائيلية بهدف طمسها.