إيران تلعب دور الممول والضاغط والرابط بين الطرفين
«حماس» و«حزب الله» يختلفان حــول سورية ويتفقان ضد إسرائيل
ظهرت حركة حماس السنية، وحزب الله الشيعي خلال الكفاح ضد اسرائيل وترعاهما الجهات ذاتها وهي سورية وإيران، واستمرا حليفين طبيعيين لوقت طويل على الرغم من خلافاتهما المذهبية.
ومنذ بداية التسعينات من القرن الماضي، عندما قامت اسرائيل بإبعاد قيادة حماس إلى لبنان، عمدا إلى تقوية تحالفهما الذي ساعد على رسم توازن القوى في الشرق الأوسط لعقود من الزمن.
لكن الأزمة السورية أدت إلى تمزيق «حلف المقاومة» وجلبت توتراً غير مسبوق في علاقتهما. فعلى الرغم من أن مقاتلي حزب الله قاتلوا وقتلوا من أجل الرئيس السوري بشار الأسد في أشرس المعارك خلال الحرب الأهلية، إلا أن حركة حماس انكفأت على نفسها وابتعدت عن هذه الحرب.
ولفترة من الزمن بدا أن الشراكة قد انتهت، حيث تدعو حركة حماس حزب الله إلى النأي بنفسه عن الحرب السورية، في حين أن حزب الله يتهم حماس بإرسال الأسلحة إلى المجاهدين السنة. ومع ذلك يبدو أن المجموعتين تنظران إلى ما هو أبعد من الحرب الأهلية السورية واعتقدا أنهما يمكن أن يفقدا أكثر إذا وصلت علاقتهما مع بعضهما إلى حالة الطلاق المطلق.
وعلى الرغم من الخطابات الرنانة يبدو أن حماس وحزب الله اتفقا على الخلاف حول الموضوع السوري والاحتفاظ في الوقت نفسه بالشراكة الاستراتيجية ضد اسرائيل.
بالنظر إلى قلقهما من إثارة غضب حلفائهما أو الشارع العربي، تجنب حزب الله وحماس وبحذر اتخاذ اي مواقف قوية في المراحل الاولى للصراع السوري عام 2011. ولكن حتى في تلك الفترة كانت ثمة تلميحات مفادها أن حياديتهما المدروسة جيداً لن تستمر طويلاً. وعلى سبيل المثال، وكما هي الحال لدى حماس، حث حزب الله النظام السوري على الدخول في حوار مع المعارضة. ولكن وبخلاف حماس، ألغى حزب الله هذه الحيادية، ومن المرجح ان يكون ذلك قد حدث تحت ضغط طهران. ومع تزايد اصطفاف القوى الدولية خلف حلفائها في سورية، تعرضت حماس وكذلك حزب الله للضغط لتحديد موقفهما ازاء الصراع.
وفي ديسمبر 2011، اتخذت حركة حماس خطوة جريئة لنقل مكتبها السياسي من سورية، حيث كانت موجودة هناك منذ عام 1999، إلى قطر الراعي الرئيس للمعارضة السورية، وقال متحدث باسم حكومة حماس في غزة «دعمنا النظام السوري طالما أنه كان يحارب العدو الاسرائيلي. ولكن عندما أخذ يقمع شعبه قررنا الابتعاد عنه، على الرغم من حقيقة أن ذلك يعتبر خسارة كبيرة لحركة حماس».
وعلى الرغم من أن الجماعة حاولت الحفاظ على مظهر الحياد إلا أن كبار قادة الحركة كانوا يحاولون الكشف عن مواقفهم الحقيقية. ففي فبراير 2012، ألقى رئيس حكومة حماس في غزة اسماعيل هنية، خطاباً عاطفياً في الأزهر الشريف في القاهرة، حيث أثنى على «الشعب السوري البطل الذي يناضل من أجل الحرية، والديمقراطية، والإصلاح» في الوقت الذي كان الحضور يصرخون بشعارات تقول «لا لحزب الله ولا لإيران».
لكن حزب الله الذي كان يحاول تجنب القطع العلني للعلاقات مع حماس، رفض ان يستنكر قرار الحركة بمغادرة سورية وأصدر قراراً داخلياً يمنع المتحدثين باسم الحزب من انتقاد نظرائهم الفلسطينيين. ولكن الحزب بدأ يصور الانتفاضة السورية باعتبارها مؤامرة تم التخطيط لها من قوى خارجية تهدف إلى اضعاف المقاومة لإسرائيل.
وسارع الامين العام لحزب الله حسن نصرالله، إلى تذكير الفلسطينيين بأنه خلال حرب اسرائيل على لبنان عام 2006 وعملية الرصاص المصهور في (2008 - 2009) زودت سورية المنظمتين بالسلاح في الوقت الذي رفضت أي دولة عربية القيام بذلك. ومع ذلك ازدادت العلاقة توتراً بين الطرفين خصوصاً بعد دخول الحزب إلى بلدة القصير من أجل إخراج المعارضين منها. واتهم الحزب حركة حماس بأنها تشارك المقاتلين السنة في القتال ضد الحزب والنظام السوري.
وبعد أن وصل التوتر إلى ذروته بين المنظمتين اجتمع مسؤولون من الحزب والحركة في بيروت في محاولة لرأب الصدع. ومنذ ذلك الحين يصر المتحدثون باسم الطرفين على أنهم اتفقوا على الخلاف على الموضوع السوري، وأن يواصلوا التعاون في الجبهات الاخرى. ومن بيروت توجه بعض ممثلي حماس إلى ايران، التي يقال إنها قطعت مساعدتها لحماس عشية خروج الحركة من سورية. وهو التطور الذي أثار ذعر الكثيرين في الجناح العسكري في حماس، الذي يعتمد بقوة على الأسلحة التي يتلقاها من طهران.
ومما يعكس الانقسام الحاصل في حركة حماس حول التعاطي مع الصراع في سورية، قيام القائد العسكري في حماس مروان عيسى بحث القائد السياسي لحماس خالد مشعل للحفاظ على الخط مفتوحاً مع ايران، وهي الدعوة التي أيدها الدكتور محمود الزهار أحد مؤسسي الحركة. وعلى الرغم من أن المتفاوضين حاولوا تحسين العلاقات بين التنظيمين إلا أن الأحداث الاقليمية كان لها تأثير كبير في إفشال مساعيهما.
وأسهمت كل هذه التطورات في دفع حماس إلى التقارب من ايران بعد عامين من العلاقات المتدهورة، الأمر الذي سهل تطبيع العلاقة مع حزب الله في سبتمبر 2013، وبعد أسابيع عدة من اللقاءات أعلن كل من حماس وحزب الله التوصل إلى اتفاق قوي مع إيران يهدف إلى تعزيز «محور المقاومة».
وعلى الرغم من قيام حركة حماس بترميم علاقتها مع إيران وحزب الله، إلا أن بعض مسؤوليها لايزالون يلوحون بعلم الجيش السوري الحر. وقال هنية في خطاب ينطوي على التحدي في اكتوبر الماضي «حماس لا تتملق أحداً» وأضاف «حماس لا تعتذر عن المواقف المشرفة».
ومن غير المرجح أن يتخلى حزب الله عن الرئيس الأسد قريباً. فهو يشعر بالقلق نتيجة تزايد نفوذ المقاتلين السنة في سورية ناهيك عن التفجيرات المتوالية بالسيارات المفخخة التي يجري تفجيرها في لبنان. وحتى لو قرر الحزب ان يعيد حساباته بشأن وجوده في سورية، فإن ايران ستضغط عليه. وفي هذا السياق، من المرجح ان يتواصل التوتر بين حزب الله وحماس طالما أن الوضع السوري يصل إلى حائط مسدود.
ولكن مع عدم التوصل إلى حل بين اسرائيل والفلسطينيين، وإلى نهاية للتوتر على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، فإن حماس وحزب الله سيواصلان رؤية كفاحهما ضد اسرائيل على أنه المسوغ المشترك من أجل بقاء الحلف القوي بينهما وإن اختلفا على الرهان في سورية.
جيورجيو كافير وبيتر سيترو
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news