مجموعات تلجأ إلى عمليات الخطف للحصول على فدية

ثوار سوريون يتقاتلون من أجل الأسلحة والمال

صورة

لم يمت زعيم الثوار، رائد الأحمد، في ميدان القتال ضد قوات النظام السوري، مثل الكثير من مقاتلي الجيش السوري الحر، وإنما قتله فصيل آخر من الثوار خلال اشتباك على الأموال والأسلحة.

فكلما استعرت الحرب الأهلية في سورية تضاءلت الموارد المالية والأسلحة للمعارضة المسلحة التي تناهض نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وتزايدت الاشتباكات بين الفصائل المختلفة بشأن حصتها من الأموال والأسلحة. وتستعر مثل هذه الاشتباكات بشكل واضح على الحدود مع تركيا حيث تلجأ مجموعات إلى عمليات الخطف للحصول على فدية للحصول على الأموال التي تشتد الحاجة إليها، وتذهب معظم هذه الأموال، كما يقول بعض المقاتلين، لشراء الأسلحة.

تهريب السلاح

أصبحت منطقة هاتاي التركية ملاذا آمنا للاجئين السوريين، وأيضا قاعدة استراتيجية لمقاتلي المعارضة لشراء اللوازم، بما في ذلك الأسلحة، وشحنها إلى الخطوط الأمامية. ولكل جماعة معارضة أو مجموعة من الكتائب ممثل يرسلونه إلى تركيا لهذا الغرض. ويتم نقل الأسلحة المشتراة إلى داخل سورية من قبل مهربي الأسلحة من خلال واحد أو اثنين من المعابر الحدودية التي يسيطر عليها الثوار الذين يقولون إنهم يعتمدون أيضاً اعتماداً كبيراً على الجنود المنشقين أو الذين لا يزالون يعملون مع النظام من أجل تزويدهم بالسلاح.


مكاسب شخصية

لا يصل إلا القليل جدا من الأسلحة الى أيدي الكتائب التي طلبتها، حيث اعتاد مهربو الأسلحة في كثير من الأحيان بيع الأسلحة إلى جماعات الثوار الأخرى المنتشرة على طول الطريق لكسب المزيد من المال، إما لتحقيق مكاسب شخصية أو لجمع المزيد من الأموال للكتيبة.

الأحمد كان أحد المختطفين للحصول على فدية في يناير الماضي، وبعد فترة وجيزة أصدر خاطفوه شريط فيديو مروعاً يظهر إحدى عينيه وقد اقتلعت من محجرها، ويطالب خاطفوه بفدية مقدارها 300 ألف يورو، وعندما لم يتلق الخاطفون استجابة لطلبهم بعد ثلاثة أشهر قتلوا الأحمد، وألقوا جثته في الجبال القريبة من بلدة في منطقة جبل الأكراد السورية، التي تبعد 50 ميلاً من الحدود التركية.

كان الأحمد أحد الضباط السابقين في الجيش السوري السابق، ويعتبر واحداً من أعلى الرتب لقادة تعرضوا للاختطاف، وهذا لا ينفي أن عشرات من المقاتلين من الرتب الدنيا يتعرضون للاختطاف أيضاً في المنطقة الحدودية منذ بداية الحرب الأهلية في سورية.

تأسست شبكة من زعماء المعارضة رفيعي المستوى في تركيا عام 2011 منذ أن انشق الأحمد وهرب إلى أنقرة مع زوجته وطفليه. وأصبحت منطقة هاتاي ملاذاً آمناً للاجئين السوريين، وأيضاً قاعدة استراتيجية لمقاتلي المعارضة لشراء اللوازم، بما في ذلك الأسلحة، وشحنها إلى الخطوط الأمامية. قبل اختطافه، كان الأحمد زعيماً لكتيبة «العز بن عبدالسلام»، إحدى أكبر جماعات الثوار في شمال سورية وأكثرها تنظيماً. وأسست الجماعة مقراً لها في تركيا في ربيع عام 2011، وتمكنت من شراء كميات كبيرة من الأسلحة في تركيا لإرسالها في ما بعد إلى سورية.

ولكل جماعة معارضة أو مجموعة من الكتائب ممثل ترسله إلى تركيا لهذا الغرض. ويتم نقل الأسلحة المشتراة إلى داخل سورية من قبل مهربي الأسلحة من خلال واحد أو اثنين من المعابر الحدودية التي يسيطر عليها الثوار.

ويقول الثوار إنهم يعتمدون أيضاً اعتماداً كبيراً على الجنود المنشقين أو الذين لايزالون يعملون مع النظام من أجل تزويدهم بالسلاح.

وفي نهاية المطاف لا يصل إلا القليل جداً من الأسلحة إلى أيدي الكتائب التي طلبتها، حيث اعتاد مهربو الأسلحة في كثير من الأحيان بيع الأسلحة إلى جماعات الثوار الأخرى المنتشرة على طول الطريق لكسب المزيد من المال، إما لتحقيق مكاسب شخصية أو لجمع المزيد من الأموال للكتيبة. وفي أحيان أخرى، يتم تسليم الشحنات إلى القادة الخطأ بسبب ضعف الاتصال والتخطيط. وحتى عندما تصل الأسلحة إلى وجهتها الصحيحة، فليس هناك ضمان في أنه لن يتم بيعها، أو أنها ستتعرض للسرقة، أو يتم تسليمها لثوار يتحولون في اليوم التالي لمجموعة أخرى منافسة.

ويقول أعضاء المعارضة إنه كلما تزايد عدد الثوار المتنافسين من أجل الأموال والأسلحة، أصبح الأمر أكثر خطورة لأولئك الذين يعملون في تركيا.

عندما تم اختطاف الأحمد، شكل أعضاء المعارضة من مختلف الفصائل، بما فيهم الجيش السوري الحر، لجنة غير رسمية لجمع الأدلة والعثور على الخاطفين. وساعد أعضاء «جبهة النصرة»، وهي جماعة معارضة مرتبطة بتنظيم القاعدة، لجنة التحقيق في اختطاف الأحمد، وهو تعاون فريد من نوعه لا وجود له داخل سورية، إذ تعمل «جبهة النصرة» بالداخل بشكل مستقل عن كل جماعات المعارضة الأخرى، وتحصل على المال والسلاح من جهات مانحة خاصة.

كان عبدالرحمن، الذي طلب الإشارة إليه فقط باسمه الأول لأسباب أمنية، صديقاً مقرباً للأحمد وعضواً في اللجنة المشكلة للتحقيق في الاختطاف، ويقول إنهم اكتشفوا أن الاختطاف نفذته مجموعة منافسة استخدمت أحد أرقام اتصال الأحمد، وطلبت منه الحضور للاجتماع معها. وتم التحقيق مع أحد المقاتلين، الذي اتهمه الثوار ذات مرة بأنه أحد عيون نظام الأسد قبل اندلاع الحرب الأهلية.

اختفى الأحمد في 29 يناير، ويقول أعضاء اللجنة إن الخاطفين يعلمون أن الأحمد كان ثرياً، ويمكنه الحصول على الأسلحة. ولم تتواصل اللجنة مع خاطفيه حتى بداية فبراير، عندما طلب من شقيقه دفع الفدية المالية، وبعد يومين فقط من ذلك ظهر على فيديو الـ«يوتيوب».

ويقول المتحدث باسم الجيش السوري الحر، جميل صائب إن الرجلين المتهمين بخطف الأحمد تم اعتقالهما في وقت لاحق من قبل اللجنة وسجنا على الحدود السورية، لكنهما هربا خلال المفاوضات على الأرجح بمساعدة عضو من داخل اللجنة، وربما شخص تابع لـ «جبهة النصرة».

ويقول عبدالرحمن إنه على الرغم من الخطر المتزايد في تركيا على أعضاء المعارضة، فلايزال هذا البلد المحور الأساسي لكسب المعركة ضد الأسد، وأن الهدف الوحيد لكل القادمين إلى تركيا هو إنهاء الحرب ونيل الحرية.

تويتر