سورية تحتاج إلى سلام حقيقي لا عملية بلا نهاية

في وقت يبدو فيه موقف نظام الرئيس السوري بشار الأسد وحكومته متجانساً وموحداً تجاه أي جهود لحل الأزمة في سورية، على نقيض موقف المعارضة، التي تفتقر إلى توحيد فصائلها قبل مواقفها، قالت بعض هذه الفصائل قبل أيام، إنه لن يكون هناك دور للأسد في مفاوضات السلام والعملية المترتبة عليها لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، وهو ما أكده وزراء خارجية بعض الدول.

وعوضاً عن العمل على إنهاء الصراع الدامي في سورية، فإن «مؤتمر جنيف» يبدو كأنه حيلة أميركية لبدء محادثات بلا نهاية، بينما أكد وزراء خارجية دول «مجموعة أصدقاء سورية» أن الأسد لن يكون له أي دور عند انتخاب حكومة انتقالية قادرة على المضي قدماً للانتقال بالبلاد من الاقتتال إلى الاستقرار.

ونظراً لعدم الإيفاء بالوعود السابقة التي قطعت للمعارضين السوريين، فإنهم لا يبنون آمالاً كبيرة على مؤتمر «جنيف 2»، على الرغم من الجهود المكثفة والمتواصلة التي يبذلها مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الأخضر الإبراهيمي لعقده في 23 نوفمبر المقبل.

وبدلاً من المطالبة بوقف غير مشروط لإطلاق النار بين المعارضة والقوات الحكومية السورية، ورفع الحصار عن المناطق السكنية وتأمين خطوط إمدادات لوكالات الإغاثة الدولية، فإن «أصدقاء سورية» يطالبون الأسد باتخاذ تدابير لبناء الثقة قبل البدء بالمحادثات.

وبعد المجزرة التي خلفها النظام السوري باستخدامه الأسلحة الكيماوية، وبعد تجاوز الأسد الخطوط الحمراء التي وضعها الرئيس الأميركي باراك أوباما، فإن واشنطن التي ترفع شعار«لا لحروب جديدة»، تبدي حرصا على عدم التورط المباشر في الوضع الدموي المستمر في سورية. وعلى سبيل الافتراض، فإن التوصل إلى اتفاقية شبيهة باتفاقية أوسلو قد تكون مناسبة تماما للأسد، الذي يتطلع إلى اتفاق مماثل لاتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الاهلية في لبنان. ويستمر نظام الاسد في اعتبار مقررات جنيف كأرضية ومرجعية لمحادثات تفضي إلى اتفاق مع المجموعات التي يسميها «المعارضة الوطنية». ومن شأن الفشل في التوصل إلى خطوات لبدء مرحلة انتقالية سياسية أن يعيد تفجير الموقف ليتجدد الاقتتال بين السوريين لتزداد الامور تعقيداً.

ويرى كثير من السوريين أن مثل هذه الخيارات كارثية بعد مرور عامين ونصف العام على المعاناة الكبيرة للشعب السوري، وبعد ما بذلوه لطي صفحة مؤلمة من تاريخ سورية ثم النهوض وإعادة بنائها من غير وجود هذا النظام البالغ القسوة للأبد.

ويبدو مرجحاً أن أكثرية السوريين، التي تبدو متلهفة لوضع حد لمعاناة الشعب واتخاذ تدابير وخطوات سريعة لإعادة الحياة إلى طبيعتها، تريد التوصل إلى نسخة خصوصاً من «اتفاق دايتون» الذي جلب السلام إلى البوسنة والهرسك.

وبالنسبة لروسيا التي نجحت في استبعاد محاولات الدول الغربية للتدخل عسكرياً في سورية، فيبدو أنها ليست في عجلة من أمرها بالنسبة لانعقاد مؤتمر «جنيف 2» وبدء محادثات تمهد لعملية انتقالية، وهذا ما يناسب نظام الأسد، ويلتقي في نهاية المطاف مع الرغبة الأميركية في استمرار العملية الدبلوماسية أطول وقت ممكن.

وليس هناك من شك في أن الولايات المتحدة (إذا رغبت في تحمل مسؤولياتها بجدية) لديها القدرة والاهتمام والالتزام بالمساعدة على وضع حد للصراع الدموي في سورية.

ريم علاف كاتبة سورية

 

الأكثر مشاركة