الأقصر تهدد بالاستقلال بعد تعيين «جهـادي» محافظاً
هدد المعتصمون أمام محافظة الأقصر ـ احتجاجاً على تعيين القيادي في «الجماعة الإسلامية» المتهم بتنفيذ «مذبحة حتشبسوت» عادل الخياط محافظاً لها ـ بإعلان استقلال المحافظة عن جمهورية مصر العربية، ما لم يتم إقصاء المحافظ. وأقام المعتصمون، أول من أمس، صلاة الجمعة أمام مبنى المحافظة المغلقة في حماية سلاسل بشرية شكلها أقباط المدينة، في أجواء شبيهة بميدان التحرير عام 2011، فيما شرعت قيادات سياسية وسياحية وأهلية من المدينة في تشكيل «تنسيقية» تقود الاعتصام في برنامج عمل متصاعد، ينتهي بخطوة ثورية لم يعلن عنها في 30 يونيو الجاري.
ودخل اعتصام مدينة الأقصر الرافض لتعيين الخياط - المتهم بعمليات عنف قُتل فيها سياح وأقباط ومثقفون في التسعينات - محافظاً لها يومه السابع، أمس، بعد أن شهد حدثين جماهيرين كبيرين خلال اليومين الماضيين، أولهما استضافة مؤتمر حركة «تمرد»، الداعي إلى انتخابات رئاسية مبكرة، والثاني إقامة صلاة الجمعة في قلب الاعتصام، إذ دعا الخطيب الذي أمها أهالي الأقصر إلى تبني الدعوة للتغيير والإصلاح، في إشارة إلى انتقاد سياسات جماعة الإخوان المسلمين.
سائحات وسط انتفاضة صعيدية شاركت سائحات في انتفاضة أهل الأقصر ضد تعيين عادل الخياط، العضو بمنظمة ارتكبت أعمال قتل جماعي للسياح، محافظاً للمدينة. ورفعت سائحة لافتة قالت «الرسالة وصلت، إرهابي محافظا لمدينة سياحية، ايها السياح لا تأتوا» . والتقت «الإمارات اليوم » بسائحة سويسرية دخلت الاعتصام، وطلبت من الاعتصام إطفاء إطار مشتعل في مدخل المحافظة، حفاظاً على الطابع السلمي للاحتجاج. وقالت السائحة، واسمها جانييت، إنها تعرف أن المعتصين إما من أهالي المدينة الطيبين أو معتصمون من حركات ديمقراطية، لكنها تخشى الانطباع الذي سيتشكل في العالم حين يرى النيران في مدخل الاعتصام، فيتصور ان مصر مشتعلة. وأكد أجانب مقيمون في المدينة لـ«الإمارات اليوم» أنهم أصبحوا عبر الإقامة من سكان المدينة. وتضم محافظة الأقصر أعداداً كبيرة من الزيجات الاجنبية، يقدرها البعض بـ5000 زيجة، وان هناك شارعاً بالبر الغربي يدعى شارع لندن، تندرا من اهالي البلدة على كثرة سكانها الاجانب. مذبحة حتشبسوت شهدت الاقصر في نوفمبر 1997 مذبحة، راح ضحيتها 58 سائحاً، بينهم طفلة على أرض حتشبسوت بالدير البحري، قامت بها مجموعة إرهابية. وأعلنت الجماعة الاسلامية بقيادة رفاعة طه مسؤوليتها عن المذبحة، بينما تبرأ منها القيادي في الجماعة والمقيم وقتها في لندن أسامة رشدي. وقال متابعون وعناصر داخل الجماعة إن المذبحة قام بها جناح طه لقطع الطريق على مبادرة وقف العنف من قبل الجماعة الإسلامية، التي أطلقت قبل المذبحة بفترة. |
وقال منسق الاعتصام والناطق باسمه هشام الدسوقي لـ«الإمارات اليوم»، إن الاحتجاج مستمر حتى 30 يونيو المقبل، «ولو تراجع الرئيس محمد مرسي عن قراره أو استقال المحافظ، لأن مشكلتنا ليست مع عادل الخياط وانتمائه إلى منظمة إرهابية تورطت في أعمال قتل منظم فقط، وإنما مع سلطة الإخوان، التي وصل استهتارها بشعب الاقصر إلى تعيين عضو منظمة إرهابية قتلت سياحاً محافظاً لمدينة سياحية».
وقالمنسق «ائتلاف ثورة 25 يناير» في الاقصر، علاء عبدالهادي، لـ«الإمارات اليوم» إن «الاعتصام يعبر عن جيل حر يناضل منذ عامين ونصف العام على أرض الاقصر، وهو جيل الثورة الذي خرج حلماً بالتغيير ، وفوجئ باختطاف الإخوان للثورة على المستوى القومي، كما فوجئ باستمرار التهميش والاقصاء والاستهتار بأهل الاقصر، الى الحد الذي يعين فيه إرهابي محافظاً لمدينة سياحية».
من جهته، أكد الناشط في «ائتلاف 25 يناير» في الأقصر، المحامي نجم عباس لـ«الإمارات اليوم»، إن هناك طرحاً يتردد بين الائتلافات الثورية وأهالي الاقصر، يدعو إلى إعلان استقلال المحافظة «بعد أن أصبح الاخوان غير مؤتمنين عليها وعلى مصالحها، وبعد أن دمروا اقتصادها وسياحتها، وتسببوا في كسادها، وواصلوا سياستهم المغامرة إلى حد تعيين إرهابيين على رأس إدارتها».
وأضاف أنه «حتى بالصيغة القانونية وليس بالصيغة الثورية فقط، تعد الاقصر إدارياً مدينة ذات وضع خاص، وهناك قرارات لـ(قوننة) هذا الوضع، وقرارات بتخصيص نسبة مئوية من دخلها لمصلحة أبنائها، وعليه فإن التفكير في (قوننة) خصوصية المدينة يمكن أن يتخذ شكلاً شرعياً ثورياً أو شرعياً دستورياً في الوقت نفسه».
أما أمين «التحالف الشعبي» بالاقصر، أبوبكر فاضل، فقال لـ«الإمارات اليوم»، إنه «مندهش من قرار مرسي بتعيين عضو ينتمي الى تنظيم إرهابي مسؤولاً عن محافظة سياحية، ولا يعرف ما إذا كان وراء ذلك تخبط سياسي أم خبث ورغبة في تدمير البلاد والسياحة».
في السياق، قال الخبير السياحي محمد فؤاد، إن نسبة الاشغال السياحي وصلت الى الحضيض في عهد الإخوان، ولم يتعد الاشغال في أفضل حالاته نسبة الـ10٪، وهناك 250 باخرة سياحية راسية لا تتحرك على ضفاف النيل، كأنه اسطول تم تدميره»، وأكد أن هذه البواخر «كانت تتحرك بآلاف السياح بين الاقصر وأسوان، وتساءل: «هل يريد الاخوان إكمال خرابهم الاقتصادي الذي صنعوه على الوادي بخراب سياسي عبر اختيار حاكم إرهابي للإقليم؟».
في الإطار، انضم سكان مدينة الاقصر من مختلف الحرف، خصوصاً العاملين في قطاع السياحة وأصحاب البازارات، وملاك اللنشات السياحية، وتجمعات من المرشدين السياحين وسائقي الحنطور، وتجار وموظفين مع ائتلافات سياسية وثورية، إذ تم تشكيل «تنسيقية الأقصر» لإدارة أزمة الاعتصام والترتيب للنزول المشترك في تظاهرات 30 يونيو.
وأصدرت «تنسيقية الأقصر» بياناً قالت فيه «إنها لا تواجه أزمة تعيين محافظ ينتمي إلى منظمة تورطت في دم وعنف، بشكل منفصل عن مواجهتها نظام مرسي الذي أوصل البلاد إلى حافة الهاوية». وأضاف البيان أن «التنسيقية » تدعو «آلاف الاقصريين إلى النزول يوم 30 يونيو دفاعاً عن حياتهم واقتصادهم ومصيرهم، بعد أن اصبح الكساد والبطالة والخراب عنوان المدينة». وشهدت ساحة الاعتصام مؤتمراً حاشداً لحركة «تمرد» الاربعاء الماضي، حضره الآلاف، كما أقام المعتصمون، على شاكلة ميدان التحرير أثناء ثورة يناير، صلاة الجمعة في ساحة الاعتصام، في حراسة سلاسل بشرية من أقباط المدينة، تأكيداً على أواصر الود والتلاحم بين مسلمي ومسيحيي المدينة.
على الصعيد المقابل، بدأت نذر التراجع عن قرار تعيين الخياط محافظاً للاقصر تتوالى، بعد فشله ومجموعة من عناصر الجماعة الإسلامية في اقتحام المحافظة نهاية الأسبوع الماضي. وعلمت «الإمارات اليوم» من مصادر مطلعة داخل الاعتصام أن تهديد الإسلاميين المتشددين بالاقتحام المسلح للمحافظة استنفر جمهوراً واسعاً من سكان المدينة، فاستعدوا للدفاع عن أنفسهم داخل الاعتصام بتشكيلة واسعة من الأسلحة البيضاء والأسلحة النارية وزجاجات المولوتوف، ما هدد بوقوع مجزرة كبرى أمام المحافظة، الأمر الذي دفع الجماعة الإسلامية إلى التراجع.
على صعيد متصل، قال الخياط الذي عاد إلى موطنه بمحافظ سوهاج، بعد أن فشل في دخول الاقصر، إنه «أرجأ تسلم عمله في الاقصر، مخافة أن يؤدي ذلك الى مزيد من أعمال العنف، وانه لن يقبل إراقة نقطة دم واحدة».
ونفى الخياط في تصريحات صحافية مشاركته في اي اعمال إرهابية، وأكد «انه يعلم تماماً أن السياحة هي العمل الرئيس لكل أهل الاقصر، ولايمكن إلا أن يعمل على جذب السياح للمدينة». كما أصدر الخياط صباح، أمس، بياناً طالب فيه اهالي الاقصر «بإعطاء فرصة له لتنفيذ أفكاره التنويرية بشأن المحافظة»
وتبرأ الخياط من وجود اسمه ضمن منفذي عملية «حتشبسوت»، وقال إن «الجماعة الاسلامية أصلاً ليست هي التي نفذت المذبحة».
في الإطار ذاته، علمت «الإمارات اليوم» أن «اتصالات مكثفة تجري بين حزبي «البناء والتنمية» (الجماعة الإسلامية)، والحرية والعدالة (إخوان مسلمين)، يهدف الى التراجع عن القرار بتعيين الخياط، إما عن طريق قيامه بتقديم استقالته أو باستبدال توليه محافظة الاقصر بمحافظة أخرى».
وقالت مصادر في الجماعة الإسلامية لـ«الإمارات اليوم» إن الخياط قدم بالفعل استقالته للرئاسة وفي انتظار الرد عليها، لكن مصادر الاعتصام بالأقصر قالت إن احتجاجها مستمر في كل الاحوال «حتى تتضح آلية لسياسة مسؤولة عن المدينة السياحية».