توقفوا عن «شيطنة» هيلاري كلينـتون
على الرغم من أن الوقت مازال مبكراً، إلا أنه يبدو أن وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، تعتزم خوض سباق الرئاسة الاميركية المقبل في 2016. ومجرد التفكير في هذا الامر، وفي ان لها زوجاً كان رئيساً للبلاد سيعود إلى البيت الابيض، لكنه سيقف خلفها يجعل القشعريرة تسري في بشرتي. لاشك في ان هيلاري ساحرة وذكية، ولها بريقها الذي مكنها من اكتساب قرابة نصف مليون دولار لإلقائها خطابين لمجموعة غولدمان ساكس، بعد خروجها من الخدمة العامة، غير اني لم اشهد أن احداً غضب او امتعض حينما كسبت سارة بالين، المرشحة الجمهورية السابقة لمنصب نائب الرئيس في انتخابات الرئاسة في 2008 نحو 100 الف دولار لمشاركتها في شريط مصور «كليب»، على الرغم من اعتبار كثير من الاميركيين لها انها كانت مرشحة فاشلة. كما حدث ذات مرة ان الرئيس الاميركي السابق رونالد ريغان، تقاضى مليوني دولار مقابل خطابين لم تتجاوز مدتهما 20 دقيقة، امام احدى الشركات الصناعية اليابانية. غير ان هيلاري، العضو السابق في مجلس الشيوخ ووزيرة الخارجية السابقة، التي كانت السيدة الاميركية الاولى، ليست مجرد ورقة رابحة في سوق تجارة خطابات السياسيين السابقين، وانما اكثر واهم من ذلك بكثير لذا يتوجب علينا التوقف عن شيطنة هذه السيدة ونعتها بالساحرة او المشعوذة، فلديها واحدة من افضل السير الذاتية في الولايات المتحدة مقارنة بأي شخص قد يتحداها في السباق الرئاسي نحو البيت الابيض، هذا بالاضافة إلى شخصيتها التي تزاحم الذكور في المشاركة في قضايا اثارت انتقادات مشروعة وفجرت جدلا حيوياً وايجابياً، على الرغم من ان البعض يراها بارعة في إلقاء الشتائم الشخصية وتافهة ومجردة من الحجج الموضوعية.
والحديث يقودنا إلى الحديث عن الناخبات وشعارات مثل «لا للحرب على النساء»، وهذه القضايا والشعارات كانت ضمن آفاق حملة باراك اوباما في 2008، التي شهدت دوراً كبيراً ومميزاً للمرأة. وما اريد قوله: لا تهاجم امرأة لمجرد كونها امرأة، فإبداء اي ملاحظة عن اي شخصية نسائية او مظهرها امر فظيع ولا يطاق. ففي الوقت الذي تخوض في النساء معارك للوصول إلى مناصب سياسية مازال هناك رجال يضربون النساء ويشككون في قدراتهن بصورة تثير الاشمئزاز. تلك المرأة المتعلمة والمثقفة الفاعلة ستحرك العجلة وتدفعها إلى الامام في شؤون النساء على حساب الرجل العادي الذي سيخسر بشكل او بآخر. وما لاشك فيه ان هيلاري كلينتون لعبت دوراً كبيراً وحاسماً في حركة نسائية عالمية لنصرة قضايا المرأة.
وعلى الرغم ان شعبية هيلاري بلغت 50% في استطلاع لـ«وول ستريت جورنال/ شبكة ان بي سي» تعتبر سلبية، الا انني اوجه نصيحتي إلى الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء: قدموا مرشحين يحظون بقبول الناس، واذا كان اي منكم عاجز عن الفوز بقوة الحجة ووضوح الرؤية والهدف، فيمكنه على الاقل ان يخسر بكرامة، وكلاكما يحتاج إلى بداية طيبة ومنطقية وفيها كثير من احترام الذات والآخرين. وتقول هيلاري انها تدرك تماما وبعمق التحديات السياسية والحكومية التي تواجهها، لكنها لم تقرر بعد ما اذا كانت ستخوض الانتخابات الرئاسية، وليست على عجلة من امرها، فقرار مثل هذا وعلى قدر كبير من الاهمية «لا يتم اتخاذه باستخفاف وبسرعة».
ومنذ مغادرتها منصبها في فبراير الماضي تقضي هيلاري وزوجها وقتا طويلاً معا في المنزل، ويشاهدان الافلام ويمشيان لمسافات طويلة ويمارسان السباحة.
كاثـلين باركر كاتبة ومحللة أميركية