الأميركيون يجدون أنفسهم أمام دولة بوليسية بعد 11 سبتمبر

قال وزير الخارجية الأميركي الراحل دين اتشيسون في عام 1962، إنه «ليس هناك محل للقانون أو أي قضية قانونية حين تتحدث الولايات المتحدة أو تتصرف كرد فعل تجاه أي تحدٍ لقوتها أو مركزها أو موقعها أو سمعتها»، أي إن أتشيسون الذي عمل مع إدارة الرئيس هاري ترومان يعلن منذ قبل 51 عاماً أن السمعة والشهرة والقوة والمركز هي مكونات الأمن القومي الأميركي، وأن الديمقراطية تأخذ مكانها في المقعد الخلفي بعد الأمن القومي.

ويوجد الأمن القومي حيث تخفي السلطة التنفيذية جرائمها المخالفة للقانون والدستور سواء الداخلية أو الخارجية. وفي ظل الرؤساء الأميركيين الثلاثة بيل كلينتون وجورج بوش وباراك أوباما لم يدافع الأميركيون عن حقوقهم التي نص عليها الدستور، فلم تتم محاسبة إدارة كلينتون بسبب حربها على صربيا أو مساءلة إدارة بوش حينما غزت أفغانستان والعراق، أو إدارة أوباما حين واصلت العمليات العسكرية في أفغانستان وشاركت في الهجمات على ليبيا، وأرسلت طائرات من دون طيار لشن الهجمات في اليمن وباكستان. كما كانت هناك جملة من الأعمال والتصرفات المخالفة للقانون والدستور، مثل ما قامت به إدارة بوش من تعذيب واعتقالات وعمليات احتجاز مفتوحة وأعمال تنصت وتجسس وعمليات قتل وتصفية لمواطنين أميركيين، وكلها أعمال استمرت في عهد أوباما باستثناء التعذيب.

فهل يمكن استعادة الحرية؟ هناك فرصة لذلك لو كانت لدى الأميركيين قوة الشخصية التي تحاسب جورج بوش ونائبه ديك تشيني وعصابة المحافظين الجدد من ورائهما من بداية جرهم أميركا كلها الى غزو أفغانستان على أسس ومعلومات من الأكاذيب ومن بعد ذلك غزو العراق، وهاتان الحربان ليستا من نتائج أخطاء في معلومات استخبارية بل كانتا نتاجاً لسلسة متأصلة من الأكاذيب. وما كان سرياً في أجندة إدارة بوش انتقل كما هو وبقي سرياً في أجندة أوباما وإدارته. ويبقى السؤال ماذا كان الغرض من تلك الحروب؟ من الواضح تماماً أنه ليست هناك أية صلة بينها وبين حماية الأميركيين والحفاظ على الأمن القومي من الإرهاب، بل إن تلك الحروب عملت على إثارة الإرهاب وتأجيجه، كما ان فبركة واختلاق «تهديد الإرهاب» اسهم في ايجاد الدولة البوليسية غير القابلة للمساءلة والمحاسبة داخل الولايات المتحدة. وبقي لنا ان نقول إن الأميركيين بحاجة الى ان يدركوا انهم فقدوا بلادهم التي اعتادوا قيمها من ديمقراطية وحرية وحقوق انسان، ووجدوا انفسهم امام دولة بوليسية قريبة من النمط الستاليني.

بول كريغ روبرتس كاتب ومحلل سياسي أميركي

الأكثر مشاركة