إسرائيل تحاصر 350 ألف مقدسي داخل بلداتهم

شرارة الأحداث الساخنة التي أشعلها الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس المحتلة لم تعرف طريقاً للإخماد، بل ماضية في التهام المزيد من حقوق وممتلكات الفلسطينيين في كل مكان، ليواجه المقدسيون مرحلة مفصلية هي الأصعب في معركة الصراع على الوجود مع إسرائيل، إذ تفرض الأخيرة كل ما هو قاسٍ وغير قانوني لإفراغ المدينة المقدسة من سكانها الأصليين، وتنفيذ جميع مخططاتهم القاضية بتقسيم القدس، وبناء الهيكل المزعوم.

أزمات قاسية

واشتكى سكان القرى والأحياء المقدسية سياسة إغلاق مداخل بلداتهم التي وصفوها بالعقاب الجماعي، الأمر الذي يجبرهم على البحث عن طرق بديلة، ولكنها تعرض حياتهم للخطر بسبب الانتشار الإسرائيلي في شوارع القدس، وذلك بحسب مدير مركز معلومات وادي حلوة – سلوان جواد صيام.

وينوه صيام بأن الحواجز والمكعبات تعيق وصول طواقم الدفاع المدني، والطواقم الطبية إلى الأحياء المغلقة في الحالات الطارئة.

ومن أهم البلدات والأحياء المقدسية التي أغلقت مداخلها ومحاورها الرئيسة، هي سلوان، والعيسوية والطور والصوانة وصور باهر وجبل المكبر.

وبالانتقال إلى حي جبل المكبر الذي يعد من الأحياء الكبيرة والمهمة في القدس، فقد تسبب إغلاق مداخله بحصار 25 ألف مقدسي يعيشون بداخله.

وكان الاحتلال قد أغلق 4 مداخل رئيسة في جبل المكبر، أما المدخل المتبقي فقد وضع عليه نقطة تتفيش يوجد فيها بشكل دائم عناصر الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى إحاطتها بمكعبات اسمنتية.

من جهتها، تشير الناشطة الحقوقية من جمعية حقوق المواطن إلى أن نقطة التفتيش الإسرائيلية على أحد مداخل جبل المكبر تمنع خروج المركبات بشكل كامل.

أما حي الطور المقدسي الذي يقطنه 33 ألف مقدسي، فقد شهد أزمة قاسية بفعل الإغلاق، حيث يحرم السكان الوصول إلى مستشفيي المقاصد والمطلع اللذين يعدان من أكبر وأهم المستشفيات في القدس، كما يوجد بها مدارس متخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة من سكان الأحياء المقدسية.

وتعود تلك الأزمات بسبب إغلاق الاحتلال شارعين في حي الطور بشكل كامل باتجاه قرية العيزرية والعيسوية، بالإضافة إلى نصب الحواجز العسكرية والمكعبات الاسمنتية عند مدخل الحي من جهة مستشفى المطلع.

كما أغلق الاحتلال في الطور شارع سليمان الفارسي، الذي يعد الأكثر حيوية في الحي، حيث يوجد به مقبرة القرية، والعديد من المدارس لجميع المراحل الدراسية، بالإضافة إلى مسجد ونادي جبل الزيتون.

فلم يكتفِ الاحتلال بموجة القتل التي ينفذها في كل شارع مقدسي، وحملة الاعتقالات التي تطال الطفل الصغير والمرأة الضعيفة قبل الشاب والرجل الكبير، ليصل الأمر لفرض الإقامة الجبرية عليهم داخل مناطقهم السكنية، وتقييد حركتهم، لتمنعهم من التنقل خارج إطار منازلهم.

فقد قررت الحكومة الإسرائيلية إغلاق مداخل جميع الأحياء الفلسطينية في القدس بالمكعبات الأسمنتية الضخمة، والحواجز العسكرية، ونقط التفتيش والفحص مشددة، الأمر الذي يقيد حركة 350 ألف مقدسي ومقدسية من سكان هذه الأحياء، ويحول حياتهم إلى جحيم، إذا يبقيهم كالسجناء داخل منازلهم ومناطق سكانهم.

كما أقام الاحتلال حواجز وسواتر حديدية في كل الشوارع بمدينة القدس وأسواق البلدة القديمة، عازلة بذلك شوارع القرى عن بعضها بعضا.

وللحديث عن سياسة إغلاق الأحياء المقدسية، التقت «الإمارات اليوم» الناشطة الحقوقية نسرين عليان مديرة قسم حقوق الانسان في القدس الشرقية بجمعية حقوق المواطن في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث أكدت أن سياسة إغلاق الأحياء المقدسية، ومنع السكان من التحرك، وإخضاعهم للتفتيش المذل بشكل جماعي تمس على نحو قاسٍ بجملة من حقوق الإنسان، من ضمنها الحق في الكرامة والحق في الحركة والحق في الخصوصية.

وتقول الناشطة الحقوقية عليان، «إن الحواجز الأسمنتية التي نصبتها الشرطة على مداخل الأحياء تمنع دخول أنواع المركبات كافة من ضمنها سيارات الاسعاف والطوارئ، كما أن المواصلات العامة في الأحياء مشوشة تماماً، وبعض مسارات عبورها أغلقت بالكامل، ما يلزم المسافرين عبور الحواجز مشياً على الأقدام ومن ثم اعتلاء الحافلات».

وتضيف «يضطر آلاف الطالبات والطلاب المقدسيين للخروج من بيوتهم مشياً على الأقدام حتى الوصول إلى الحواجز، ومن ثم الانتظار في طوابير طويلة عند نقاط التفتيش المشددة، إذ يفتش أفراد الشرطة في بعض الحواجز الطلاب كافة دون استثناء».

وبحسب عليان، تتعرض حياة المقدسيين للخطر، بفعل سياسة الإغلاقات الواسعة لأحياء القدس، فقد تسببت في وفاة السيدة هدى درويش البالغة من العمر 65 عاماً، بعد أن منعت قوات الشرطة الإسرائيلية خروج السيارة التي أقلتها من العيسوية، على الرغم من حالتها الصحية الحرجة، لتفارق الحياة قبل أن يسمح لها بالوصول إلى المستشفى للعلاج.

وتؤكد عليان أن القانون لا يتيح للشرطة فرض حصار على أحياء كاملة لمدة زمنية غير محددة، لافتة إلى أن نصب الحواجز يهدف إلى تشكيل ضغطٍ على السكان الأبرياء.

الأكثر مشاركة