3 أسباب تبرّر موقفها أهمها تبنّي حزب الاتحاد الديمقراطي نوعاً من التحالف مع نظام الأسد

أميركا لا تريد دعم أكراد سورية لإقامة «حكم ذاتي» مثل كردستان العـــراق

صورة

يحاول الأكراد السوريون الحصول على حكم ذاتي، مستغلين الفوضى التي تضرب البلاد، إلا أن محللين يعتقدون بأن الولايات المتحدة لن تؤيد هذه الخطوة خلافاً لما حدث مع أكراد العراق في تسعينات القرن الماضي.

ومن ناحية أخرى يرى دبلوماسيون أن أكراد سورية قد يخرجون من هذه الحرب أكثر قوة مما مضى، وربما يكونون الطرف الوحيد المنتصر، بعد أن تضع الحرب أوزارها. وحيث إن الرئيس السوري، بشار الأسد، فقد سيطرته قليلاً على البلاد، بدأ ما يصل إلى مليوني من الأكراد السوريين في الشمال الشرقي من سورية إعداد العدة للانفصال عن دمشق. وفي وقت سابق من هذا العام، أنشأ حزب الاتحاد الديمقراطي، القوة السياسية المهيمنة للأكراد السوريين، حكومة إقليمية جديدة.

منطقة الحكم الذاتي الكردي

أعلن 2.2 مليون كردي في شمال سورية تشكيل الحكومة الخاصة بهم يوم الثلاثاء 21 يناير 2014، آملين في الحصول على نوع من الاستقرار لشعبهم في بلد تمزّقه الحرب، لكنهم يصرون على أن هذا الحكم لا يمثل انفصالاً عن سورية، على الرغم من سعيهم لوضع دستور خاص، والإعداد لإجراء انتخابات مبكرة.

وقد عززت الخطوة من مخاوف تركيا، فقد خاض الأتراك حرباً ضروساً مع حزب العمال الكردستاني لعقود عدة للحيلولة دون تشكيل أي دولة كردية مستقلة، وكانت هناك عمليات توغل للجيش التركي في كردستان العراق في الماضي، وبينما أثارت خطط بناء جدار على طول الحدود السورية بالقرب من المناطق الكردية الاحتجاجات، عززت تركيا إجراءات الأمن على طول تلك الحدود.

أكثر الأقليات فقراً

بدأ حزب الاتحاد الديمقراطي في الاستيلاء على الأراضي، بعد أن جعلت الحرب الحياة صعبة جداً بالنسبة للأكراد، الذين هم أكثر الأقليات فقراً واضطهاداً في شمال سورية. ونقلت وسائل الإعلام عن العضو البارز في حزب الاتحاد الديمقراطي، الدر أكسيلل قوله: «لقد بدأنا بالقرب من الحدود العراقية بنقطة مراقبة صغيرة للغاية، ثم مضينا من حاجز إلى حاجز عبر المنطقة بأسرها، ولم يتبقَ لدينا الآن سوى احتلال مدينتَي القامشلي والحسكة». وتبلغ مساحة الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد الآن 124 ميلاً، من الحدود العراقية إلى رأس العين.

ويبدو أن التحالف الكردي ضبابي شيئاً ما، إذ لم يكن لديه مقعد على طاولة محادثات السلام المضطربة في سورية، كما أن سعيه من أجل مزيد من الحكم الذاتي يتطلب مزيداً من الجهود، لأن أكراد سورية، خلافاً لما حدث مع أكراد العراق في عهد الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، لن يحصلوا على دعم الولايات المتحدة، وربما تكمن مبررات ذلك في الإجابة عن سؤال «في أي جانب يقف الأكراد؟»، ونستطيع أن نقول إن حزب الاتحاد الديمقراطي ليس معارضاً بالفعل لنظام الأسد، بل اشتبكت قواته مع فصائل المعارضة الإسلامية، وفي بعض المناطق تتعايش القوات الكردية مع قوات النظام ولو بصعوبة. ونتيجة لذلك، اتهمت المعارضة السورية حزب الاتحاد الديمقراطي بتبنّي نوع من التحالف مع نظام الأسد، وهو ما ينفيه الحزب.

ولهذا لم يكن من المستغرب عدم تمثيل حزب الاتحاد الديمقراطي في محادثات السلام السورية في سويسرا «جنيف 2». ويعتقد السفير الأميركي السابق في سورية، روبرت فورد، أن الولايات المتحدة رفضت رفضاً تاماً فكرة أن يكون حزب الاتحاد الديمقراطي جزءاً من وفد المعارضة لمحادثات السلام، حتى إن فكرة إدراجه في المحادثات كانت مثيرة للجدل، وهو ما تسبب تقريباً في انسحاب المعارضة في الجولة الأخيرة.

ويقول فورد إن «حزب الاتحاد الديمقراطي ربما ينبغي أن يشارك في محادثات جنيف، ولكن ليس من ضمن وفد المعارضة». ولكن بالمثل من الصعب التنبؤ بأن ينضم الأكراد لوفد النظام، نظراً للتاريخ الطويل من التمييز الذي انتهجه النظام ضد الأكراد، بما في ذلك سحب الجنسية السورية من مئات الآلاف منهم في ستينات القرن الماضي. سبب آخر لعدم مساندة الولايات المتحدة للأكراد، وهو أنها لا تريد منطقة كردية أخرى تتمتع بحكم شبه ذاتي آخر. فقد أنشأ الأكراد منطقة تتمتع بحكم شبه ذاتي في شمال العراق عام 1991، بمساعدة من الولايات المتحدة، بعد طرد القوات العراقية منها، إلا أن الولايات المتحدة، كما يقول فورد، ليس لديها أي نوايا لدعم مسعى مماثل في سورية. ويضيف فورد: «سيكون من الضروري بالنسبة لنا اجراء محادثات مع حزب الاتحاد الديمقراطي، ولكن يجب أن يضع الأكراد في اعتبارهم أن الولايات المتحدة تدعم وحدة سورية، ولا تدعم انفصال كردستان أخرى».

وتأتي القضية الكردية دائماً في الأولوية الثانية من منظور الولايات المتحدة، حيث يؤكد فورد أن الأولويات الأميركية القصوى تتمثل في التوصل إلى اتفاق سلام بين النظام والمعارضة، وأن القضية الكردية ينبغي تسويتها في إطار دستور سوري في فترة ما بعد الحرب الأهلية.

أمر ثالث وهو أن الولايات المتحدة لا ترغب في زعزعة تركيا، إذ إن حزب الاتحاد الديمقراطي يعتبر الذراع السورية لحزب العمال الكردستاني المناهض لتركيا، وهذا الأخير تصنفه كل من تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي بأنه منظمة إرهابية. ويعتقد فورد أنه «عندما تفكر الولايات المتحدة في التحدث مع حزب الاتحاد الديمقراطي فإنها سوف تقيس المكاسب التي ستعود عليها جراء المحادثات، وإذا كان هناك شيء ما ستحصل عليه، فإنها تضع في الاعتبار كيفية التعامل مع ردود الفعل السلبية لتركيا». ويضيف: «أنا لا أقول إننا لا نستطيع أن نفعل ذلك، ولكنني أقول إننا نريد أن نتأكد من أننا إذا فعلنا ذلك فإن المكسب الذي نحصل عليه يبرر رد الفعل الذي سنواجهه» من تركيا. ويتساءل: «إذا كانت أميركا تصنّف حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية فهل يمكنها اجراء محادثات مع حزب الاتحاد الديمقراطي؟ أعتقد أنه ممكن من الناحية الفنية، طالما أن الحزب لا ينتمي رسمياً لعضوية حزب العمال الكردستاني.

آريل زيرولينك - محررة بقسم الشرق الأوسط بصحيفة «كريستيان ساينس مونيتور»

تويتر