الإرهاب الإسرائيلي يهدف إلى طمس هوية الفلسطينيين
يعتبر التفتت الذي يعيشه المجتمع الفلسطيني إرثاً طبيعياً للاحتلال، وبالنسبة للإسرائيليين، فإنه أمر يجب أن يست
وإذا كان تشريد السكان، والترحيل القسري، والتطهير العرقي، لم توضح بصورة جلية أجندة الأيديولوجية السياسية العسكرية التي تنتهجها إسرائيل، فإن جميع الخطوات التي تلت، والتي ظهرت منذ اليوم الأول من تأسيس إسرائيل ولمدة ستة عقود متواصلة من عملية السحق النفسي والاقتصادي لإرادة من تبقى من الشعب الفلسطيني الخاضعين لحالة من النفي على أرضهم، تؤكد ذلك.
وإسرائيل من حيث المصطلح الجيوسياسي، هي أميركا المصغرة، كما تشير حظوظها، وتمثل إسرائيل بالنسبة لأميركا، ما كانت تمثله الهند بالنسبة لبريطانيا في السابق، أي جوهرة التاج، مع فارق أن المشروع الاستعماري في الهند كان للإخضاع والنهب عن طريق استغلال الأثرياء، في حين أن الوضع في إسرائيل حولها إلى قاعدة إقليمية متقدمة للعسكرتارية، والإنجازات التقنية، بحيث تشق طريقها في العالم الاقتصادي في حين تحمي الوضع الاستراتيجي لأميركا في قلب منطقة ليست غنية بالنفط فقط، انما مفترق طرق عالمي، بحيث انها تقدم موقعاً قيادياً بالنسبة لأوروبا وإفريقيا، وآسيا، وبصورة اكثر خصوصية إلى روسيا والصين.
وبصورة رمزية، إذا كان لابد من اختيار نقطة واحدة مشتركة بينهما، فهي تتركز في أن الطرفين مزودان كبيران في القمع، وهو بحد ذاته ما يربط الطرفين مع بعضهما بعضاً. وهذا ما نجده في المجازر التي ارتكباها. ولنأخذ مجزرة ماي لي، التي ارتكبها الأميركيون في فيتنام، ومجزرة دير ياسين، التي ارتكبها الإسرائيليون في فلسطين، حيث نجد عناصر معينة مشتركة بين المجزرتين، ليس فقط كسلوك يقوم به الجنود عادة، وإنما هو انعكاس للسياسات وقيم المجتمعات التي تم تشكيلها استناداً إلى الفلسفة العسكرية، والتعصب العرقي والخوف من الغرباء مدعومين من قبل نظام قيادة ذات سلطة هرمية، بغض النظر عن لون جلدها.
وكان التوسع على الأرض هو الهدف الأساسي للجماعات الصهيونية منذ البداية، ولهذا فإن الأعمال الإرهابية كان يقصد بها ترهيب الفلسطينيين وتشجيعهم على الهرب، وهي سياسة اتبعها جميع قادة إسرائيل بدءاً من ديفيد بن غوريون. وتركزت أعمال ترهيب الفلسطينيين على الأماكن الاستراتيجية مثل دير ياسين، التي تشرف على مدينة القدس، حيث كانت هذه البلدة درساً بليغاً لإرهاب الفلسطينيين وجعلهم يهربون من بلادهم.
وفي الحديث عن الأيام الحالية، نرى الصحافي نفتالي بينيت، من صحيفة نيويورك تايمز، يقول في مقالة رأي بعنوان «الدولتان لم تعد حلاً»، يقدم رفضاً للمفاوضات البناءة، وبناء عليه يترك الوضع الراهن من الاحتلال والوضع المهين والقمعي الذي يتعرض له الفلسطينيون على حاله. ولكن جون وايتباك، وهو محامٍ يكتب في موقع كاونتر بانش كتب يرد عليه في مقال آخر بعنوان «دعوة كي يستيقظ بينيت»، استكشف فيها الكاتب العيوب والنواقص المخفية التي تفضح مواقف، وسياسات المتشددين الإسرائيليين الرافضين لأي شكل من القرارات العادلة بالنسبة للشعب الفلسطيني، بل ان السياسة الإسرائيلية نحو الفلسطينيين ستتجه نحو الأسوأ، إذ سيتم طمس السيادة الفلسطينية، وسيجري التشديد على الاحتلال تحت مسميات جديدة.
نورمان بولوك - باحث وناشط سياسي، يكتب في «كاونتر بانش»