العالم العربي بحاجة إلى مانديلا وديكليرك
كان هناك الكثير من الأسى في العالم العربي منذ وفاة الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا، وذلك مفهوم تماماً، إذ إن العرب برمتهم يتساءلون «أين مانديلا الخاص بنا؟»، وهو سؤال انتشر على جميع مواقع التواصل الاجتماعي، والذي كان انعكاساً مثالياً عن الكوارث السياسية والاجتماعية التي يعيشها العرب. وقال أحدهم «أين ذلك الرجل الذي يمتلك من الصبر ما يجعله يعيش 27 عاماً في السجن من أجل مثله، ومن ثم يخرج وهو يدعو إلى المصالحة مع سجانيه؟ لم يفرض النسخة الخاصة به من الحقيقة على أعدائه».
وهناك من كان يرفض هذه الدعوة من أجل مانديلا للعرب، لكن آخرين وهم الأكثر تديناً، طالبوا منافسيهم الطائفيين باحترام تعاليم مانديلا. وقال أحد السنة «إذا تمكن مانديلا من التصالح مع البيض، فهل لا يستطيع الشيعة أن يتصالحوا مع السنة؟». ولكن بالنسبة لي كان هناك ردة فعل مختلفة، ليس لأني لست عربياً، كما قال العديد من المدونين، وخطرت لي هذه الفكرة عندما كنت أنظر إلى صورة لمانديلا وهو يمسك بيد رئيس جنوب إفريقيا أيام الحكم العنصري اف دبليو ديكليرك، وكان هذا الأخير يرفع إبهامه بإشارة النصر، وكان التعليق على الصورة يقول «الفائزان معاً بجائزة نوبل للسلام». وعندها وجب علي ان أعترف بأن ذهني توصل بسرعة إلى الفكرة التي مفادها ان ديكليرك فاز أيضاً بجائزة نوبل مع مانديلا.
هل يحتاج العرب إلى ديكليرك؟ نعم إنهم بحاجة إلى ذلك، لأنه لا يمكن أن تكون متسامحاً خلال انتصارك على ديكتاتور إذا رفض هذا الأخير التنحي، وهم كثر كما يقول أحد المدونين على «تويتر»، لكن كيف يمكن أن نحزر من هو مانديلا من ضمن 200 ألف في سجون النظام السوري؟ كيف نعرف أن مانديلا العربي قد مات أصلاً؟
ريتشارد سبنسر - كاتب بريطاني