مشروع نهر الكونغــو آخر ملاذ للمصــريين
ضمن إطار بحث العقول المصرية في كيفية الخروج من أزمة سد النهضة الإثيوبي، باعتبارها أخطر أزمة تواجه مصر منذ عهد الحاكم الفاطمي، المستنصر بالله، عندما أكل المصريون أبناءهم بعد جفاف النهر، كشفت الباحثة في شؤون المياه، رودينا ياسين، عن ملاذ أخير لإنقاذ الشعب من الفناء، وقالت ياسين لـ«الإمارات اليوم»، إن نهر الكونغو هو فقط الذي يوفر المياه بعد بناء سد إثيوبيا، مشيرة إلى إهمال مصر في عهود الرؤساء الثلاثة السابقين لنهر الكونغو، الذي يشكل مخرجا لمصر والسودان من أزمة المياه.
وقالت، ياسين إن الكونغو عرضت على الرؤساء ناصر، والسادات، ومبارك، البدء في شق قناة لنقل 1000 مليار متر مكعب من نهر الكونغو إلى نهر النيل، لكن الزعماء الثلاثة رفضوا العرض، وتركوا دول الحوض لأميركا وإسرائيل.
وقالت الباحثة، التي أقامت بالكونغو سنوات عدة، إن الرئيس المخلوع مبارك، تسبب في كارثة بتعاليه وإهماله لهذه الدول، التي تحولت من دول صديقة إلى دول تحمل مرارات تجاه مصر، خصوصا أن الكونغو تفتقر لأبسط مقومات الحداثة والمدنية، حيث توصف بأنها دولة الظلام على الرغم من أنها تملك مساقط مائية تمكنها من إنتاج أكثر من سدس كهرباء العالم، مشيرة إلى ان نهر الكونغو يمتد لمسافة 4700 كيلومتر، ويشترك فيه كل من الكونغو، والكاميرون، وإفريقيا الوسطى، والغابون، وغينيا، ولا تستخدم الكونغو منه قطرة مياه واحدة.
وقالت الباحثة التي تعد رسالة دكتوراه في نهر الكونغو، إن شق قناة بطول 600 كيلومتر من نهر الكونغو، إلى دولة جنوب السودان، سوف يمنح نهر النيل 1000 مليار متر مكعب من المياه، تلقى سنويا في المحيط الأطلسي، علما بأن ما تحصل عليه دولتا المصب، مصر والسودان، هو 84 مليار متر مكعب سنويا، وأشارت ياسين إلى أن دراسات المشروع أثبتت أنه سوف يولد طاقة كهربائية تكفي قارة إفريقيا بكاملها، دون حساب ما لديها الآن من طاقة.
وكشفت ياسين عن وجود دراسات حبيسة الأدراج، حول تحويل مياه نهر الكونغو إلى نهر النيل، وهناك ثلاثة مسارات للقناة المقترحة في هذا الشأن، موضحة، أنه يمكن شق قناة من النهر إلى منابع النيل في جنوب السودان، بطول 600 كيلومتر، وارتفاع منسوب المياه ينخفض به إلى أدنى مستوى، ليصل إلى ارتفاع 200 متر، وهو المسار الأقرب إلى التنفيذ.
وقالت ياسين، ان هناك تصوراً إنشائياً متكاملاً للمشروع بكلفة قليلة جدا لا تزيد على ثمانية مليارات دولار، تنفق في حفر القناة وإنشاء أربع محطات رفع متتالية للمياه، ستكون قادرة على توليد كهرباء 300 ترليون وات في الساعة، تكفي لإنارة قارة إفريقيا بالكامل، وأضافت أن الدراسات تشير إلى ان المشروع سوف ينتهي خلال 24 شهرا فقط، شاملة إقامة جميع مستلزماته، بما فيها من بنيات اساسية للعاملين به.
وأضافت ياسين أن المشروع سوف يتيح لمصر انشاء شبكة طرق ومسارات، يتم من خلالها ربط مدينة الاسكندرية بمدينة كيب تاون في جنوب افريقيا، وبالتالي ربط إفريقيا من اقصى شمالها في الاسكندرية، إلى أقصى جنوبها في كيب تاون، عبر خط سكك حديدية.
مؤكدة انه لا يمكن اقامة المشروع العملاق إلا بالاتفاق مع الكونغو، وجنوب السودان، وهو ما يستلزم إقامة علاقات خاصة للغاية مع الدولتين، تتضمن إعادة إعمارهما وإدخالهما في مشروعات ومصالح مشتركة، إضافة إلى بقية دول حوض النيل. واعتبرت ياسين أن مشروع نهر الكونغو، لا يمكن أن يكون دعوة للهروب من أزمة سد النهضة، لأن مصر لا يمكنها ان تعيش دون مياه، ويساند حقها القانون الدولي، ورفضت الحديث عن الحرب مع دولة صديقة كإثيوبيا، قائلة إن التحكيم الدولي هو أشد الطرق الممكنة عنفا تجاه اثيوبيا، ومشيرة، في الوقت نفسه إلى ان العلاقات التاريخية مع أديس أبابا يجب أن تستمر، لأنها تستند إلى وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم بأهل الحبشة، وعلاقة مسيحيي إثيوبيا بالمسيحيين المصريين، ودعت ياسين أقباط مصر الذين يحظون بقبول خاص في إثيوبيا إلى التحرك العاجل لشرح مخاطر سد النهضة الإثيوبي على وجود الشعب المصري، مطالبة الدبلوماسية الشعبية بالتحرك الواعي والسريع، وضم مختصين في زيارات متلاحقة لإثيوبيا. وقالت إن على رجال الأعمال دوراً كبيراً في إصلاح العلاقات مع إثيوبيا، ودول حوض النيل، مقترحة توجيه زكاة المال، لفقراء دول الحوض كما توجه للفقراء المصريين.