«إخواني» يتبرأ من ابنه عضو «تمرد».. وزوج يطلق زوجته «المخالفة له سياسياً» أمام لجنة انتخابية

صراعات السياسة تفسد العلاقات الأسرية بين المصريين

الأزمة السياسية تلقي بظلالها على العلاقات الاجتماعية بشكل سلبي. الإمارات اليوم

تسببت الصراعات السياسية الجارية  بمصر في الحاق الأذى بنسيج العلاقات الأهلية والأسرية في المجتمع، ووصلت حدة الصراعات في حالات الى قطيعة وطلاق. وفي حين قلل خبراء من خطورة التجاذبات باعتبارها عابرة، حذر آخرون من تفاقمها في ظل اتساع اهتمام المصريين بالسياسة وطغيانها على كل مظاهر الحياة الأخرى.

فقد شهدت موجة الأحداث الأخيرة التي تلت تظاهرات 30 يونيه الماضي، وقائع غير انسانية لافتة، كان ابرزها الملاسنة الخشنة بين الناشط في حركة تمرد وعضو حزب الدستور محمد عربي، ووالده القيادي  الاخواني الحاج عربي حسين، على صفحات الجرائد المصرية،  بعد اصابة الأول في التظاهرات مطلع الشهر الماضي، وإصرار الاخير على عدم زيارته في المستشفى والتبرؤ منه بسبب اختلافات آرائهما السياسية.

وكان محمد عربي قد اصيب  برصاصة في كتفه بعد ان توجه للاعتصام في ميدان التحرير بتاريخ 28 يونيه 2013، نقل بعدها الى مستشفى الهلال، ثم الى مستشفى الشيخ زايد، بعد اكتشاف وجود ارتشاح وقصور في الدورة الدموية بسبب الرصاصة، لكن والده المعتصم في رابعة العدوية رفض الذهاب اليه، مصرحاً لوسائل الإعلام بأنه «استعوض الله فيه من زمان»، يقصد منذ انضمامه لحركة «تمرد».

وقال شهود لوسائل الإعلام المصرية، إن «العلاقة بين عرابي الابن والأب فسدت منذ بدايات الثورة المصرية، واختيار كل منهما طريقاً سياسياً مختلفاً عن الآخر، وقد فاقمتها النقاشات السياسية الحادة بينهما».

وقال الاعلامي والمتابع للشأن السياسي خالد ابوالروس لـ«الإمارات اليوم»: إن «حادثة العربي هي قمة جبل الجليد في ما يحدث بمصر من تجاذبات اجتماعية بسبب السياسة، فهناك واقعة المدرسة (مرفت) التي رفعت دعوى قضائية للخلع من زوجها بعد 12 سنة زواج بسبب موقفهما المختلف من الرئيس المعزول محمد مرسي، وهناك  حالة مؤيد المرشح الرئاسي السابق احمد شفيق، الذي طلق زوجته بعد ان اعترفت بتصويتها لمرسي، وهناك الزوج الذي طلق زوجته داخل اللجنة 52 بمدرسة السهو الاعدادية بالمنيا حيث نكثت باتفاقهما على التصويت لمصلحة مرسي، واضطر القاضي فيها إلى تحرير محضر بالواقعة بعد ان ألقى الزوج يمين الطلاق امام جمهور من الحاضرين ووسائل الإعلام».

وقال عضو اللجنة المركزية لحزب التحالف الشعبي موسى ابوقرين لـ«الإمارات اليوم»: إن «الأمر يحتاج الى كثير من الحكمة، خصوصاً ان مجتمعاتنا في الصعيد متشابكة، والعائلة الممتدة معرضة لأن تضم مناصرين لكل الاتجاهات، ويندر ان تكون هناك عائلة ليس منها من هو عضو سابق في الحزب الوطنى المنحل، او من ليس في احزاب دينية او ليبرالية او قومية أو يسارية».

من جهته، شكك الخبير الأمني وضابط الشرطة السابق عبدالستار حسين في حديث لـ «الإمارات اليوم»: أن تكون «الأسباب السياسية»، هي المسؤولة عن المشكلات الانسانية في مصر الآن.

وقال حسين «في مثل هذه الظروف، تكون هناك مشكلات شخصية كامنة في الخلفية حول امور مختلفة، لكنها تقفز الى السطح مستغلة المناخ السائد، اما لعدم رغبة في ذكر الاسباب الحقيقة، أو لميل الناس الى تحويل الأمر الى طرافات، هذا علاوة على بعض المبالغات الإعلامية».

على صعيد متصل، شهدت صفحات موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» موجة من إلغاء الصداقات بسبب الصراعات السياسية بعد 30 يونيه، بحسب روايات عشرات الناشطين السياسيين.

وقال القيادي بجبهة الانقاذ والناطق باسمها في الصعيد نصر القوصي لـ«الإمارات اليوم»: «رغم تعرضي لحملات شخصية، نادراً ما الغي صداقة، لكن اعرف من اصدقائي من يقوم يومياً بإلغاء عشرات الصداقات بسبب السياسة، كما رصدت حملات موجهة في صفوف الليبراليين لإلغاء صداقة من يشتبه في انه اخواني والعكس بالعكس». وتابع القوصي «هناك مشكلات وقعت على الشبكة العنكبوتية عبر نقاش، تحولت الى مشكلات حقيقية وضرب وملاحقة في الواقع.. نحن وصلنا الى هذا المستوى».

على الصعيد المباشر، استمعت «الإمارات اليوم» عبر وجود ميداني لها في أربع مدن صعيدية هي الأقصر وقنا وقوص وقفط، اثناء اجازة عيد الفطر المبارك، الى روايات على لسان اصحابها وشهودها، عن انفصال فتاة عن خطيبها، وصدام زوجة مع زوجها وأخيها، وبناء جدار بين بيوت ابناء عمومة، وهروب شاب من بيت والده الى رابعة العدوية، بسبب الخلافات السياسية. وقال شاهد عيان من مدينة الأقصر التي شهدت اشتباكات شرسة بين مناصري ومؤيدي مرسي  التقته الصحيفة «المشكلات المعلنة لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من  تلك الواقعة، الخلاف الآن في كل بيت تقريباً، ولا أبالغ في أن اقول إن هناك شبح حرب أهلية بالفعل، لكن في المقابل، النسيج الاجتماعي العائلي في الصعيد منع كوارث، ففي كل مرة حدث صدام بين أنصار وخصوم مرسي، تحرك العقلاء من كل العائلات  وأجروا مصالحات  لاحتواء الموقف، والاتفاق على أن يلتزم كل فريق بالتعبير السلمي عن آرائه».

 

تويتر