مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي كارثة جيوسياسية
قرار محافظ مدينة لندن بوريس جونسون الذي وصفه بأنه «صعب ومؤلم»، والذي يقضي بالخروج من الاتحاد الأوروبي خلال الاستفتاء المزمع عقده في شهر يونيو المقبل، يرسل السياسة البريطانية نحو قدر محتوم.
وبالنظر إلى شهرة جونسون، فإن قراره منح الدعم لأنصار الانفصال عن بريطانيا، وزاد من احباط المعسكر الآخر. لقد بات انسحاب بريطانيا من الاتحاد الاوروبي البالغ تعداد أعضائه 28 عضواً، خياراً مطروحاً بقوة. وأشار جونسون في مقال كتبه في صحيفة «ديلي تليغراف»، إلى أنه إذا بقيت بريطانيا «فإننا سنظل نعاني من المتاعب، مثل ركاب في المقعد الخلفي لتاكسي عتيقة، مع سائق لا يتقن الانجليزية، وهو يحملنا نحو الاتجاه المعاكس لما نريد الوصول إليه». وكان جونسون قال في مقابلة مع إحدى الصحف إن بريطانيا الآن مثل ضفدع يتم سلقها ببطء.
وقال رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون، إنه لن يرشح نفسه للمنصب مرة ثانية. وحسب قوانين الحزب المحافظ، فإن التصويت اللازم لاختيار شخص يحل مكانه يكون بين شخصين، أحدهما وزير المالية جورج أوزبورن المؤيد للانضمام للاتحاد الأوروبي. وكون جونسون طرح نفسه باعتباره الشخص الرافض لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، فإن ذلك يجعله المنافس الثاني لخلافة كاميرون.
وبالطبع فإن الاتحاد الأوروبي مع حليفه في الناحية الثانية من الاطلسي، أسهم في عملية استقرار أوروبا وازدهارها من الانتحار الجماعي في النصف الاول من القرن الـ20. وتعد مغادرة بريطانيا في هذا الوقت الذي يحاول فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بكل جهده تقويض الاتحاد الذي وصل إلى حالة هشة أصلاً، بمثابة الكارثة الجيوسياسية. والمزيد من التفكك الأوروبي يبقى مسألة مرجحة، ولهذا فإنه ليس من المستغرب ان يزور الرئيس الاميركي باراك أوباما لندن الشهر المقبل ليكرر قناعته بأن وجود بريطانيا في أوروبا سيجعلها أكثر قوة ومنعة، لأنها حليف يتمتع بالقوة والنفوذ.
وتستطيع بريطانيا أن تجعل الاتحاد الأوروبي أكثر شفافية، وأكثر ديمقراطية، ودينامكية، ويجب عليها القيام بذلك، وهذا الأمر يتم انجازه من الداخل. وتحقق بريطانيا فوائد جمة كونها جزءاً من كيان اقتصادي تصل قيمته إلى نحو 18.5 تريليون دولار. ومن يتخيل أن بريطانيا خارج الاتحاد ستظل تتمتع بالفوائد ذاتها التي حصلت عليها عندما كانت عضواً في الاتحاد، فهو واهم تماماً، وهو الأمر الذي أوضحه العديد من مديرو الشركات.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news