تسريبات نفط «بريتش بتروليوم» أدت إلى تصالح هافانا وواشنطن
عندما قام وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، برفع العلم الأميركي على السفارة الأميركية في هافانا، يوم الجمعة الماضي، كان ذلك تتويجاً للعمل الدبلوماسي بين الطرفين. ولكن مصدر هذا العمل يعود إلى كارثة وقعت إبان الأشهر الثمانية عشر، من عمر إدارة الرئيس باراك أوباما، وهي تسرب النفط من منصات الحفر والضخ التابعة لشركة بريتش بتروليوم في خليج المكسيك.
وشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق في بداية الأمر، خشية أن يؤدي ذلك إلى تسرب النفط إلى مياه كوبا، ما سيؤدي إلى تفاقم العلاقات المضطربة أصلاً بين البلدين. وساهمت التيارات البحرية في المحيط، في تدفق كميات كبيرة من النفط نحو الغرب، باتجاه شواطئ الولايات المتحدة، وليس نحو الشرق أي باتجاه المياه الدولية. وزاد في قلق الأميركيين، أيضاً، ان البحث في برنامج الحفر المتزايد للكوبيين لاستحصال النفط (في البحر الكاريبي شمال مدينة هافانا تماماً بالقرب من ساحل ولاية فلوريدا) يمكن أن يؤدي إلى مزيد من المخاطر، التي من شأنها تلويث مياه الولايات المتحدة نفسها.
ويتحدث البروفسور ويليام ليوغراند، من الجامعة الأميركية، في كتاب جديد شارك في تأليفه، عما أسماه مفاوضات الأقنية الخلفية بين هافانا وواشنطن، حيث يرى أن المفاوضات غير الرسمية حول المخاطر البيئية، ومستقبل الكوارث البيئية المحتملة، ساعدت على بناء الثقة بين المسؤولين الأميركيين والكوبيين، ومهدت الطريق أمام المحادثات بين الطرفين حول تطبيع العلاقات بينهما، والمسائل المتعلقة بالبيئة، وإنتاج النفط من الشواطئ المقابلة للبلدين.
وعندما قدم رئيس شركة الاتحاد الدولي لمقاولي الحفر عن النفط، لي هانت، ومقرها هيوستن، طلباً للحصول على إذن زيارة كوبا لمناقشة قطاع الطاقة فيها، رفضت وزارة الخزانة في الولايات المتحدة أن تمنحه الإذن. ولكن بعد حدوث كارثة تسرب النفط من شركة بريتش بتروليوم، رضخت حكومة واشنطن لطلبه. وقاد هانت وفداً من شركته لزيارة كوبا للمرة الاولى في سبتمبر 2011 لمناقشة أوضاع السلام البيئية.
وعمل هانت، بمساعدة منظمة صندوق الدفاع عن البيئة، على انشاء سلسلة ورش لتطوير شروط السلامة، في كل أنحاء البحر الكاريبي، تضمنت كوبا والمكسيك والولايات المتحدة وتريناداد وتوباغو، ودول أخرى. وشارك ويليام ريلي، الذي كان مديراً لوكالة حماية البيئة في ادارة الرئيس جورج بوش الابن، كما أنه كان رئيس اللجنة المسؤولة عن تسريب النفط من شركة بريتش بتروليوم في إدارة أوباما، وفي بعض المناقشات التي دعمتها الولايات المتحدة، تم تنظيمها بموجب اتفاقية قرطاجنة. وليس هناك الكثير من الاتفاقات المعروفة التي تغطي قضايا الحياة البحرية، والمحميات البرية في المنطقة الكاريبية.
وفي نهاية عام 2000 وبينما كان سعر النفط في حالة ارتفاع، أصبحت كوبا أكثر اهتماماً في تطوير التنقيب عن النفط في شواطئها. ولكن الحظر الطويل الأمد الذي فرضته الولايات المتحدة على هذا البلد، جعل عملية تشغيل خبراء دوليين مسألة صعبة المنال. وتنتج كوبا 50 ألف برميل نفط يومياً، وهي كمية تعتبر لا شيء مقارنة بالمكسيك التي تنتج 2.6 مليون برميل يومياً، وفنزويلا التي تنتج نحو 2.5 مليون برميل يومياً، وحتى تريناداد وتوباغو تنتجان نحو 800 ألف برميل يومياً.
وعلى الرغم من الحظر الأميركي، فإن هانت عاد من المفاوضات في كوبا، وهو سعيد بمدى معرفة الخبراء والمديرين التنفيذيين في شركة كيوبيت الحكومية المسؤولة عن انتاج النفط في كوبا، لإطار الأنظمة المتعلقة في هذا المجال في الولايات المتحدة، بما فيها التوصيات التي اقترحها ريلي في تقريره عن تسرب النفط من أعمال شركة بريتش بتروليوم. وفي هذه الأيام، حيث تعتبر الشركات الاميركية النفط الكوبي فرصة محتملة للاستثمار، تتراجع عمليات الحفر في السواحل المحيطة بكوبا نظراً الى الفشل التقني من قبل الشركات الروسية والإسبانية والصينية، وبسبب تركيز كوبا على الطاقة المتجددة، وانهيار أسعار النفط خلال الخريف الماضي.