أدّت إلى سقوط أهم شخصية متشددة

الانتخابات الإيرانية.. استفتاء شعبي حقيقي لرفض المتشددين

صورة

السقوط المدوي لرجل الدين المحافظ البارز في إيران، آية الله محمد تقي مصباح يزدي، في الانتخابات التي جرت الجمعة الماضية، وفشله في الاحتفاظ بمقعده في مجلس الخبراء، الذي يضم 88 عضواً، والمخول اختيار المرشد الأعلى القادم، يؤكد رفض الناخبين في انتخابات الجمعة الماضية الآراء المتشددة.

وتأمل القوى المؤيدة للإصلاح، والتي يقودها الرئيس حسن روحاني، أن تمثل هذه الهزيمة رسالة إلى المحافظين بأن قاعدتهم المكونة من المتدينين والفقراء قد ضعفت بشكل ملحوظ. وترى القوة المؤيدة للإصلاح أن نتيجة الانتخابات تدعم «استراتيجية الاشتباك»، التي تبناها روحاني بعد توقيعه الاتفاق النووي التاريخي العام الماضي، والذي أدى لرفع العقوبات الدولية عن إيران.

ويقول المحلل الإصلاحي، سعيد ليلاز، إن «نتائج الانتخابات تمثل بالتأكيد انتصاراً كبيراً لقوى الاعتدال، وفشلاً مرعباً للمتشددين، حيث إن سقوط شخصية مثل مصباح، هو رسالة إلى القوى المحافظة بأنها تحتاج إلى نوع من التحول لتصبح أكثر اعتدالاً، إذا كانت ترغب في البقاء على قيد الحياة».

ويعتبر مصباح، وسط قاعدته في مدينة قم المقدسة، واحداً من الشخصيات الدينية الأكثر إثارة للجدل في إيران، ويبجله المتشددون باعتباره الفيلسوف الرائد في الإسلام الشيعي، بينما ينظر إليه معارضوه باعتباره المسوغ لاستخدام العنف ضد المثقفين العلمانيين، والسياسيين الإصلاحيين. وأسس في قم «طريقاً فكرياً ثالثاً» مغرقاً في المحافظة، يشجع رجال الدين الشباب على تبني تفسير أكثر تطرفاً، وظل يروج أثناء الانتخابات فكرة أن «صوت الشعب في الدولة الإسلامية لا يتمتع بالصدقية الدينية والقانونية»، وبدلاً من ذلك «فإن المعايير القانونية، هي التي تتجسد في ولاية الفقيه» وهي السلطة العليا التي يتمتع بها آية الله علي خامنئي. ويضيف «إذا كانت هناك انتخابات، فإن ذلك يعني أن المرشد الأعلى يرى أنه من المناسب في الوقت الحالي إجراء انتخابات، لاستبيان آراء الناس».

وأيد مصباح بقوة الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد، خلال الانتخابات التي حملته إلى السلطة في عام 2005. ومع ذلك يقول محللون إن التقدم الذي أحرزه الإصلاحيون في عهد روحاني، بعد فشل أحمدي نجاد خلال ثماني سنوات في منصبه، في لعب دور حاسم في إقناع كثير من الفقراء الإيرانيين برفض المتشددين.

وصوت في هذه الانتخابات أكثر من 60% من الإيرانيين المؤهلين للأدلاء بأصواتهم، في انتخابات عكست استفتاء وطنياً برفض أحد المتشددين البارزين في معركة على 16 مقعداً بمجلس الخبراء. واحتل المعتدلون في هذه الانتخابات مقاعد حاسمة في انتخابات البرلمان المؤلف من 290 مقعداً، فيما فشل المتشددون في الفوز حتى ولو بمقعد واحد من المقاعد الـ30 المتاحة في العاصمة.

وخسر في هذه الانتخابات أيضاً متشدد آخر، هو آية الله محمد يزدي، ولم يفز من المحافظين البارزين في دائرة طهران سوى رئيس مجلس صيانة الدستور، أحمد جنتي. وجاء في المرتبة الأولى في طهران الرئيس السابق والمنافس الرئيس للمتشددين، أكبر هاشمي رافسنجاني، في حين جاء روحاني في المرتبة الثالثة.

ويعتقد المحللون الإصلاحيون أن مصباح لايزال قوياً، لكنهم يتشككون في أن يتمكن من تلقاء نفسه من تقويض سلطة المعتدلين المنتصرين، إذا ألقى خامنئي بكل ثقله وراءهم. ولا يعني كل ذلك نهاية للتجاذبات السياسية بين المتشددين والمعتدلين، فخلال الفترة القصيرة التي سبقت انتخابات يوم الجمعة، اتهم مصباح حكومة روحاني بأنها تعطي الأولوية «للطفرة الاقتصادية واستخدام التكنولوجيا»، بدلاً من تعزيز الإسلام. ويضيف «أنهم يقولون إن البلاد ينبغي أن تصبح مثل الولايات المتحدة، إذا أردنا أن تكون فيها حياة مزدهرة، ويقولون: تجب إزالة هذه العقوبات بأي ثمن، حتى لو كان بقبول كل ما تمليه علينا الولايات المتحدة».

تويتر