الكثير من الأميركيين يشعرون بظلم عميق
أميركا لاتزال تعاني العنصرية رغم انتخاب أوباما
التظاهرات وأعمال العنف التي شهدتها الولايات المتحدة خلال الأسبوعين الماضيين، احتجاجاً على قتل اثنين من الأميركيين السود على أيدي ضباط شرطة بيض، أظهرت بما لا يدع مجالاً للشك أن تلك الدولة لاتزال تعاني العنصرية، حيث لاحظ مراقبون لما جرى أن الانقسام العنصري الكامن كالجمر تحت الرماد سرعان ما يطفو على السطح عند أي حادثة، مهما كانت بسيطة، وأن دخول باراك أوباما للبيت الأبيض كأول رئيس أميركي من أصل إفريقي لم يسهم في التخفيف من تلك العنصرية.
ترى ما الدرس الذي تعلمه الأميركيون من قرار هيئة المحلفين التي برأت الضابط الأبيض دارين ويلسون قاتل الفتى الأسود مايكل براون في فيرغيسون؟ وما الذي تعلموه من التحقيق الذي أظهر براءة قاتل الأميركي الأسود إيريك غارنر من جريمة قتله خنقاً؟ وكذلك من حوادث عنصرية مماثلة سابقة؟ الجواب هو: لا شيء، وستمضي الأحداث والأيام، ويعود الأميركيون إلى ممارسة حياتهم، والاستفادة من فرص المتعة والاستجمام من غير أن يتعلموا شيئاً. نعم سينسون، لأنهم يرفضون التعامل مع واقع مؤلم، والبحث عن الإجازات وفرص متعتهم، وينسون ما حدث من غير أن يتعلموا شيئاً، الواقع المؤلم الذي يؤكد تهميش شريحة كاملة من المجتمع الأميركي والتنكر لكثير من حقوقها.
من السهل للغاية ملاحظة الفقر، وتدني مستوى الحياة، وانتشار الجريمة، وتعاطي المخدرات، والاتجار فيها، وارتفاع معدلات البطالة في ضواحي المدن ذات الأغلبية السوداء، مثل فيرغيسون وبعض ضواحي شيكاغو ونيويورك. وكان من جملة نتائج أحداث فيرغيسون ظهور حركة «ارفعوا أيديكم ــ اخرجوا» الطلابية من الناشطين الذين يستنكرون الكثير من ممارسات الشرطة وتجاوزاتها للقوانين، وتدعو إلى وضع ضوابط جديدة حازمة، تنظم عمل الشرطة وكيفية انتشارها وتدخلها، وتحدد بوضوح كيفية اعتقال المشبوهين والمتهمين، حيث نشطت هذه الحركة في جامعة واشنطن في مدينة سانت لويس وجامعة بوسطن، ولعبت دوراً رئيساً في التظاهرات والاحتجاجات التي عمت الكثير من المدن والجامعات الأميركية.
ويقول بعض المحتجين إن الأميركيين قد ضاقوا ذرعاً بتكرار قتل مدنيين من السود على أيدي أفراد الشرطة وضباطها.
كما استفاد الأميركيون السود استفادة كبيرة من وسائل التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» و«تويتر» و«انستغرام» في شن حملة تردد شعارات مثل «حياة السود مهمة أيضاً»، و«يجب محاسبة البيض على جرائمهم أيضاً».
ويقول مقربون من غارنر إنه لم يكن يشكل تهديداً لأحد حينما ألقى ضابط الشرطة القبض عليه، لكن كان قد تم اعتقاله مرات عدة من قبل، بعد شكاوى ضده من أصحاب المتاجر في المنطقة بأنه كان يبيع السجائر على نحو مخالف للقانون. ومما أجج الحساسية العرقية في قضية غارنر أن أشخاصاً عدة سجلوا بهواتفهم المحمولة الحوار بين غارنر وضباط الشرطة قبل وأثناء القبض عليهـ ونشروا محتوياتها عشرات المرات على «فيس بوك» و«توتير» ومواقع مختلفة على الإنترنت، حيث ظهر أفراد عدة وضباط وهم قابعون فوقه، بعد طرحه أرضاً، وتطويق الضابط الأبيض دانييل بانتاليو لعنقه بذراعه بعنف، ثم تكرار غارنر عبارة «لا استطيع التنفس».
وتقول أرملة غارنر «إن المعركة لم تنته وإنما بدأت لتوها. وأنا مصممة على الحصول على العدالة لزوجي»، وقال أحد المحتجين إن المعاملة التي تتلقاها الأقليات في الولايات المتحدة تعيدها إلى عصور العبودية الأولى «نحن نلقى معاملة غير إنسانية منذ جئنا إلىهنا، الناس أنهكتهم هذه العنصرية الممنهجة في البلاد، وخرجنا لنقول إن حياة السود مهمة».
ويقول الرئيس باراك اوباما إن العنصرية تبدو متجذرة في الولايات المتحدة منذ وقت طويل، وإن الكثير من الأميركيين يشعرون بظلم عميق في ما يتعلق بالهوة العميقة بين «قيمنا ومثلنا وكيفية تطبيقنا للقوانين».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news