80 % من سكان المدينة باتوا تحت خط الفقر ضمن سياسة مبرمجة لتهويد المدينة
الحصار الإسرائيلي يدمر اقتصاد القدس
داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس المحتلة تنفرد إسرائيل بالسكان المقدسيين، الذين يتعرضون يومياً لصراع اقتصادي واجتماعي وسياسي يقض مضاجعهم، فعندما أقام الاحتلال جدار الفصل العنصري، وعزل القدس عن بقية المدن والقرى الفلسطينية، كان يهدف لحصارها، وتنفيذ المزيد من المخططات التي تخنق السكان، وبالتالي تكتمل حلقات التهجير والتهويد.
واتخذت إسرائيل من هذا الحصار ذريعة لتدمير الاقتصاد المقدسي، وإضعاف الحركة التجارية فيها، حتى أصيبت أسواق البلدة القديمة بشلل تام طال جميع المحال التجارية فيها، فقد أدى عزل القدس إلى إبعاد 250 ألف مقدسي من بينهم التجار، إلى جانب منع سكان الضفة الغربية وقطاع غزة من دخولها، وبالتالي فقدت الأسواق عددا كبيرا من ركائز تنشيط الحركة التجارية.
كما يتعرض أصحاب المحال التجارية إلى مضايقات من قبل موظفي بلدية الاحتلال، وفرض العديد من الضرائب المرتفعة مقارنة بالأجور التي يحصلون عليها، ما يكبدهم خسائر اقتصادية كبيرة.
ويقول مدير مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية زياد حموري، لـ«الإمارات اليوم»، «تعتمد القدس على نوعين من السياحة والتجارة، داخلية وخارجية، فالداخلية متمثلة بسكان الضفة الغربية وقطاع غزة والمدن والقرى الفلسطينية المحيطة، لكن بعد عام 1993 تم عزل القدس وقطع التواصل الجغرافي مع هذه المناطق، وتم إقامة حواجز بدعاوى أمنية، وبالتالي اقتصرت التجارة الداخلية على سكان القدس حملة الهوية الزرقاء».
ويضيف، أنه في عام 2002 وبعد بناء جدار الفصل العنصري عزلت القدس تماما عن بقية المدن المحيطة بها، حتى أبناء المدينة المقدسة تم عزلهم خلف الجدار، لتخسر القدس أحد مكونات الحياة والتجارة فيها.
ومن القرى والمناطق التي عزلها الاحتلال عن القدس بيت إكسا، والعيزرية وأبوديس، وهي قرى مجاورة للقدس، ولا تبعد عنها سوى نحو كيلومترين، لكنها اليوم باتت خارج حدود المدينة، بعد أن كان سكانها يمثلون رئة القدس ومتنفسها، وكانوا إحدى ركائز الدخل التجارة فيها.
أما السياحة والتجارة الخارجية في القدس، بحسب حموري، فهي متمثلة في الزوار والسياح من خارج فلسطين، لكن هذه السياحة تسيطر عليها إسرائيل، وهي تتحكم في المناطق التي يدخلها السياح، ولا يسمح لهم الاحتلال بدخول الأسواق والمناطق الفلسطينية، ما يتسبب في ضعف الحركة التجارية في أسواق القدس.
ويقول حموري، إن القدس بقيت خاوية من أي فلسطيني سوى حملة الهوية الزرقاء التي يفرضها الاحتلال على من يبقى في المدينة، وهؤلاء يمثلون القوة الشرائية في القدس، ولكن 80% من هؤلاء تحت خط الفقر، ولا يمتلكون القدرة على الشراء، وهذا ينعكس سلباً على الحركة التجارية لمحال القدس، ويؤدي إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية للمدينة.
ويشير إلى أن الاحتلال أغلق أكثر من 250 محلاً تجارياً في أسواق البلدة القديمة في القدس، وما تبقى من المحال يعاني ركودا اقتصاديا خصوصاً التي كانت تعتمد على السياحة.
ويؤكد أن التجار اليوم في القدس غير قادرين على الإيفاء بالتزاماتهم اليومية، ويخرجون كل أسبوع في مسيرات يطالبون فيها بتقديم مساعدات لهم، بعد ان كانوا هم الذين يقدمون مساعدات للناس.
مضايقات
ويواجه أصحاب المحال التجارية في القدس صعوبة كبيرة في توفير البضائع، بسبب قلة الدخل اليومي لهم، وارتفاع الضرائب التي يجمعها الاحتلال منهم، إلى جانب الحصار والعزل، ما يساهم في إضعاف الحركة التجارية في القدس، كما يؤكد لـ«الإمارات اليوم» وليد أبوسارة، أحد التجار وأصحاب المحال التجارية في القدس.
ويقول أبوسارة صاحب محال للملابس في شارع الفاتح صلاح الدين، وهو أحد المواقع الحيوية بالقدس، «إن أصحاب المحال التجارية في أسواق القدس يعانون ركوداً اقتصادياً قاتلاً، وأوضاعاً كارثية، وضعف الإقبال والشراء، إلى جانب عدم توافر السيولة لشراء البضائع، ومحدودية الأماكن التي نشتري منها البضائع بفعل إغلاق جميع الطرق المؤدية إلى خارج المدينة.
ويشير إلى أن الاحتلال يتحكم بحركة الأسواق الفلسطينية في القدس، ويفرض المزيد من الضرائب على المحال التجارية، كما يتعرض أصحاب المحال لمضايقات ومعاملة غير أخلاقية من قبل موظفي البلدية وعناصر الشرطة.
ويقول أبوسارة، «إن بلدية الاحتلال تفرض علينا مخالفات يومية ومتعمدة بحق أصحاب المحال التجارية المقدسية، فإذا كان صاحب محل يعرض بضاعته على باب المحل من الخارج، يهاجمون محله، ويرفعون البضاعة، ويحررون مخالفة تصل إلى أكثر من 500 شيكل، وهذا المبلغ لا نقدر على توفيره في اليوم الواحد، في الوقت الذي نعاني فيه قلة الأجور مقارنة مع السكان اليهود في القدس الغربية».
ويضيف، «هذا ما حدث معي منذ أسبوعين، فالمحل الذي أملكه لا تتجاوز مساحته 50 متراً مربعاً، وأبيع فيه ملابس شعبية، وأضطر لعرض البضاعة على باب المحل حتى نجذب الزبائن، وفوجئت بموظفي البلدية الذين اقتحموا المحل، وخالفوني بما يصل إلى 500 شيكل».
ويقول «شعرت بالضيق والاستهداف المتعمد، لأنه في هذه الأحوال من المفترض أن يحذرني ويلفت نظري، وليس أن يمارسون بحقنا مثل ذلك».
ضريبة الأرنونا
يعاني أصحاب المحال التجارية في القدس ديونا وضرائب كبيرة، خصوصاً ضريبة «الأرنونا»، التي باتت سيفاً مسلطاً على رقاب أبناء القدس للسيطرة على أملاكهم، بدعوى تراكم الديون الضريبية.
وتعد «الأرنونا»، بحسب حموري، ضريبة تجمعها البلدية مقابل الخدمات التي تقدمها للسكان، ولكن البلدية تجع مبالغ باهظة، إذ يدفع أصحاب المحال على المتر الواحد سنويا 300 شيكل، أي ما يقارب (85 دولاراً).
ويلفت إلى أن الاحتلال لا يريد أن يخفف مبلغ الضريبة عن المقدسيين، ويهدف إلى تراكم الديون عليهم حتى تصبح المحال والمنازل خاضعة للمصادرة.
ويقول مدير مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، «إن 85% من المقدسيين مدينين للاحتلال بسبب تراكم هذه الضريبة عليهم، وهذا يشكل خطورة كبيرة عليهم، إذ يتم رفع قضايا عليهم في المحاكم، وبالتالي يتعرض ملكه للسحب مقابل تراكم الديون».
ويضيف، «هناك محال تجاوزت ديونها المليون شيكل، ولا يمكن لأصحابها سداد المبلغ، وبالتالي فمحالهم معرضة للسيطرة والتهويد من قبل الاحتلال بدعوى تراكم الديون».
ويؤكد حموري أن ما يقوم به الاحتلال ضد المحال التجارية هو سياسة مبرمجة ومعدة مسبقا من قبل الاحتلال لتدمير الاقتصاد والتجارة في القدس، وإكمال مسلسل السيطرة والتهويد على كل أملاك القدس.
من جهته، يقول أبوسارة، «إن ضريبة الأرنونا مرتفعة جداً وأكثر من قدرة سكان القدس ودخلهم اليومي، فمحل تجاري لا تتجاوز مساحته 50 متراً تفرض عليه ضريبة تصل إلى 20 ألف شيكل سنويا».
ويضيف، أنه «في الوقت الذي تتحكم فيه بلدية الاحتلال بالقدس بحياتنا، وتفرض الضرائب المرتفعة، إلا أنها لا تقدم لنا الخدمات المطلوبة، ولا تهتم بالأسواق والمناطق العربية التي تنعدم فيها خدمات النظافة مقارنة مع المناطق في القدس الغربية».
ولا تقدم إسرائيل الخدمات للمقدسيين مقابل جمع الضرائب الباهظة منهم خصوصا (الأرنونا)، إذ يستخدم الاحتلال 35% من الضرائب التي يجمعها من المقدسيين لمصلحة ميزانية الإسرائيليين، فيما يقدم 5% منها لصالح العرب، كما يستخدم جزءاً من تلك الضرائب لصالح بناء وتوسيع المستوطنات المقامة على أرض القدس الشرقية.
الجدار العنصري
بعد بناء جدار الفصل العنصري في عام 2002، عزلت القدس تماما عن بقية المدن المحيطة بها، حتى أبناء المدينة المقدسة تم عزلهم خلف الجدار، لتخسر القدس أحد مكونات الحياة والتجارة فيها. ومن القرى والمناطق التي عزلها الاحتلال عن القدس بيت إكسا، والعيزرية وأبوديس، وهي قرى مجاورة للقدس ولا تبعد عنها سوى نحو
كيلومترين، لكنها اليوم باتت خارج حدود المدينة، بعد أن كان سكانها يمثلون رئة القدس ومتنفسها، وكانوا إحدى ركائز الدخل للتجارة فيها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news