أوباما يستكمل ما بدأه بوش من تدمير للدستور الأميركي

إذا كان أستاذ القانون الدولي والقانون الدستوري في جامعة إيلينوي، البروفيسور فرانسيس بويل، قد دعا في يوم من الأيام إلى مساءلة الرئيس الأميركي حين يرتكب أمراً خطيراً يلحق ضرراً كبيراً بالأمن القومي أو المصالح الوطنية العليا للولايات المتحدة، فإنه يمكن لأي رئيس أميركي اليوم تجاوز القوانين الأميركية ومواد الدستور من غير أن يساوره قلق أو شك إزاء احتمال تعرضه للمحاسبة.

كرس الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش الابن، والرئيس الحالي باراك أوباما، مقولة «القانون حبر على ورق» لتصبح الإقالة، أو المساءلة، أمراً غير مرجح أكثر من أي وقت مضى مرة أخرى بالنسبة لرئيس ينزع إلى الاستبداد.

وبعد قضية الرئيس الأميركي السابق، بيل كلنتون، والموظفة المتدربة في البيت الأبيض، مونيكا لوينسكي، أصبح مفهوماً ضمنياً في البيت الأبيض، على ما يبدو، أنه يمكن للرئيس أن يتصرف كيفما يشاء، ويتجاوز عما يشاء، ويتمرد على ما يشاء طالما أنه بعيد عن العلاقات الغرامية والمغامرات النسائية.

وقد تلقيت في مارس من عام 2003، ضمن آخرين، اتصالاً من البروفيسور بويل، الناشط في قضايا حقوق الإنسان، حول غزو الرئيس الأميركي السابق، بوش للعراق. ودفع نشاط بويل هذا عضو اللجنة القضائية في الكونغرس، جون كونايرز، إلى عقد اجتماع طارئ مع نحو 40 من مستشاريه ومساعديه، معظمهم من المحامين وخبراء القانون، للبحث في إمكان تطبيق بعض قوانين وبنود المساءلة ضد بوش، ونائبه ديك تشيني، ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد، ووزير العدل جون اشكروفت.

وقد طلب كونايرز مني ومن وزير العدل السابق، رمزي كلارك، حضور الاجتماع، والمشاركة في النقاش حول المساءلة، الذي استمر ساعتين في محاولة لوقف غزو العراق. وفي ختام مداخلتي في النقاش لخصت موقفي بأن «أهالي أثينا القديمة خسروا ديمقراطيتهم وخسر الرومان جمهوريتهم، ونحن الأميركيين سنخسر بلادنا إذا لم نتصرف على الفور، فالولايات المتحدة ليست محصنة ضد قوانين التاريخ».

كما تبادل البروفيسور بويل أطراف الحديث مع رمزي كلارك حول موضوع قوانين المساءلة، حيث قال كلارك «أعتقد أن معظم الناس يريدون الحرب»، ويقول الناطق باسم الحزب الديمقراطي في ذلك الوقت للسيناتور كونايرز «لا توقفوا الحرب ولا تمنعوها لأننا نستفيد منها سياسياً، دع العراقيين يموتون ودع جنودنا الأميركيين يموتون، ففي ذلك كله فائدة لنا نحن الديمقراطيين». ويقول بويل إن الديمقراطيين كانوا أقل قسوة ووحشية من الجمهوريين، ويمكن أن أتذكر حينما كان الديمقراطيون الحزب الأكثر إنسانية، كان ذلك قبل إنشاء المؤسسات وترسيخها وقبل تصدير قيم ومبادئ «السوق الحرة» في الصناعة والوظائف إلى آسيا ومناطق أخرى من العالم.

وجاء أوباما ليستكمل ما بدأه بوش من تدمير للدستور الأميركي، ولم يعد أي من الحزبين الجمهوري أو الديمقراطي يمثلك كأميركي، وأصبحت ممارستك لعملية الانتخاب، والتصويت سواء لمصلحة هذا الحزب أو ذاك، ضد تملكك، ولمصلحة الحرب، فكلا الحزبين أصبح هو الشر بعينه.

وإذا لم يستطع الأميركيون إيجاد القيادة القادرة على الإفلات من الاغتيال فهذا يعني ضياع الولايات المتحدة. هل أميركا ضائعة أم أنها ملح الكرة الأرضية؟ وهل شعبها هو الشعب الاستثنائي الذي لا غنى عنه الذي اختاره التاريخ للاستمتاع بالهيمنة على الكرة الأرضية؟

بول كريغ روبرتس كاتب ومحلل صحافي أميركي عن «فورن بوليسي جورنال»

الأكثر مشاركة