يتعرضون للملاحقة والتضيّيق بعد «الربيع» و«الياسمين»
130 من شباب ثورة تونس متهمون بالاعتداء على الشرطة
في الوقت الذي تسعى فيه السلطات في تونس إلى معرفة حقيقة ما جرى خلال أحداث ثورة «الربيع» و«الياسمين»، التي أطاحت نظام الرئيس زين العابدين بن علي، وتعويض ضحايا تلك الأحداث، تتواصل المتابعات القضائية في حق الشباب بتهم الاعتداء على مراكز الشرطة، ومؤسسات عمومية، خلال الثورة. وأقرّ المشرعون في تونس أخيراً، قانون الحقيقة والكرامة، الذي يقضي بتعويض كل الذين ظلموا خلال فترتي حكم بن علي وسلفه الحبيب بورقيبة، منذ 1955. وبضغط من عائلات شباب الثورة، وافق البرلمان على العفو الشامل عن المتورطين في أعمال شغب وتخريب خلال ثورة ديسمبر 2010.
مَثُل الشاب التونسي سفيان بوعزيز، أمام القضاء في مدينة القصرين، قبل أيام، ليحاكم بتهمة تتعلق بالمشاركة في الثورة ضد بن علي. ومنذ ثلاث سنوات تم توجيه الاتهام لنحو 130 شاباً في هذا السياق. وقد ألقي القبض على المدون عزيز عمامي في مايو الماضي، وتم إطلاق سراحه لاحقاً، وقد كتب على مدونته «أنا أيضاً أحرقت مركزاً للشرطة!»، إلا أن قضية «الثوار المعتقلين» لم تصبح قضية وطنية، كما كانت في الماضي، حسب المحامي شرف الدين الخليل، «ستكون هناك محاكمات أخرى لهؤلاء الشباب، لأن النظام يريد أن يقلب الصفحة»، ويضيف الخليل، «تمت صياغة العفو بشكل غير واضح، الأمر الذي يجعل القانون قابلاً للتأويل من قبل القاضي».
في مدن الثورة وسط تونس، مثل سيدي بوزيد والقصرين، لم يتغير شيء منذ سقوط نظام بن علي، فمعدلات البطالة لاتزال مرتفعة، والبنى التحتية بقيت على حالها، أما العلاقة بين الشباب والشرطة فلم تجد طريقاً بعد إلى المصالحة، وهي في تدهور مستمر. ويقول الشاب التونسي عصام عمري، (32 عاماً)، « قبل الثورة لم أعرف ما السجن، وبعدها دخلت السجن ست مرات»، ويمضي عصام وقته بين العمل في الحقل وارتياد المقاهي، كما يذهب لحضور جلسات المحكمة العسكرية التي تحقق في مقتل المئات خلال الثورة. وقد شهد الإفراج على أغلبية المتهمين من النظام السابق، من بينهم المسؤول الأمني في زمن بن علي، علي السرياتي، الذي حكم عليه في أحداث القصرين بـ20 سنة سجناً نافذاً، إلا أن المحكمة قضت بتخفيف الحكم إلى ثلاث سنوات. في المقابل يتم استجواب واعتقال المشاركين في الثورة. ويقول حلمي شنيتي، الذي فقَد شقيقه في أحداث تالا خلال الثورة، «بعد الثورة اعتقدنا أن الأمور ستتغير، وأن يكون هناك قطيعة، ولكن ما حدث هو العكس». وفي مدينة منزل بوزيان، على بعد 60 كيلومتراً من سيدي بوزيد، طالت الملاحقات القضائية العديد من الشباب، منهم سفيان بوعزيز، الذي وجهت له تهم: إهانة العلم الوطني وتهديد موظفين في الدولة والانتماء لمجموعة خارجة عن القانون. وقد شارك سفيان مع مئات الشباب في منطقته في العديد من التظاهرات خلال الثورة وبعدها، واليوم يشعر شباب الثورة بالإهانة، بسبب الاستهداف المستمر من قبل الشرطة الذين يريدون الانتقام منهم، حسب تعبير أحد الشباب. ويقول أحد المطلوبين، ويدعى محمد بن وناس لاغا، (23 عاماً)، «عناصر الشرطة يكرهوننا، لأننا شاركنا في الإطاحة بنظام بن علي وهم يريدون الانتقام».
من جانبه، شدد الناطق باسم الحكومة التونسية، على ضرورة استرجاع الأمن، وقال إن الاعتصامات غير مسموح بها، وحذر كل المخالفين بتطبيق صارم للقانون، جاء هذا التصريح على خلفية الاعتصام الذي قامت بعض العائلات في بلدة البرقة القريبة من الحدود مع الجزائر، إذ احتج الأهالي على نشاط شركة الفوسفات في المنطقة، وتخلل الاحتجاج مصادمات مع الشرطة، وانتهى الأمر باعتقال بعض المحتجين، والحكم على آخرين 10 سنوات سجناً غيابياً.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news