انتخاب روحاني يجعل الخيار العسكري ضد إيران غـــير عقلاني
بحصوله على الأغلبية الحاسمة والمطلوبة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، أصبح السياسي الايراني المخضرم حسن روحاني الرئيس السابع لإيران، منذ قيام الثورة الاسلامية 1979. وفور الاعلان عن فوزه، أكد روحاني أنه سيقتفي في سياسته الخارجية آثار الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي، التي كانت قائمة على تقليل التوترات، وتعزيز التفاعل البناء والايجابي مع العالم.
ويتطلع روحاني إلى إحياء نهج خاتمي وسياساته، على أمل فتح نافذة لتوفير فرصة للتوصل إلى اتفاق أو تفاهم بشأن أزمة ايران مع الغرب، حول طموحاتها النووية، وقال إن إيران ستسعى تحت رئاسته إلى سحب ملف برنامجها النووي من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والتخفيف تدريجيا من العقوبات الدولية المفروضة عليها، والتأكيد على حقها في الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية، ضمن الأطر والأعراف الدولية. وكانت فلسفته بشأن التفاعل مع العالم السبب الرئيس في انتخابه، ما أتاح للغرب وإيران فرصة طيبة لتحقيق اتفاقية نهائية بشأن المسألة النووية، ومن شأن التوصل إلى مثل هذه الاتفاقية زيادة قوة تأثير إيران إقليميا وعالميا، وتوسيع قاعدة تعاونها الثنائي مع معظم الدول الغربية، وكثير من دول العالم، إضافة إلى أنه يعزز فرص الامن والاستقرار والسلام في الشرق الأوسط والعالم عموما.
ولابد من ملاحظة أنه بعد انتخاب روحاني بنزعته الاصلاحية المنفتحة، ليس للغرب أي حق في توقع أي شيء غريب أو غير منطقي من إيران. وضمن هيكل السلطة في ايران كان روحاني واحدا من اللاعبين الرئيسين في تصميم وتخطيط السياسة الخارجية، وليس الوحيد، الأمر الذي يتيح له أكثر من غيره استقطاب تأييد شعبي لسياسته الخارجية. وحتى يمكنه التوصل إلى اتفاق مع ايران، فإنه يتعين على الغرب أن يأتي بطريقة واضحة محددة المعالم لزيادة الشفافية بشأن البرنامج النووي الايراني، ومنع أي محاولة لتحويله إلى الأغراض العسكرية. وكما هي الحال مع التجارة، فإن الدبلوماسية الناجحة يجب أن تقوم على أساس التعامل مع سلع ومنتجات متساوية في قيمتها، فأي اتفاق بين ايران والغرب ينبغي ان يكون مرتكزا على هذا المبدأ في عالم التجارة. وفي هذا المعنى قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران، البروفيسور سيد سلمان سفافي: «من الطبيعي بالنسبة لعلاقات التبادل التجاري، أن يتم اتباع خطوات منطقية متسلسلة على أساس نقد مقابل نقد، وهذا يعني أن أي عمل تقدم عليه إيران لابد أن يكون رد فعل لأي خطوة أو عمل مماثل من الغرب. وكنتيجة لسياسة تتطلب من إيران الدفع نقدا، فإنه يجب عليها أن تضع في اعتبارها أن الغرب لن يقبل لفترة طويلة بعضا من سياساتها، وفي المقابل لا يمكنه ان يطلب منها تغيير حقائق قائمة على ارض الواقع، كالتخلي عن إنجازاتها النووية مقابل عدم فرض مزيد من العقوبات عليها.
ولعل الهدف الأول ـ الذي تسعى إيران إليه ـ هو الاستخدام السلمي للطاقة النووية، كما أنها تواصل خطواتها بشأن ممارسة حقوقها النووية، استنادا إلى آليات وأطر المعاهدة الدولية لحظر الانتشار النووي، وعليه فإنه يتوجب على الغرب أن يدرك مدى أهمية وجود روحاني في الرئاسة الايرانية، من أجل العثور على طريقة واقعية، لإزالة التوترات بين الجانبين.
وفي الوقت الحالي، فإن الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا، ليسا في موقع يسمح لهما بالتلويح بالخيار العسكري ضد ايران، لأن شعبها ملتف حول قيادته الجديدة برئاسة روحاني الذي شهد العالم بنزاهة انتخابه، لأن التهديد بخيار استخدام القوة سيبدو غير عقلاني وغير منطقي، ومن المرجح أنه سيكون من مصلحة الدول الغربية التفاوض مع القيادة الايرانية الجديدة حول الملف النووي بما يكرس نهج الاعتدال في ايران بدلا من دفعها إلى التطرف نتيجة تهديدها باستخدام القوة، كما أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة توفر مصدرا هائلا من القوة الناعمة لمساندة السياسة الخارجية الجديدة لإيران، ومن الأفضل لنا ألا ننسى أن التهديد باستخدام القوة، تكون له فاعليته ضد الحكومات التي تعاني نقص الشرعية أمام شعوبها، ولن يكون لإيران بقيادة روحاني أي شبه مع العراق بقيادة صدام حسين، أو أفغانستان تحت حكم «طالبان»، أو ليبيا بقيادة معمر القذافي، وبالتالي فإن أي تهديد عسكري لإيران لن يكون فعالا أو مؤثرا . ويمكن القول إن العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على إيران ربما كانت السبب الأقوى الذي دفع الايرانيين إلى التصويت لمصلحة روحاني. وعلى كل حال فإنه سيكون أمرا كارثيا بالنسبة للغرب اعتقاد أن مواصلة فرض العقوبات على إيران سيرغمها على الرضوخ والتوسل إليه جاثية، ولابد للغرب من الأخذ بعين الاعتبار أن 50٪ من الايرانيين صوتوا لمصلحة نهج روحاني الإصلاحي والمنفتح والمختلف.
علي أوميدي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة آصفهان