وعد بتغيير جذري بعد إجراءات تقشفية صارمة

تسيبراس يقود اليونان في انطلاقة جديدة

صورة

أشاع رئيس الوزراء اليوناني المنتخب حديثاً، إليكسيس تسيبراس، جواً من السعادة لدى ناخبيه، كما أنه بعث رسالة مخيفة إلى الحكومة الألمانية، وسبب هزات كبيرة للأسواق. وحقق تسيبراس، وهو زعيم حزب «سيريزا» اليساري، وصاحب الشخصية الكارزمية، فوزاً بنسبة 36.3% في الانتخابات العامة اليونانية في 25 يناير الماضي، غير أنه يواجه مهمات جسيمة بانتظاره، فعليه تنفيذ التعهدات التي قدمها إلى ناخبيه، عندما وعد بوضع نهاية لحالة التقشف التي تعانيها البلاد، الأمر الذي يتطلب منه إقناع الأعضاء الآخرين في دول اليورو، خصوصاً ألمانيا وفنلندا، لتخفيض الديون العامة إلى الثلث. وهذه الديون تعادل 175% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2013، فهل بإمكان تسيبراس إنجاز التغير الذي وعد به؟

من المؤكد أن انتصار تسيبراس والطريقة التي سيحكم بها اليونان سيكون لها آثار كبيرة على القارة الأوروبية. وتشعر الأحزاب الشعبوية في أوروبا بفرح غامر جراء النصر الذي حققه تسيبراس، إذ يرون فيه مصدر إلهام لطموحاتهم السياسية، وهم يرون فيه تجاهلاً للمفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، التي أصرت دائماً على أن التقشف هي الطريقة الوحيدة لإنعاش الوضع الاقتصادي في اليونان.

وربما تكون قدرة تسيبراس على الإيفاء بوعوده التي قطعها للناخبين محدودة نوعاً ما، بالنظر إلى أنه فشل في تحقيق فوز يضمن له الأغلبية في البرلمان، ناهيك عن أن ألمانيا من غير المحتمل أن تكون ردة فعلها إيجابية إزاء التخفيف من ديون اليونان.

وفي كل الأحوال، ستحدد وعود «القائد» وأسلوب حكمه ما اذا كان سيشرع في تغيير جذري للثقافة السياسية في اليونان، هذا التغيير الذي كان من المفروض القيام به منذ زمن بعيد، حسبماً قال تسيبراس خلال حملته الانتخابية.

ولم يكن البيان الرسمي الذي أصدره تسيبراس خلال حملته الانتخابية حول وضع نهاية لإجراءات التقشف فحسب، وإنما كان حول تخليص الدولة من ثقافة ونظام سياسيين يهيمن عليهما قلة من الأثرياء الذين يدينون بالولاء إلى إحدى أهم عائلتين سياسيتين في اليونان، هما عائلتا باباندريو وكارامانليز. وحكمت هاتان العائلتان اليونان بعد انهيار حكم العسكر عام 1974 في اليونان.

ولكن بدلاً من التغيير الجذري في المجتمع عبر الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، والسياسية، ضعفت الديمقراطية اليونانية في حين أن الاقتصاد لم يزدهر. وعندما انضمت اليونان إلى الاتحاد الاوروبي في عام 1981، لم يتم الانتباه كثيراً إلى العجز في نظامها الديمقراطي، وتم قبولها إلى الاتحاد الأوروبي بهدف تسهيل الانتقال من الحكم الشمولي العسكري إلى الحكومة المدنية.

وعندما انضمت اليونان إلى منطقة العملة الأوروبية الموحدة «اليورو» في عام 2001، أدرك كبار الخبراء الاقتصاديين في حينها أن أثينا كانت غير مستعدة للتعامل مع تحديات سياسة نقدية متشددة. وسمحت لامبالاة الاتحاد الأوروبي بالعجز الديمقراطي لدى اليونان، والضعف في اقتصادها إلى السماح لحزبين سياسيين رئيسين بحكم اليونان بصورة فعالة وتقاسم الغنائم في ما بينهما.

وخلال الخطابات التي ألقاها تسيبراس في حملته الانتخابية قبيل انتخابات 25 يناير، لامس الرجل وتراً حساساً لدى الناخبين، عندما انتقد الطريقة التي يواصل من خلالها «الأوليغارشيين» حكم البلاد. وقال أيضا إنهم لم يتأثروا بإجراءات التقشف، هذه الإجراءات التي كانت تهدف إلى تخفيض حجم القطاع العام المتضخم، وتقديم نوعاً من الشفافية في نظام الجباية الضريبية، المعروف بتساهله مع المتهربين عن دفع الضرائب والفساد.

تويتر