جهود منع تدفّق الأسلحة الروسية فشلت حتى الآن
أسلحة الهجوم على فرنسا تم تهريبها من أوروبا الشرقية
خلال وقت متأخر من يوم الجمعة الماضي في مدينة باريس، فُتحت النار من بنادق عدة على رواد مطاعم ومسارح موسيقى، جزءاً من عمل بدا منسقاً تماماً. وبدت الهجمات الإرهابية على نطاق واسع في المدينة، وتضمّن ذلك تفجير قنابل يدوية، ونجم عن الحادث الإرهابي مقتل 129 شخصاً.
ومن المعروف أن فرنسا يُحظر فيها امتلاك معظم الأسلحة، ومن المستحيل الحصول على سلاح قوي مثل البندقية الروسية بصورة قانونية، الأمر الذي يطرح سؤالاً قوياً مفاده من أين تم إحضار البنادق والأسلحة الأخرى، في الهجوم الذي وقع في 13 نوفمبر، ناهيك عن الهجوم الدموي الذي قام به متطرفون في مكتب مجلة شارلي ابدو في باريس، إضافة إلى الهجمات التي قام بها أحد المسلحين في مدينة تولوز عام 2012.
والجواب على ذلك مفاده: من المرجح أنه تم تهريب هذه الأسلحة بصورة عامة من أوروبا الشرقية، حيث تعتبر صناعة تهريب الأسلحة الفردية رائجة، وسرية، الأمر الذي يجعل من الصعب على السلطات المحلية كشفها. وتدرك السلطات الفرنسية وسلطات الاتحاد الأوروبي، أنها تعاني مشكلة أسلحة قادمة من الخارج. ولكن وكما تظهر سلسلة الهجمات التي وقعت، أخيراً، فإن الجهود المبذولة لمنع تهريب الأسلحة قد فشلت حتى الآن في منع وصول الإمدادات التسليحية للإرهابيين.
وأعلنت الشرطة الفرنسية أنها تمكنت من مصادرة نحو 1500 سلاح غير شرعي في عام2009، ونحو 2700 سلاح غير شرعي في عام 2010. ويرتفع تعداد الأسلحة غير الشرعية التي تتم مصادرتها في فرنسا، بصورة كبيرة سنوياً منذ سنوات عدة، كما ذكر المرصد الوطني في باريس.
ويبدو أن عمليات المصادرة كان لها تأثير بسيط في ظل التدفق الكبير للأسلحة غير الشرعية. وقالت وكالة اليوربول، وهي شرطة تابعة للاتحاد الأوروبي: «الحقيقة ان البنادق الروسية وقاذفات (بي سفن) يمكن الحصول عليها بمبالغ بسيطة تراوح ما بين 300 و700 يورو في بعض الأماكن في دول الاتحاد الأوروبي، وهي متوافرة بسهولة، الأمر الذي نجم عنه سقوط كل هذا العدد من الضحايا خلال الهجمات الإرهابية الأخيرة»، ويتدفق العديد من هذه الأسلحة من روسيا، عبر دول البلقان، إلى بقية الدول الاوروبية، بما فيها فرنسا. وصنعت الشركات الروسية هذه الأسلحة وزودت بها الجماعات المسلحة، التي كانت تقاتل بعضها بعضاً في البوسنة، والصرب، وكوسوفو. وعندما انتهت الصراعات بين جميع هذه الأطراف في نهاية التسعينات من القرن الماضي، بقيت كميات كبيرة من هذه الأسلحة في المنطقة يصل عددها الى نحو ستة ملايين قطعة سلاح، كما قالت منظمة مسح الأسلحة الفردية، ومقرها سويسرا. وبالنظر إلى أنهم يتوقعون طلباً على هذه الأسلحة، يقوم المهربون بنقل هذه الأسلحة لكل من يطلبها، خصوصاً أن الحكومات في هذه البلاد غير جدية في منع توزيع هذه الأسلحة. وقالت منظمة مسح الأسلحة الفردية: «معظم القوانين في دول المنطقة لاتزال قديمة، ولم يتم التدقيق عليها بعد نهاية الصراعات التي وقعت فيها». وأصبحت عصابات الشوارع في هذه الدول، وجماعات المهربين هي المصدر الرئيس للأسلحة في البلقان. وكانت أوروبا الغربية هي السوق المقصودة. وذكرت منظمة اليوروبول «العديد من الأسلحة النارية التي تم تهريبها إلى أوروبا، جاءت من غرب البلقان، بعد نهاية الصراعات في المنطقة»، وفي حالة واحدة في عام 2014 قامت الشرطة السلوفينية بتوقيف شاحنة تحاول دخول الدولة، وهي تحمل عدداً كبيراً من القنابل اليدوية والأسلحة النارية. وكانت الشاحنة تسافر من البوسنة والهرسك إلى السويد. وفي السادس من مارس عام 2012 أصدر البرلمان الفرنسي قانوناً يشدد على تهريب الأسلحة، ويزيد من شدة العقوبات لمن يمتلك هذه الأسلحة بصورة غير شرعية. وبعد مرور خمسة أيام على صدور القانون قام محمد ميراه، وهو متطرف فرنسي من أصول جزائرية، بإطلاق النار في تولوز، ونجم عن الحادث مقتل سبعة أشخاص قبل أن تتمكن الشرطة من قتله.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news