بسبب تغير الجغرافيا السياسية لدول جنوب شرق آسيا
اليابان تستعرض عضلاتها العسكرية

«ازومو» اكبر سفينة حربية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. أ.ف.ب
أصبحت اليابان تتوسع عسكرياً تحت قيادة رئيس الوزراء الصقوري، شينزو آبي، وتتحدث بلهجة تنضح بالتحدي للأمم التي تعتقد أنها تهدد سيادتها. إذ يعتقد آبي، والمحافظون الآخرون في الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم أن روح الساموراي تعتبر جزءاً اصيلاً من تركيبة الأمة اليابانية.
بيد أن احياء بطولات الساموراي تلك تستلزم تعديلاً للدستور الياباني الذي ينص على تحريم أي عمل عسكري الا اذا كان دفاعاً عن النفس، ولا يمكن استكمال ذلك التعديل على أرض الواقع الا بموافقة ثلثي اعضاء الغرفتين التشريعيتين، ومن ثم طرح التعديل على استفتاء شعبي. بيد أن آبي يعتبر هذا التعديل أحد «مهامه التاريخية». وفي هذه الاثناء يندلع جدل مستفيض حول ما اذا كانت اليابان ستصبح ذات يوم دولة مثل بقية الدول الاخرى لها قوات مسلحة عادية. ويقول السكرتير العام للحزب الديمقراطي الليبرالي، شغيرو أشيبا، إن «الدستور الياباني ينص على عدم امتلاك اليابان قوات برية أو جوية أو بحرية»، ويتساءل «هل هذا صحيح؟» ويجيب عن ذلك بقوله «إن اليابان تمتلك جيشاً وقوات بحرية وبرية، لدينا الكثير من الطائرات الحربية والدبابات، دعونا نتوقف عن اطلاق الأكاذيب لأن الدستور والواقع الياباني مختلفان تماماً، ونعتقد انه حان الوقت لكي يعكس الدستور الواقع الياباني».
ويأتي هذا الموقف الياباني القوي في وقت تتغير فيه الجغرافيا السياسية في آسيا، حيث فرضت الصين سيادتها الاقتصادية على اليابان وحلت محلها قبل ثلاث سنوات كثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم. والآن وبعد بلوغها هذا الهدف صارت بكين تستعرض عضلاتها على كل شيء بدءاً من التجارة وانتهاء بالهيمنة على المنطقة.
وفي هذه الاثناء قررت الولايات المتحدة اعادة اهتمامها بآسيا عن طريق زيادة سفنها الحربية من 50% إلى 60% بحلول 2020، الا أن اعادة التوازن، كما تطلق عليه الآن ادارة اوباما، يعتمد على أن تكون واشنطن غير مشغولة بمشكلات الشرق الاوسط، وايضاً على استعداد تحمل المزيد من المغامرات خارج حدودها. ويقول أشيبا، «عندما ننظر إلى 10 أو 20 أو 30 عاماً قادمة فينبغي أن نضع في الاعتبار اضمحلال القوة الاميركية»، مشيراً إلى تقليص النفقات العسكرية الأميركية.
ويقول استاذ العلوم السياسية في جامعة صوفيا في طوكيو، كويشي ناكانو، إن «صانعي السياسة الأميركيين ارسلوا رسائل غاية في الوضوح إلى آبي يخطرونه فيها بعدم ترحيبهم بأي خطوة في اتجاه بعث الامجاد اليابانية». الا أن الموقف الصامد الذي اتخذه آبي أكسبه بشكل مدهش بعض الحلفاء، فقد قوى علاقاته الاقتصادية مع الهند وبورما. وتنظر أمم جنوب شرق آسيا إلى اليابان بوصفها قوة يمكنها مواجهة النمو العسكري الصيني في المنطقة، على الرغم من أن تلك الامم كانت قد عانت من قبل اضطهاد القوة الامبراطورية العسكرية اليابانية. ويكشف استطلاع اجراه مركز بيو أن الفلبينيين والإندونيسيين والماليزيين ينظرون إلى اليابان نظرة ايجابية.
في يوليو الماضي لقي آبي ترحيباً حاراً في الفلبين، وهي الدولة التي قمع فيها الجنود اليابانيون عام 1942 ما يسمى بـ «مسيرة الموت» في بتان. ويأتي ذلك الترحيب بسبب الصراع بين بكين ومانيلا على بعض الجزر في بحر الصين الجنوبي، الذي تعتبره الصين بحراً خاصاً بها وحدها.
وزادت ميزانية الدفاع اليابانية هذا العام لأول مرة منذ 11 عاماً بنسبة 0.8%. وفي اغسطس الماضي طالبت وزارة الدفاع بزيادة الانفاق بنسبة 3% الذي يعتبره أكثر من محلل قفزة كبيرة لأكثر من عقدين من الزمان. وعلى الرغم من القيود الدستورية بعدم استخدام القوة العسكرية للأغراض الهجومية، فإن اليابان تعتبر سادس اكبر دولة في العالم انفاقاً على الشؤون الدفاعية. هذا الصيف كشفت اليابان عن «ازومو» اكبر سفينة حربية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، التي تشبه حاملة الطائرات.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news