المتطرفون يضعون تونس أمام اختبار صعب
تمتلك تونس جميع المقومات التي تجعلها غير مرغوبة من قبل الإرهابيين، ولهذا السبب ضربوا بقوة، الأسبوع الماضي، في العاصمة باستهدافهم متحف باردو. يبدو أن تونس تهدد الجماعات المتطرفة بما تمثلها؛ فهي في نظرهم «نموذجاً معادياً» يجب القضاء عليه. لقد أثبت هذا البلد أن الديمقراطية تتماشى مع قيم بلد بخلفية إسلامية. وأثبتت أيضاً أنها يمكن أن تحصل على دستور حديث يضمن حقوق النساء والرجال. ونظراً لاعتماد الاقتصاد التونسي على السياحة، بشكل كبير، فقد استهدف المسلحون هذا القطاع ــ عن قصد أم لا ــ من خلال الهجوم على متحف أثري والتخطيط لهجوم مماثل على البرلمان. ويقول شاهد عيان: «لقد كانوا يطلقون النارعلى كل شيء يتحرك». ومنذ اندلاع الثورة في 2011، لم تشهد البلاد هجمات من هذا النوع، إذ اقتصر وجود المجموعات المسلحة في الجبال الغربية المحاذية للحدود مع الجزائر، وتستهدف هذه المجموعات في الغالب قوات الجيش.
ويقول المحلل الفرنسي، ميشال دكراندي، إن الكثير من الخبراء الأمنيين أكدوا أن التهديدات الإرهابية ضد تونس كانت واردة بشكل كبير، معللين ذلك بتلك الإجراءات الأمنية المشددة التي شهدتها البلاد خلال الانتخابات التشريعية، ومن بعدها الرئاسية. ويذكر دكراندي أن «داعش» لا ينشط رسمياً في تونس خلافاً للجزائر وليبيا أو نيجيريا التي أعلنت فيها الجماعات المتشددة مبايعتها للتنظيم. وجدير بالذكر أن التقارير الاستخباراتية تشير إلى أن نحو 3000 تونسي يوجدون ضمن مقاتلي التنظيم في سورية والعراق. ومنذ الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي، تغلغلت جماعة «أنصار الشريعة»، بالإضافة إلى «القاعدة في المغرب الإسلامي»، وكان من نتائج ذلك وقوع عمليات إرهابية كان آخرها التي استهدفت متحف باردو في قلب العاصمة يوم الأربعاء الماضي.
وعلى الرغم من عدم وجود مجموعات إرهابية نشطة في تونس، إلا أن تنظيم «داعش» استطاع أن يضرب في عمق العاصمة. ويعتقد مراقبون أن الخطر قادم من دول الجوار بسبب الوضع الأمني المتردي في ليبيا. وأصبحت التنظيمات المسلحة تجذب إليها مقاتلين من دول المنطقة، خصوصاً من تونس، أمثال أحمد الرويسي، وهو من أكثر الرجال المطلوبين في تونس، والذي يعتبر الرأس المدبر لاغتيال المعارضين محمد براهمي، وشكري بلعيد.
ونظراً إلى هشاشة الرقابة على الحدود، بات انتقال المقاتلين من وإلى ليبيا أمراً سهلاً، وفقاً لعدد من المحللين، من أجل الالتحاق بصفوف المسلحين في العراق وسورية. ومن نتائج الفوضى في ليبيا، أيضاً، تسلل مقاتلي تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» إلى تونس، والقيام بهجمات ضد رجال الجيش والشرطة بشكل منتظم. وفي ظل انعدام الأمن في ليبيا، المترامية الأطراف، فقد أصبحت تشكل خطراً كبيراً على جميع دول المنطقة.
وتقول الخبيرة في معهد الأمن والعلوم السياسية الألماني، إيزابيل فيرنفليز: «يشكل السيّاح هدفاً مثالياً للمجموعات الإرهابية»، موضحة أن التعرض للسياح بهجوم يؤدي إلى خسائر أكبر من الهجوم على قوات الأمن»، وسبب ذلك كون السياحة تشكل أحد أهم أركان الاقتصاد التونسي، فالسياحة قبل عام 2011 كانت أحد أهم مصادر الدخل بالنسبة لقطاع واسع من الشعب.
ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس التونسي باجي قايد السبسي عن تسريع الإصلاحات، وتعديل عدد من القوانين، لتحفيز الاستثمار، كما دعا إلى عقد مصالحة وطنية تسمح لرجال الأعمال الممنوعين من السفر، بسبب تهم بالفساد، باستئناف أعمالهم والاستثمار والمساهمة في النهوض الاقتصادي.