الأمم المتحدة تحذّر من تكرار سيناريو سربرنتسا البوسنية
الأزمة السورية تنتقل إلى شوارع تركيا
تتعرض أنقرة منذ أسابيع لضغوط مكثفة من أجل التدخل لمنع مقاتلي تنظيم «داعش» من الوصول إلى مدينة عين العرب (كوباني) على الحدود بين سورية وتركيا. وتشهد شوارع تركيا احتجاجات مستمرة منذ فترة يطالب خلالها المتظاهرون بالتدخل في شمال سورية، الأمر الذي ترفضه الحكومة حالياً. فيما حذّرت الأمم المتحدة من تكرار السيناريو المروع الذي وقع في مدينة سربرنتسا البوسنية قبل نحو 20 عاماً، إذ فشلت الجهود الدولية في وقف الحرب التي راح ضحيتها آلاف من المدنيين. ودعا المبعوث الأممي إلى سورية، ستفان دي ميستورا، الجميع إلى فعل ما بوسعهم لمنع حدوث كارثة إنسانية. جاء هذا التحذير عقب سقوط دفاعات الحماية الكردية حول عين العرب (كوباني)، وباتت الأزمة السورية أخيراً شأناً تركياً داخلياً بسبب قلق الأكراد الأتراك على مصير «إخوانهم» في الجانب الآخر من الحدود. وقتل عشرات الأشخاص في الاحتجاجات منهم أفراد من عناصر الشرطة، واضطرت السلطات التركية إلى فرض حظر التجوال، لأول مرة منذ الانقلاب العسكري في 1980، في ست مقاطعات للسيطرة على الوضع فيها.
يقول رئيس مركز «بيغلسم» للدراسات الاستراتيجية، أتيلا سانديكلي، إن الوضع بات مقلقاً بالفعل، وإن الأزمة السورية بات لها تأثير أكبر مما كان يتوقع في الماضي على الحياة السياسية في تركيا. ويرى سانديكلي أن «الوضع يمثل تهديداً لاتفاقية السلام (مع الأكراد في تركيا)». واشتد التوتر عندما دعا الحزب الديمقراطي الكردي، الذي له علاقة بحزب العمال الكرستاني ــ المحظور في تركيا ــ إلى تظاهرات في تركيا لمساندة الأكراد في «كوباني» في الوقت الذي يتقدم عناصر «داعش» إلى المدينة.
وبالنسبة للخبير السياسي في مركز الدراسات القانونية والسياسية محمود أكبينار، فإن الأزمة السورية باتت شأناً تركياً، والخيارات التي اتخذت في هذا الشأن كانت غير مجدية. ويعتقد الخبير أن الأزمة في سورية تمثل تهديداً مباشراً للأمن التركي.
وفي بداية الاحتجاجات، لم تتمكن الشرطة في ديار بكر من وقف العنف، ونشرت بعض قوات الدرك في بعض المناطق في المدينة. وفي بعض أجزاء من إسطنبول أيضاً مثل حي إيسنيورت. والأكثر خطورة من الاحتجاجات هو الاشتباكات بين مجموعات تقدم الدعم لأطراف مختلفة في الصراع بين «داعش» والأكراد في سورية. وبذلك تحولت الحرب الأهلية السورية إلى مشكلة داخلية خطيرة بالنسبة لتركيا. وبعد وقت قصير من بداية الحرب الأهلية تبنت الحكومة التركية موقف «النظام السوري يجب أن يذهب»، وانخرطت بشكل مباشر في الأزمة من خلال تقديم جميع أنواع المساعدة، بما في ذلك العسكرية لأولئك الذين يقاتلون النظام.
ولإضفاء الشرعية على التدخل التركي المحتمل في سورية ومساعدة الجماعات المتمردة، كشف مسؤولون أتراك كبار بمن فيهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو في مناسبات مختلفة، أنهم يرون ما يحدث في سورية قضية داخلية لتركيا، بالنظر إلى الحدود بين البلدين، فضلاً عن الروابط التاريخية والثقافية. ويرى الصحافي التركي بولنت كينس، أن سياسة تركيا الخارجية يجب أن تتركز على المصالح العليا لتركيا وليس على تفكير حزبي ضيق. ويقول سانديكلي «إذا استمرت الاحتجاجات بمشاركة الجماعات اليسارية المتطرفة فسيتأثر الاقتصاد سلباً، ومن ثم فإن الأزمة الحالية ستلحق أيضاً ضربة قوية لمكاسب تركيا على مدى السنوات الماضية».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news