الصحافة الأميركية تواجه إشكالية الإثارة والمهنية

بعد أن عاد الهدوء إلى شوارع المدن الأميركية وساحاتها العامة، إثر التظاهرات والاحتجاجات ذات الأبعاد العنصرية، التي شهدتها أواخر نوفمبر وأوائل ديسمبر الماضي، على خلفية تبرئة ضباط شرطة بيض من اتهامات بقتل أميركيين من أصول إفريقية والمسؤولية عن موتهم، احتدم جدل في الأوساط السياسية والإعلامية في الولايات المتحدة، حول ما إذا كان الصحافيون غلّبوا جوانب السرعة والإثارة على المهنية والمسؤولية في تغطيتهم لتلك الاحتجاجات.

وذهب فريق إلى أن الفضل في عودة الهدوء يعود إلى تغليب وسائل الإعلام روح المهنية والمسؤولية، بينما قال فريق آخر إن تغطية تلك الوسائل اتسمت بالعنصرية واللامسؤولية، سعياً إلى الإثارة والسبق الصحافي.

وبعد يوم من قرار هيئة المحلفين القضائية في فيرغسون بولاية ميسوري بعدم اتهام الشرطي الأبيض، داري ويلسون، بقتل الشاب الأسود مايكل براون، عبّر بيرني غولد بيغريغ، وهو صحافي في تلفزيون «فوكس» اليميني، عن موقف يميني عنصري حين قال «يجب ألا نخلط الأمور، ويجب أن نتذكر دائماً أن ويلسون هو البطل، وبراون هو الخائن».

ولأن الإعلام العالمي غالباً ما يتأثر بالإعلام الأميركي، فقد سارعت إلى فيرغسون كاميرات تلفزيونات عالمية، منها «بي بي سي» البريطانية، و«روسيا اليوم» الروسية، و«فرانس -24» الفرنسية، و«دويتش فيلت» الألمانية، لتقلد الإعلام الأميركي، وتتأثر به في التغطية.

كما حدث الشيء نفسه تقريباً بعد قرار هيئة المحلفين في نيويورك بعد اتهام الشرطي الأبيض بالمسؤولية عن موت الرجل الأسود، اريك غارنر، اختناقاً، وسط اهتمام إعلامي داخلي وخارجي أكبر، بسبب أهمية نيويورك، ليس فقط مركزاً إعلامياً، بل أيضاً مدينة فيها عشرات الأعراق والأديان والثقافات.

ويقول روبرت انتمان، أستاذ الشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن، والمتخصص في العلاقة بين الإعلام والعنصرية «دائماً تكون صور الاحتجاج جذابة لوسائل الإعلام، حيث صور العنف في الشوارع والنوافذ المحطمة، فمثل هذه الصور تسهم في نقص المعلومات الأساسية عن الموضوع، لأنها صور مثيرة أكثر مما نستلهمه منها من تحليلات عميقة».

ويقول صحافي أبيض إن السود يبالغون في الشكوى من الشرطة البيض وظلمها لهم، بينما يرد صحافي أسود بأنه في كل يوم يقتل شرطي أبيض رجلاً أسود، في حين يقول فريق ثالث إن المهنية أمر نسبي، والعدالة والموضوعية والمسؤولية من القيم التي لا تستقر أو تسكن في الأرض.

 

الأكثر مشاركة