جنوب إفريقيا تحولت إلى مرتع للتجسس
تبدو إفريقيا مسرحاً للتجسس العالمي في القرن الـ21، حيث تعد جنوب إفريقيا بوابة لهذا المسرح، بحسب الوثائق والبرقيات التي اطلعت عليها صحيفة «الغارديان»، في أحد المخابئ السرية للمخابرات، حيث قال أحد ضباط المخابرات العاملين هناك «إفريقيا أصبحت الآن مرتعاً للتجسس العالمي».
وتحولت القارة السمراء، بصورة متسارعة، إلى مركز للتجسس الدولي، في وقت تعزز فيه الصراع على الموارد الطبيعية الموجودة فيها، حيث تنامى الدور الاقتصادي الصيني بصورة غير عادية، كما أن الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى وسعت وجودها العسكري، وعملياتها عبر هذا الصراع الدولي الجديد على إفريقيا.
ونظراً إلى أن جنوب إفريقيا تمثل قوة إقليمية ومركز اتصالات، فقد أصبحت بريتوريا مركزاً لهذا الصراع الدولي، حسب ما يقوله ضباط المخابرات، كما أنها هدف للتجسس العالمي. وتحوي الوثائق المسربة، التي اطلعت عليها «الغارديان» أسماء 78 جاسوساً دولياً، يعملون في بريتوريا، إضافة إلى صورهم وعناوينهم وأرقام هواتفهم النقالة. وكذلك 65 عميلاً لأجهزة مخابرات أجنبية، يتم تحديدهم من قبل دولة جنوب إفريقيا، باعتبارهم يعملون بصورة سرية. ومن الدول التي ترسل جواسيسها: الولايات المتحدة، والهند، وبريطانيا، والسنغال.
وتعتبر الولايات المتحدة وحليفتيها بريطانيا وفرنسا القوى الرئيسة العسكرية والدبلوماسية في القارة السمراء. وتمضي دولة جنوب إفريقيا وقتاً كبيراً في التركيز على إيران والجماعات المتطرفة، على الرغم من أن الوثائق الداخلية تظهر أن دوائر المخابرات في جنوب إفريقيا لا تعتبر أياً من المذكورين أنهما يشكلان تهديداً كبيراً لجنوب إفريقيا. وقال مصدر في المخابرات «الأميركيون يحصلون على ما يريدون».
وتستهدف المخابرات الأجنبية عادة عدداً كبيراً من الأهداف، تراوح مبين الجماعات الإرهابية والسرقات الاقتصادية والتكنولوجية. وظهرت الصين باعتبارها أحد أكبر اللاعبين الاقتصاديين في القارة، حيث تستثمر بشدة في البنية التحتية، وتحتفظ بوجود قوي في العديد من الدول، يدفعها في ذلك شرهها الشديد للبترول والموارد الطبيعية.
وتم التعرف إلى نشاط المخابرات الصينية، عندما اعتبرت من المشتبه فيهم في عملية سطو نووية. ويقول ملف يرجع تاريخه إلى ديسمبر 2009، حول جهود مكافحة التجسس التي تبذلها جنوب إفريقيا، إن وكالات تجسس أجنبية كانت تعمل «بصورة محمومة للتأثير» في برنامج توسع الطاقة النووية في الدولة، حيث تم تحديد الولايات المتحدة وفرنسا باعتبارهما اللاعبين الرئيسين في هذا المجال. ولكن نظراً إلى «التطور الكبير في سرية العمليات»، لم يكن من الممكن إيقاف هذه النشاطات.
لكن حالة السطو التي وقعت عام 2007، على مركز «بيليندابا للأبحاث النووية»، حيث قام نظام الفصل العنصري «الأبارتهايد» بتطوير السلاح النووي في سبعينات القرن الماضي، نفذها أربعة من المسلحين و«مجرمون يتمتعون بخبرة تقنية متطورة جداً»، واعتبرت المخابرات في جنوب إفريقيا هذا الحادث تجسساً دولياً. ورفض المسؤولون علانية أن يكون هذا الحادث مجرد حادث سرقة. وذكرت التقارير أن عدداً من وكالات التجسس الدولية كانت قد أظهرت اهتمامها بالتطور الحاصل في مفاعل «بيبل بيد موديولر» في جنوب إفريقيا. وحسب الملف ذاته فإن عمليات السرقة والسطو على مركز المفاعل المذكور يشتبه في أنها تمت من قبل «مشروع صيني متطور منافس». وأضافوا أن الصين «كانت متقدمة تقنياً لعام واحد فقط، على الرغم من أنها بدأت بعد أعوام من إطلاق مفاعل بيبل بيد موديولر». ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، هونغ لي، اتهام بلاده بسرقة مواد نووية من جنوب إفريقيا.