استراتيجية أوباما في الشرق الأوسط غير مجدية
في يونيو الماضي، لاذت القوات العراقية بالفرار من الموصل، وتنازلت عن قواعدها لعناصر تنظيم «داعش»، وعقد حينها الرئيس الأميركي، باراك أوباما، مؤتمراً صحافياً حول الوضع في العراق وسورية، وتطرق إلى ما تعتزم إدارته فعله إزاء التهديدات الجديدة، لكن ماذا كانت الاستراتيجية في نهاية المطاف، وما الهدف من الجهود التي ستقوم بها الولايات المتحدة؟ تحدث الرئيس عن «منصة لمكافحة الإرهاب»، تجعل جميع البلدان في المنطقة تعمل في الاتجاه نفسه، إلا أنه استخدم اليمن مثالاً على نجاح الاستراتيجية الأميركية في حل الصراعات، ومساعدة البلدان التي تعاني مشكلات سياسية وأمنية. وقال أوباما حينها، إن «اليمن دولة فقيرة جداً، وفيها انقسامات طائفية وعرقية متعددة». وأضاف «لدينا شريك ملتزم يتمثل في الرئيس (عبدربه منصور) هادي وحكومته»، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة استطاعت المساعدة في تطوير قدرات اليمن، من دون إقحام عدد كبير من القوات الأميركية على الأرض. لكن «نموذج اليمن» اليوم مثل «نموذج الموصل» قبل 10 سنوات تقريباً، وهو في حالة يرثى لها. ففي سبتمبر الماضي، وبعد ما يزيد قليلاً على شهرين على خطاب أوباما، وقع معظم العاصمة اليمنية صنعاء في يد المتمردين الحوثيين، ما أدى إلى تحطيم أسطورة بأن هناك إجماعاً داخل البلاد بأن هناك «مخرجاً سياسياً شرعياً للمظالم التي يتعرضون لها». لقد اختفت الحكومة منذ ذلك الوقت، على الرغم من أن الرئيس هادي لايزال مسؤولاً بالاسم. والواقع أن التوترات الطائفية والجهوية لم تكن غائبة يوماً في اليمن، وكان ذلك صحيحاً عندما تحدث أوباما في يونيو كما هي الحال اليوم. خاض الحوثيون، وهم أقلية في البلاد، قتالاً ضد الحكومة لمدة أربع سنوات، انتهت في 2010، واستئنف القتال في الصيف الماضي. كانت هناك جرعة لخصومة إقليمية أكبر في كل ما جرى، كما هي الحال في سورية والعراق. وتقول الباحثة في الشؤون اليمنية، شيلغا غول، إنه «حتى من دون التعامل مع الانقسامات في اليمن عند المستوى الطائفي، ابتليت البلاد بأمراء الحرب، وأثبتت الحكومة أنها غير قادرة على بسط سيطرتها على الكثير من المناطق النائية في البلاد». وأضافت أنه «يصعب عليها إدارة الخصومات القبلية والدينية والتجارية من دون فتح المزيد من الصراعات». وأشارت غول إلى أن إشادة أوباما بالرئيس هادي في يونيو، لقدرته على التغلب على الكثير من هذه المشكلات، كانت سابقة لأوانها.
لكن هذا ساعد على إعادة المشكلة الرئيسة، التي تتمثل، كما قال الرئيس الأميركي، في «الحاجة إلى بناء الشراكة مع القوى الإقليمية الملتزمة بمصالح الولايات المتحدة وقيمها». لا تشارك السعودية أو إيران وحتى تركيا ما ينظر إليه بأنه المصالح الأميركية في المنطقة، فالأتراك والسعوديون يرون أن إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد يحتل رأس الأولويات، والمصلحة الأميركية تتمثل في ترتيب الحكم في العراق، مع احتفاظ الشيعة بمعظم السلطة، وهو ترتيب أسهمت واشنطن في خلقه طيلة الأعوام الـ11 الماضية. وأول هدف لأميركا حالياً هو مواجهة تنظيم «داعش»، إضافة إلى حماية الأكراد الذين تمكنوا من إقامة منطقة حكم ذاتي في العراق، بفضل الدعم الأميركي منذ نهاية حرب الخليج الأولى.
يمثل الأكراد أيضاً مشكلة بالنسبة لتركيا التي لا تفضل حكماً ذاتياً للأكراد في العراق، لأن ذلك يشجع الانفصاليين الأكراد لديها، كما أنها تخشى انتصار المقاومة الكردية في (عين العرب) كوباني ضد «داعش». ومع كل يوم يمر تبدو استراتيجية البيت الأبيض في الشرق الأوسط غير ذات جدوى وغير متماسكة.
دان ميرفي كاتب ومحلل في صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور»