أطفال المعضمية يموتون جوعاً بعد «الكيماوي»

لم تنتهِ محنة مدينة المعضمية حتى الآن، فبعد أن كانت أحد الأهداف للهجوم الكيماوي في 21 أغسطس الماضي، تواجه الآن حصاراً عنيفاً حتى أصبح سكانها على شفا الموت جوعاً. وتقع هذه البلدة، التي تمثل معقلاً لمقاتلي المعارضة السورية، في الجنوب الغربي لمدينة دمشق، وحسب المصادر المحلية، فإن تسعة من سكان المعضمية ماتوا من قلة الطعام، منهم سبعة أطفال. وثمة 90 طفلاً آخرون قد وضعوا تحت المراقبة في المستشفى الميداني الواقع في قبو أحد المباني.

واتهم الائتلاف السوري لقوى المعارضة والثورة السورية، نظام الرئيس بشار الأسد بالتعمد في «تجويع 12 ألف شخص لايزالون مختبئين في البلدة، وحث المجتمع الدولي على العمل لمنع وقوع «كارثة إنسانية». وقال قصي زكريا، وهو الاسم المستعار لطالب تم تعيينه بصورة مفاجئة الناطق باسم المجلس الثور المحلي، عندما تم الاتصال به عن طريق برنامج سكايب «لم يبق لدينا أي شيء نأكله، واستنفدنا كل مستودعات الأطعمة الموجودة لدينا قبل شهرين، ونحن نعيش على الزيتون والقليل من الخضراوات التي قمنا بزرعها، ويموت أطفال البلدة بسبب الجوع أمام أنظار والديهم».

وكان آخر ضحايا الجوع طفلة اسمها رنا عبيد، عمرها 13 شهراً. وأظهر فيلم قصير تم نشره على موقع «يوتيوب» جسدها النحيل الميت. وتوفيت في 23 سبتمبر لأن أمها وهي ضحية لسوء التغذية، لم تتمكن من إرضاعها بصورة طبيعية، وكان من المستحيل في الأشهر الأخيرة العثور على أي نوع من حليب الأطفال أو حتى حليب طبيعي في البلدة. وقال العضو في الائتلاف عمادالدين رشيد، وهو من المعضمية إن «الوضع أصبح كارثياً الآن، لم يبقَ لديهم أي رغيف خبز منذ خمسة أشهر خلت».

واضطر بعض السكان الذين يعيشون في الأماكن التي يسيطر عليها الجيش السوري، إلى أكل العشب وأوراق الشجر. وأضاف رشيد أن «معظم الذين يحاولون الهرب يتم إطلاق النار عليهم من قبل القناصة».

وحاصرت القوات النظامية منذ 12 ديسمبر الماضي المعضمية التي تمثل، إضافة إلى البلدة المجاورة لها داريا، الممر الأساسي للانقضاض على العاصمة. وأدركت السلطات السورية عدم قدرتها على القضاء على المسلحين عبر الهجمات الاعتيادية وعمليات التفتيش، ولذلك قررت اللجوء إلى أسلوب آخر تجلى في الاحتواء والاستنزاف. وكان هدف قوات النظام منع المسلحين من الاقتراب من دمشق، خصوصاً مطار المزة العسكري، الذي يعتبر مركز النظام الدفاعي عن العاصمة والمجاور للمعضمية.

والنظام ليس مستعداً لتخفيف الضغط عن المحاصرين، خصوصاً أنه يدرك أن المقاتلين المحليين لديهم ترسانة ضخمة من الأسلحة غنموها من القاعدة العسكرية المجاورة في صيف 2012. وأكد رشيد أن المدافعين عن البلدة «يمتلكون أسلحة جيدة، وهناك مئات منهم لديهم قاذفات صواريخ».

ويضيف أن المقاومين جزء من الجيش السوري الحر، وهو الجناح المسلح للائتلاف السوري، وهم من الوطنيين والإسلاميين المعتدلين. ويوضح رشيد أن القوات الموجودة في المعضمية تتكون من لواءين رئيسين هما «الفجر» الذي يقوده طبيب أسنان يبلغ من العمر 55عاماً، و«الفتح» الذي يقوده مهندس. وشدد الجيش السوري النظامي تدريجياً قبضته على المعضمية التي كان تعداد سكانها يربو على 60 ألف نسمة. وكانت المشافي الموجودة فيه قد تعرضت للقصف، وتلا ذلك قصف المخابز ومن ثم البقاليات والمساجد. وتم قطع الكهرباء عنها إضافة إلى الهواتف والماء. وكانت تأتي الإمدادات عبر طرق ملتوية، تزايدت صعوبة استخدامها، وفي نهاية المطاف أحكم الحصار على البلدة وبات من غير الممكن إدخال أي شيء إليها.

 

 

الأكثر مشاركة