دول المحيط الهادي مهدّدة بالجوع والعطش والجفاف
لقي أكثر من 10 أشخاص حتفهم جرّاء الجوع وشرب مياه ملوثة في غينيا بابوا، التي يضربها الجفاف، ويعتقد علماء أن هذا الوضع، الذي تتسبب فيه ما يسمى بظاهرة النينو المناخية، قد يقضي على أربعة ملايين شخص عبر دول الهادي، بسبب عدم حصولهم على طعام كافٍ أو مياه نظيفة. وتتلخص ظاهرة النينو في أنه عندما تصبح المياه في شرق المحيط الهادي الاستوائي دافئة، فإنها تتسبب في ظروف مناخية قاسية للغاية في تلك الدول، ويتوقع العلماء أن يحدث هذه المرة ما حدث خلال 1997ــ1998،عندما توفي ما يصل الى 23 ألف شخص جراء دمار المحاصيل بسبب النينو.
وتشهد منطقة شيمبو في بابوا غينيا الجديدة، فترات جفاف طويلة تعقبها موجات صقيع قاسية ومفاجئة تقضي تماماً على كل المحاصيل الزراعية، وأكد مركز الكوارث الإقليمي أن 24 شخصاً ماتوا جراء الجوع وشرب المياه الملوثة حتى الآن. ويخشى منسق المركز، مايكل اير أبا، أن تكون الوفيات أعلى من ذلك، ويمضي قائلاً «ظل الجفاف هنا لأكثر من ثلاثة اشهر تقريباً، وأن المناطق المتأثرة بالجفاف تشهد نقصاً مريعاً في الطعام، بما في ذلك مياه الشرب، كما ان بعض المناطق لم تبلغ حتى بما يحدث فيها، ما يرفع التوقعات بحدوث مزيد من الوفيات».
وأعلنت بالفعل اثنتان من المناطق حالة الطوارئ، ويقول مستشار التغير المناخي بمنظمة اوكسفام في أستراليا، د.سايمون برادشو، إن الكثير من المناطق في غينيا بابوا الجديدة نفد منها الطعام قبل شهرين أو ثلاثة أشهر، ولم يتبق في بعض المناطق سوى القليل الذي قد يكفي لشهر واحد. ويضيف «في المناطق المرتفعة يعتمد السكان بشكل كامل على الزراعة الكفائية، المتمثلة في البطاطا الحلوة، ونعلم ان المياه شحيحة جداً في تلك المناطق، الأمر الذي يؤثر في انتاج الطعام، مع العلم ان غينيا بابوا تعتمد في غذائها على 83% من انتاجها المحلي، ولهذا فإن اي تأثير في هذا القطاع سيؤدي مباشرة الى ندرة الطعام».
خلال الشهور المقبلة ستتسبب ظاهرة النينو في هطول مزيد من الأمطار والفيضانات، وارتفاع في مستوى مياه البحر في الدول القريبة من خط الاستواء، ما يزيد من مخاطر إغراق الجزر المرجانية الخفيضة، وفي الوقت نفسه ستشهد دول جنوب غرب الهادي، التي تعيش فيها مجموعات كبيرة من السكان، ظروفاً جافة وطقساً حاراً، وغالباً ما تشهد فترة النينو أعاصير مدمرة. ويقول رئيس منطقة الهادي بمكتب الأمم المتحدة للتنسيق والشؤون الإنسانية، صني غدنيتز «من المتوقع أن يزيد النينو من احتمالات الطوارئ الإنسانية الإقليمية، ونتوقع أن يتأثر جراء ذلك 4.1 ملايين شخص من نقص المياه وندرة الطعام والأمراض عبر منطقة المحيط الهادي».
الكثير من دول المنطقة دخلت في مرحلة النينو، وهي في حالة مزرية، فقد تم اعلان الجفاف في 34 منطقة في إندونيسيا، وفي بعض مناطق فيجي يتم جلب مياه الشرب الى القرى التي تعاني شحاً في المياه، واضطرت تونغا، التي عانت الجفاف لعام تقريباً، لجلب إمدادات المياه بالسفن من مناطق خارج الجزيرة.
وتتأثر بلدان مثل بابوا نيو غينيا، فيجي، تونغا، وجزر سليمان بالفعل بظاهر النينو، حيث تشهد ندرة في الأمطار التي تؤثر بالتالي في المحاصيل الزراعية ومياه الشرب، كما أن ظروف الجفاف تعقد أكثر الوضع الإنساني في دول خرجت لتوها من كوارث تسببت فيها الأعاصير الاستوائية، مثل بام وميساك وراغويل.
وستضاعف ظاهرة النينو المصاعب التي تواجهها دول الهادي التي تكافح من أجل التغلب على ظاهرة التغير المناخي، وتشير آخر الأبحاث أن هذه الظاهرة، التي كانت تحدث تقريباً بعد كل ثلاثة أو سبع سنوات، أصبحت تحدث الآن بشكل متقارب أكثر. ويقول برادشو إن «ما نراه ليس مسبوقاً، وان التغير المناخي يجعلنا نقترب بازدياد من هذا الوضع الكارثي».