في عمق البحر على بعد 200 متر من أرض الأزمات

حقل غاز غزة كنز استراتيجي

صورة

على بعد 200 متر من أرض الأزمات في قطاع غزة، يحتضن شاطئ البحر في أعماقه كنزاً استراتيجياً قادراً على إحداث نقلة نوعية غير مسبوقة للأوضاع المادية والمعيشية في غزة، وتحويلها من منطقة تعتمد على المساعدات إلى منطقة منتجة ذات مكانة اقتصادية كبيرة.

هذا الكنز هو حقل للغاز الطبيعي اكتشفه صيادون لاحظوا فقاعات تخرج على سطح البحر على بعد 200 متر من الشاطئ، وهذا ما أعلن عنه رئيس اللجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي الفلسطيني النائب سالم سلامة، فيما فحصت عينات استخرجتها الشرطة البحرية من الفقاعات في مختبرات الجامعة الإسلامية بغزة، والتي أكدت وجود غاز طبيعي في باطن البحر.

فرق شاسع

الحقل الجديد إذا سلم من التدخل الإسرائيلي ومحاولتها سلب الغاز ومنع الفلسطينيين من الاستفادة منه، سيحدث فروقاً شاسعة في جميع القطاعات الحيوية والصناعية، والتحرر من تبعية الاحتلال الاقتصادية، كما يعزز مكانة غزة بين الأقاليم المختلفة، لتصبح بلداً منتجاً بدلاً من اعتمادها على المساعدات الخارجية.

فلسطين مليئة بالبترول

مدير مركز بال ثينك للدراسات الاستراتيجية عمر شعبان: «هناك الكثير من الدراسات والمؤشرات تؤكد أن فلسطين مليئة بالبترول والغاز سواء في بحر غزة أو في مناطق بالأراضي الفلسطينية، ورغم ذلك فإن السكان يتعرضون لأزمات نقص الوقود وأزمة انقطاع التيار الكهربائي، وارتفاع أسعار الوقود، بالإضافة إلى نسب الفقر الشديدة ومعدلات البطالة المرتفعة».

ويأتي اكتشاف الغاز الجديد ليضاف إلى حقل الغاز الذي اكتشف نهاية التسعينات على بعد 36 كيلومتراً من شاطئ غزة، فقد قدرت كمية الغاز فيه بأكثر من 33 مليار متر مكعب، لكن إجراءات وقيود الاحتلال تحظر على الفلسطينيين استخراجه.

وللحديث بالتفصيل عن حقل الغاز المكتشف حديثاً، يقول النائب سالم سلامة لـ«الإمارات اليوم»، إن قطاع غزة يتعرض لحصار إسرائيلي منذ ثماني سنوات، فقد تجاوز الاحتلال كل الخطوط الحمراء، واشتدت الأزمات القاسية التي طالت جميع مناحي الحياة، بينما قابل الفلسطينيون ذلك بصمود وثبات رغم كل ما أصابهم.

ويضيف أن «هذه الشدائد كان لابد لها من انفراجة وكرم إلهي، ففي جميع دول العالم ينزل الخبراء إلى باطن الأرض ليبحثوا عن وجود الغاز والبترول، لكن في القطاع فإن الغاز خرج لنا على سطح البحر ليسهل علينا مهمة البحث عنه، وفقط يبقى علينا استخراجه».

ويوضح سلامة أن الصيادين اكتشفوا الغاز داخل مياه البحر في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، فأثناء إبحارهم لتوفير لقمة العيش لأطفالهم لاحظوا فقاعات تخرج على سطح البحر، وظنوا أنها حيوانات برمائية، وعلى إثرها أخبروا الشرطة البحرية الموجودة في المكان.

ويشير إلى أن طواقم البحرية اكتشفوا أن الفقاعات تخرج من تشققات في قاع البحر، وهذا ما دفعهم لملء أحد البراميل بهذه الفقاعات، فيما فحصت بعد ذلك في مختبرات الجامعة الإسلامية بغزة، حيث أظهرت نتائج التحليل أن هذه العينات هي غاز طبيعي.

ويلفت عضو المجلس التشريعي إلى أن حقل الغاز الذي تم اكتشافه هو ضمن الخط الواصل حتى مدينة دمياط في مصر جنوباً.

الاستفادة من حقل الغاز المكتشف حديثاً تحتاج إلى إصدار تكليف رسمي من قبل الحكومة في غزة لبحث التعاقد مع إحدى الشركات الدولية المتخصصة، والتي أبدت استعدادها للاستثمار واستخراج حقل الغاز من عمق البحر، وذلك بحسب سلامة.

ويقول رئيس اللجنة الاقتصادية البرلمانية، إن «المجلس التشريعي سيعرض ملف هذا الحقل على الحكومة الفلسطينية في غزة، وذلك لمعرفة ما هي خطتهم تجاه هذا الاكتشاف، وما هو دورهم في عملية البحث عن شركات دولية متخصصة للتعاقد معها من أجل اتسخراج الغاز الطبيعي».

ويضيف «تواصلت معي شركة أسترالية متخصصة في استخارج البترول والغاز والاستثمار فيه، وصاحبها هو السفير الأسترالي السابق، فنحن نحتاج إلى شركة تعمل لمصلحتنا دون التعامل مع الاحتلال حتى لا يتمكن من السيطرة عليها».

من جهة أخرى، يقول المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية في غزة إيهاب الغصين، إن «ما تم اكتشافه في باطن البحر يحتاج إلى دراسات متخصصة وإمكانات غير موجودة في غزة، كما يحتاج إلى شركات متخصصة وخبراء».

ويضيف أن «الحصار يحول دون استثمار هذه الثروة، فإغلاق المعابر يحظر دخول الخبراء والشركات المتخصصة، إلى جانب منع الأدوات المستخدمة في عملية الاستخراج، وعلى الرغم من ذلك نحاول إدخالهم من خلال جهات وطرق متعددة، وإيجاد حلول لها، لكن حتى الآن لا يوجد حلول واضحة للتنقيب عن الغاز».

تويتر