ترتكز على تعاون يعود سنوات عدة إلى الوراء

العلاقات الصينية الإماراتية تشهـد طفرة كبيرة في المجالات الاقتصاديـة والثقافية

صورة

ترتكز العلاقات الصينية الإماراتية على أساس متين من التعاون المتبادل، وتتمتع بإمكانات ضخمة، وتنفتح على آفاق مستقبلية، حيث يحرص البلدان دائماً على تطوير علاقات الصداقة والتعاون بينهما في كل المجالات. وتعتبر دولة الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري للصين بعد الهند، حيث بلغت قيمة التجارة بينهما 55 مليار دولار عام 2015. وبلغ حجم التبادل التجاري بين الإمارات وهونغ كونغ بنهاية سبتمبر هذا العام نحو 7.4 مليارات دولار، حيث تحتل الإمارات المرتبة الـ15 ضمن أكبر الشركاء التجاريين لدى هونغ كونغ. وترى بكين إمكانات كبيرة في الإمارات، بالنظر إلى مواردها الطبيعية وموقعها الاستراتيجي، وتعتبرها بوابة للوصول إلى الأسواق الاستهلاكية غير المستغلة، والفرص الاستثمارية المربحة في المنطقة. وتعلّق الإمارات أهمية كبرى على التعاون مع الصين، في إنتاج الطاقة المتجددة، حيث تعتبر الصين أكبر مستثمر في هذه الطاقة النظيفة، ومنتجاً لمعدات الكهرباء الضوئية.

زيارة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إلى بكين في مايو 1990 على رأس وفد رسمي، هي الأولى من نوعها التي يقوم بها رئيس دولة على مستوى دول «التعاون» لهذا البلد، وانعكست تلك الزيارة إيجابياً على العلاقات الاقتصادية بين البلدين.


تعاون ممتد

تعتبر الصين اليوم إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي الآن من أكبر القوى الاقتصادية في العالم، ومنذ إصلاح السوق في الصين عام 1978 استطاع الاقتصاد الصيني أن ينمو بمعدل 10% سنوياً، ويعتقد بعض الخبراء أن الصين ستتجاوز الولايات المتحدة في إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2040، ولذلك سعت الإمارات على الدوام لتمتين عرى العلاقات مع الصين يوماً بعد يوم. ولعل زيارة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إلى بكين في مايو 1990 على رأس وفد رسمي، هي الزيارة الأولى من نوعها التي يقوم بها رئيس دولة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي لهذا البلد الآسيوي، وانعكست تلك الزيارة إيجابياً على العلاقات التجارية والتعاون الاقتصادي بين البلدين اللذين يرتبطان بأكثر من ست اتفاقيات.

إذ تحكم مسيرة العلاقات الثنائية بين البلدين منذ انطلاقها وحتى الآن سلسلة من الاتفاقيات الموقعة في العديد من مجالات التعاون المشترك، أبرزها اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني بين الدولتين الموقعة عام 1985، واتفاقية إنشاء اللجنة الاقتصادية المشتركة، واتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات المشتركة، واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي، واتفاقية التعاون في مجال الخدمات الطبية عام 1992، وبروتوكول استيراد النفط من الإمارات، واتفاقية تجارية بين إمارة الشارقة ووزارة التجارة الخارجية والتعاون الاقتصادي الصيني في سبتمبر 1999، واتفاقية التعاون الثقافي والإعلامي بين الصين والإمارات في مايو 2001، واتفاقية تبادل المجرمين بين الدولتين في عام 2002.


الرئيس الصيني شي جين:

الصين ستعمل على تسريع بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وطريق الحرير البحري للقرن الـ21، بهدف تطوير علاقات الشراكة مع الدول الواقعة على طول الحزام والطريق وتعزيز التعاون معها.

ولا يقتصر التقدم في العلاقات بين البلدين على المجالات الاقتصادية والسياسية والتجارية فحسب، وإنما يتعداه إلى التبادلات في مجالي الثقافة والتعليم، حيث تم إنشاء اثنين من معاهد كونفوشيوس في الإمارات، لتعزيز اللغة والثقافة الصينية من أجل تسهيل التفاهم المتبادل والصداقة بين شعبي البلدين. ولعل أقوى مجال للتعاون بين البلدين هو المجال التعليمي، حيث سيتم افتتاح أول مدرسة دولية صينية في دبي بعد عامين من الآن، والتي يأمل الجانبان أن تكسر الحواجز اللغوية والثقافية بين البلدين، وتسهم أيضاً في تعميق العلاقات السياسية والاقتصادية في المستقبل.

علاقات شعبية

ويولي الجانبان أيضاً أهمية كبرى للأحداث الثقافية التي من شأنها أن تقرب المسافة بين الشعبين. ففي عام 2015 استقطب عيد الربيع الصيني السنوي في دبي عدداً غير مسبوق من السياح والمقيمين الصينيين. ويقول القنصل العام الصيني بقنصلية الصين بدبي، تان ويبين، «يعتبر عيد الربيع من الأحداث الشعبية المهمة في الصين، وتتمثل شعبية هذا المهرجان في دبي في أنه جاء نتيجة للعلاقات المتطورة بين الشعبين»، ويقول مستشار هيئة دبي للثقافة والفنون، د. صلاح القاسم، إن هذا المهرجان يهدف إلى تقوية العلاقات الثقافية بين الشعبين، ويعتبر أيضاً فرصة لتعريف سكان دبي بمختلف أشكال الفنون الصينية الشعبية، ويضيف «ليست هذه هي المرة الأولى التي ننظم فيها مثل هذه الأحداث الثقافية الصينية، وأن الحكومة تسعى دائماً للتركيز على التبادل الثقافي».

طريق الحرير

أكد سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى بكين، عمر أحمد عدي البيطار، أن إحياء الصين لطريق الحرير يعزز ثقافة السلام والتعاون بين الأمم، قائلاً إن الإمارات تنظر إلى مشروع «الحزام والطريق» بعين التفاؤل والأمل، لتحقيق تعاون اقتصادي واستثماري مشترك في مختلف المجالات. وصرح البيطار في مقابلة خاصة، أجرتها معه وكالة أنباء «شينخوا»، أن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، مدرك تماماً لدروس التاريخ، وأهمية استثمار الممارسات والتجارب الناجحة عبر الزمن، فقد كان طريق الحرير متعدد المسالك، وأصبح أسلوباً للحياة ومصدراً للرزق، مضيفاً أنه «كان جسراً أيضاً بين الحضارة الصينية وحضارات وثقافات شعوب الغرب المحيطة بالصين، خصوصاً حضارة الشعوب العربية».

وكان الرئيس الصيني، شي جين بينغ، قد طرح عام 2013 مبادرة «الحزام والطريق»، مؤكداً أن الصين ستعمل على تسريع بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وطريق الحرير البحري للقرن الـ21، بهدف تطوير علاقات الشراكة مع الدول الواقعة على طول الحزام والطريق وتعزيز التعاون معها، ومن ضمنها دولة الإمارات العربية المتحدة، وبعد ذلك بعام واحد فقط، قامت الصين بتأسيس صندوق خاص بقيمة 40 مليار دولار أميركي لتمويل المشروعات ذات الصلة بالمبادرة، كما أعرب البنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية المشكّل حديثاً عن عزمه دعم هذه المبادرة الطموحة.

سيارات صينية

دخلت الصين مجال تسويق سياراتها في دولة الإمارات لأول مرة، حيث كان هذا المجال في السابق حكراً على العلامات التجارية الأميركية، والأوروبية، واليابانية، والكورية الجنوبية. وشهدت الإمارات علامات تجارية صينية في هذا الخصوص، مثل فوتون، شيري، دونغفنغ، وجي أيه سي، حيث يسعى المستهلكون في الإمارات إلى الحصول على سيارات شعبية بأسعار معقولة. وشاركت ثمانٍ من شركات صناعة السيارات الصينية في معرض دبي الدولي للسيارات الذي أقيم أخيراً. ومن المتوقع أن يشهد مبيع السيارات الصينية زيادة بنسبة 100% كل عام، وأن تتضاعف حصة مبيعاتها في السوق بحلول عام 2020. وكانت وزارة الاقتصاد قد كشفت عن تعاون بين الإمارات والصين لتصنيع سيارات في الإمارات للمرة الأولى.

تويتر