أسباب واشنطن لتسليح المعارضة لا تقنع أحداً في الشرق الأوسط

الدعم الإيراني لنظام الأسد قوي وشامل

معركة القصير جسدت حرب الإرادات التي تدير الصراع في سورية. رويترز

ليس غريباً أو لافتاً أن ترسل إيران ‬4000 مقاتل لدعم قوات الرئيس السوري بشار الأسد في حربها ضد المعارضة السورية، طالما أن موقفها الداعم لنظام الأسد تجلى بكل وضوح منذ الأيام الأولى للأزمة في سورية.

ويلاحظ المتتبع لسير تطورات الحرب في سورية خلال الأسابيع القليلة الماضية، وما واكب ذلك من أحداث على مستوى ردود الفعل العالمية، أنه للمرة الأولى تجد الولايات المتحدة الأميركية نفسها متورطة في صراع طائفي المضمون والشكل في المنطقة العربية.

وثمة معلومات تبدو شبه مؤكدة عن انه تم اتخاذ قرار في طهران قبل الانتخابات الرئاسية الاخيرة بإرسال ‬4000 عنصر من الحرس الثوري الإيراني إلى سورية، لدعم نظام الأسد، وذلك انطلاقاً من اعتقاد الدوائر السياسية والأمنية الإيرانية، بأن طهران حريصة على استمرار نظام الأسد، مهما كان الثمن، وحتى ولو كلف ذلك فتح جبهة للقتال ضد إسرائيل في مرتفعات الجولان.

ومنذ الأيام الأولى لبدء الأحدث في سورية لم تتردد ايران في اتخاذ موقف الحليف الوثيق، الداعم لنظام الاسد، اذ قدمت له مختلف اشكال العون العسكري والاقتصادي والسياسي.

ومما لا شك فيه انه خلال السنوات المقبلة سيسهب المؤرخون في وصف الموقف الأميركي بعد هزيمة نكراء في العراق، وانسحاب مهين من أفغانستان، تقرر ان يستكمل العام المقبل، ويشرحون كيف وضعت واشنطن نفسها في قلب صراع طائفي اسلامي تعود جذوره إلى القرن السابع الميلادي.

وللولايات المتحدة حلف في المنطقة، يمتد من منطقة الخليج العربي إلى المغرب العربي، مروراً بالأردن ومصر ثم تركيا، بينما يضم معسكر الأعداء حزب الله والنظام العلوي في سورية، بالإضافة إلى إيران والعراق.

وهناك ما يقرب من ‬3000 خبير عسكري أميركي، وعدد كبير من عناصر الاستخبارات المركزية الاميركية في الأردن، فيما يبدو أنه تمهيد لإنشاء منطقة حظر جوي جنوب سورية، وهو امر ترفضه وتعارضه بشدة كل من روسيا وإيران والصين. ويبدو أن السبب المعلن، الذي دفع واشنطن إلى إعلان تسليح المعارضة السورية، وهو استخدام النظام السوري غاز السارين ضد مقاتلي المعارضة، لا يقنع أحداً في الشرق الأوسط، بل إنه لا يقل ضبابية عن ذرائع جورج بوش بوجود أسلحة دمار شامل لدى الرئيس العراقي السابق صدام حسين.

ومما ساعد على تغيير موقف واشنطن من تسليح المعارضة، الانتصارات التي يحرزها نظام الاسد وقواته ضد مقاتلي المعارضة، خصوصاً بعد حسم معركة القصير على حساب حزب الله، وهو الأمر الذي يهدد بإهانة واشنطن وحلفائها الذين طالبوا الأسد رسمياً وعلناً بالتنحي.

وقد وجهت جهات ومنظمات عدة اللوم الى جبهة النصرة السلفية المرتبطة بتنظيم القاعدة، بارتكاب مذابح وفظائع واعدام جنود ومدنيين سوريين، ما اساء كثيراً الى سمعة المعارضة السورية، وانطلاقاً من مرارة تجربته في الشيشان، يرفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ابداء أي تسامح ازاء المتشددين المسلمين، ولا سيما السنّة ويزيد من دعمه العسكري والسياسي لنظام الأسد، انطلاقاً من تراكم تاريخي كبير لعلاقات تعاون وتحالف بين روسيا وسورية، يسمح بإعطاء تسهيلات كبيرة للأولى، في الموانئ والمياه السورية في البحر المتوسط.

ويبدو مرجحاً ان الولايات المتحدة ستكون بحاجة ماسة لتعاون ايران لاستكمال ترتيبات انسحاب قواتها من افغانستان العام المقبل. وبالنسبة لإسرائيل فإن مسؤولاً كبيراً سابقاً في الاستخبارات الاسرائيلية وصف الرئيس الاسد بأنه «رجل اسرائيل في دمشق».

ويمكن القول إن الفلسطينيين كانوا الخاسر الاكبر على المدى البعيد مما يجري في سورية، حيث تزعم القوات الحكومية أن حركة المقاومة الاسلامية «حماس» قامت بتدريب الثوار السوريين على صناعة واستخدام القذائف، والصواريخ المحلية يدوية الصنع. وهناك من يفسر الحرب الإسرائيلية ضد حزب الله في ‬2006 بأنها كانت محاولة لضرب ايران في العمق، ولكنها في واقع الأمر وبعيون عربية، كانت تدميراً لبلد عربي هو لبنان، الذي تتعرض أراضيه لقذائف وصواريخ وإطلاق نار من سورية.

تويتر