الاحتجاجات وضعت هونغ كونغ في دائرة الخطر
أصبح الوضع المتوتر في هونغ كونغ على مفترق طرق خطر، مع تأكيد المتظاهرين أنهم سيواصلون احتجاجهم، على الرغم من أن أعدادهم في تناقص مستمر، وهم يطالبون باستقالة الرئيس التنفيذي لهونغ كونغ، ليونغ تشين، الذي تم تعيينه من قبل بكين. وهم يريدون من الصين المحافظة على وعودها بأن تكون انتخابات عام 2017، حرة، ولن تقتصر على المرشحين المفضلين لدى الحكومة الصينية.
وطالب قائد الطلبة في هونغ كونغ جوشا وونغ، أخيراً دول العالم بدعم دولي لإجبار بكين على المشاركة في مفاوضات من أجل الديمقراطية. وأعربت الحكومتان الأميركية والبريطانية عن «قلقهما» وتعاطفهما مع المتظاهرين، ولكن بكين سترفض وببساطة مثل هذا «التدخل في شؤون الصين الداخلية». وحالياً، وكما حدث في عام 1989، تلح وسائل الإعلام الصينية على أنه ثمة «أيدٍ لقوى غربية» بين المتظاهرين، وتصر على أن وسائل الإعلام الغربية هي التي ابتكرت مصطلح «ثورة المظلات» تماماً كما ابتكرت «ثورة الألوان» و«ثورة الياسمين»، ولكن هل النتيجة ستكون «ثورة الياسمين» أم «تيان أنمين» أخرى؟
ثمة إشارة مثيرة للتشاؤم من احتمال لجوء الشرطة إلى القمع، والتي تتمثل في استخدام كلمة «الفوضى» في صحيفة «الشعب» الصينية الرسمية، لوصف ما يحدث في هونغ كونغ. وكانت كلمة «فوضى» هي التي تم استخدامها في ربيع 1989 للإشارة إلى عدم استعداد القيادة في بكين لقبول التظاهرات في ساحة «تيان أنمين» لأمد طويل. وتنطوي هذه الكلمة على وقع خاص في الصين، التي يزخر تاريخها المضطرب بالجهود الفاشلة لتوحيد الدولة ومنع تشكل الفصائل والجماعات السياسية.
ومن الواضح أن بكين تسير وفق سيناريو مماثل لما حدث في «تيان أنمين»، ففي الأول من أكتوبر وصفت الصحافة الصينية التظاهرات في هونغ كونغ بـ«تجمعات غير شرعية»، وأنها «حالات خطف سخيفة وحمقاء» للقانون والنظام. ويطلق على المتظاهرين لقب «مجموعة معارضة متطرفة»، وتتهم بأنها لا تعمل على انتهاك القانون فحسب، وإنما تهدد سنوات طويلة من الازدهار والاستقرار.
وسخر الإعلام الصيني من المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية والحرية بالقول «الحرية بلا نظام ليست حرية حقيقية، وستؤدي إلى عدم الاستقرار الاجتماعي». وبعيداً عن تقديم اقتراحات للحل، تحذر وسائل الإعلام من استخدام وشيك للقوة.
ويخشى قادة بكين ما يعرف بحركة «أحجار الدومينو»، بين القوى المؤيدة للديمقراطية. وحتى إذا لم تقدم الصين أي تنازل في قضية الانتخابات، فإنها بلا ريب تريد تجنب الظهور بمظهر الضعيف في وجه احتجاجات شعبية. وتدرك بكين أن سكان تايوان والتيبت، والأجزاء الأخرى، يراقبون وجود أي إشارة من المرونة من قبل الحكومة، كما أن نجاح التظاهرات في هونغ كونغ سيتبعه مزيد من التظاهرات في أماكن اخرى في الصين، تماماً كما حدث في عام 1989.
وعلى الرغم من أن بكين استبعدت تقديم أي تنازلات، إلا أنها منحت الرئيس التنفيذي في هونغ كونغ سلطة لقاء بعض الطلبة. ولكن لقاء الطلبة لا يعني التفاوض وتقديم التنازلات. وبالطبع فإن العثور على صيغة لـ«حفظ ماء الوجه» ستكون في منتهى الصعوبة، خصوصاً أن المتظاهرين ليس لهم قادة، وليس لهم برنامج مشترك، وليس لهم هدف متفق عليه. وستفعل بكين كل ما هو ضروري، كي تجلب هونغ كونغ إلى بيت الطاعة. ولكن هل سيكون ذلك «تيان أنمين» أخرى؟