بعد أن تخلصت من أغلال الدكتاتورية في «الربيع العربي»
صراع السلطة يقضي على حلم الديمقراطية في ليبيا
لم يكن أحد يتخيل حين تخلصت ليبيا من أغلال الدكتاتورية في ثورة «الربيع العربي»، أنه بعد ثلاث سنوات سيكون فيها حكومتان يدخلان في قتال مزق البلاد إلى قسمين، وتتحول الثورة إلى صراع مسلح بين فصائل تسعى للهيمنة على السلطة.
من الواضح أن حلم الديمقراطية قد انهار في ليبيا، وقد بدأت الأزمة عندما أطلق حفتر مدعوماً بوحدات من الجيش الليبي، حملة أسماها عملية «استعادة كرامة ليبيا» في بنغازي وضواحيها، من خلال استهداف الفصائل الإسلامية المسلحة. والمدينة تعتبر حالياً منطقة معارك تشهد اشتباكات يومية بين الميليشيات ووحدات الجيش.
وأظهرت محطة تلفزيونية محلية الأسبوع الماضي مروحيات وهي تقصف قواعد للميليشيات بالصواريخ، في الوقت الذي بدت فيه شوارع بنغازي خالية من المارة، لأن أغلب السكان فضلوا البقاء في منازلهم، ووصلت حصيلة الاشتباكات أكثر من 100 ضحية، وقد نجا حفتر من عملية اغتيال استهدفت مقر قيادته. ويرى الإسلاميون أن البرلمان الذي يشكلون فيه الأغلبية قائم على انتخابات ديمقراطية، في حين يقول خصومهم إنه فاقد الشرعية بعد أن تجاوز صلاحياته القانونية والتشريعية. وبالنسبة للواء المنشق فهناك من يؤيده طمعاً في عودة الأمن ودولة المؤسسات، لكن هناك أيضاً من يبدي القلق ناحية الجنرال المحسوب على نظام القذافي.
وفي غضون ذلك علقت منظمة الصليب الأحمر أعمالها في ليبيا، بعد مقتل أحد موظفيها بمدينة سرت، كما تعرض موظفون في منظمة الأمم المتحدة من قبل مجهولين لنوع من الترهيب.
تبدو ليبيا أقرب إلى الحرب الأهلية من أي وقت مضى، وتظهر دلائل ذلك في حث تونس والأردن والجزائر وكندا والولايات المتحدة، رعاياهم على الرحيل من ليبيا، فضلاً عن تحريك واشنطن سفنها الحربية ومئات الجنود من مشاة البحرية إلى المنطقة. ويحظى حفتر بتأييد من الولايات المتحدة، التي أبدت قلقها من ازدياد قوة التنظيمات المنتمية إلى «القاعدة» في ليبيا، ويتهم البيت الأبيض جماعة «أنصار الشريعة» بقتل السفيرالاميركي كريس ستيفنز بعد هجوم على السفارة الأميركية ببنغازي قبل عامين.
وبالنسبة للبعض، ما يحدث في ليبيا هو من تردد صدى انتفاضة «الربيع العربي»، إذ تمكن الثوار من الإطاحة بالعقيد معمر القذافي بمساعدة حلف شمال الأطلسي، خلال حرب دامت ثمانية أشهر، إلا أن الجبهات والأهداف تغيرت منذ ذلك الحين، فثوار مصراتة المتحدين، مع ما تبقى من البرلمان الليبي أداروا ظهورهم لقوات حفتر الذي تدعمه ميليشيات الزنتان.
ويقول الصحافي الليبي محمد الجراح إن التأييد الشعبي لحفتر في الحقيقة هو تأييد للمؤسسات وليس للأشخاص، «هذا التحرك في شرق البلاد تمكن من جمع كثير من الأطراف في خندق واحد،»، مضيفاً: «حملة حفتر العسكرية تدل بالنسبة للبعض على مدى الدعم الأميركي لهذا اللواء، اذ تبدو الاطراف قلقة من تنامي عدد الجهاديين في ليبيا». أما سفيرة الولايات المتحدة في طرابلس، ديبورا جونز، فقالت إنه ليس من الضروري أن تدين تحرك حفتر الذي يقوم بعمليات محددة ضد مجموعات معينة.
كريس ستيفن - محلل متخصص في الشؤون الافريقية لدى الصحيفة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news