إسقاط عكاشة يثير تداعيـــــــات سياسية.. ويـفتح معركة التطبيع علـــى مصراعيها
اختفى النائب توفيق عكاشة بعد إسقاط عضويته في البرلمان المصري، لكن تداعيات القنبلة السياسية التي فجرها بلقاء السفير الإسرائيلي في القاهرة تواصلت، حيث عبر نواب وسياسيون عن خشيتهم فتح باب عزل البرلمانيين دون قيود، والعودة إلى مربع «سيد قراره»، وفتحت الواقعة الباب مجدداً لمعركة رفض التطبيع الشعبي مع إسرائيل، خصوصاً في المجال الرياضي، فيما أعلن حزب سياسي تتويجاً لهذه المعركة، أنه يدرس نزول معركة مقعد عكاشة الخالي بمرشح وطني، له موقف متميز ضد التطبيع، خصوصاً في ظل ما يمنع من ترشح عكاشة من الزاوية القانونية مجدداً، وفي توجه يستهدف توجيه مزيد من الرسائل السياسية.
وتفصيلاً، اختفى الإعلامي توفيق عكاشة في مكان مجهول بمصر، وتردد أنه داخل مزرعة خيوله، بعد أن أغلق هواتفه وكل وسائل اتصاله مع العالم، بعد أن عزل برلمانياً بعد اتصاله بالسفير الإسرائيلي، وأصدر مكتبه الإعلامي بياناً، قال فيه إنه لا صحة لأي تصريحات إعلامية نسبت إليه، وأنه لن يسافر خارج مصر، وراجت أنباء متضاربة عن قناة «الفراعين»، لكن المؤكد صدور قرار بإغلاقها، وعدم السماح ببيعها في الوقت نفسها، كما راجت أنباء عن مصير الإعلامية البارزة في الفراعين حياة الدرديري، التي أكدت أنها ستساند عكاشة في محنته، ولن تنتقل إلى قناة أخرى.
هل هؤلاء شركاؤك يا إسرائيل؟!
كتب رالي شختر، الكاتب الإسرائيلي، فى موقع «التفكير الإقليمي الإسرائيلي»، أن اللقاء الذي جمع بين السفير الإسرائيلي وتوفيق عكاشة، الذي يُعتبر مهرّجاً سياسياً وإعلامياً في مصر، لم يسهم في دفء العلاقات بين إسرائيل ومصر، وإنما أدى إلى انحطاط جديد. وأضاف شختر «شعر الإسرائيليون بفرحة عارمة، عندما نشرت القناة (العاشرة) الإسرائيلية الأسبوع الماضى خبر اللقاء، حيث لم يكن هذا النوع من المقابلات شائعاً حتى الآن، في علاقة السلام البارد بين إسرائيل ومصر، وأن اللقاء أثار ضجّة كبيرة في البرلمان المصري، وغضب أعضاء البرلمان من عكاشة، بل خلع أحدهم حذاءه وضربه به، كرمز واضح لاحتقاره وإهانته». وقال شختر إن نشرات الأخبار في إسرائيل قامت بتغطية شخصية عكاشة الاستفزازية، مؤكدة أن الخطوة كانت ستبدو جميلة «لو كانت فعلاً خطوة شجاعة من قبل شخص استثنائي، مكافح من أجل السلام، ومستعد للتضحية بمكانته الشخصية، وربما أيضاً المهنية، من أجل تعزيز هدف يؤمن به» على حد زعمه. وتابع شختر «كان الكاتب المسرحي المصري المعروف علي سالم شخصية كهذه، فقد زار إسرائيل رغم معارضة زملائه الشديدة، فدفع ثمناً باهظاً على ذلك». وأكد شختر أن شخصية عكاشة غريبة ومثيرة للسخرية، حتى لو كانت لديه تحرّكات بين النخبة في مصر، فهو بالتأكيد ليس ممثّلاً لها أو ناطقاً باسمها؛ في أفضل الأحوال هو بمثابة بالون اختبار أو كيس ملاكمة، يهدف إلى قياس المزاج العام لدى الشعب، فما الفائدة التي ستحصل عليها إسرائيل من التعاوُن مع شخص كهذا؟ |
وقد أصدر ائتلاف «25 - 30» بيانًا رسميًا، بشأن إسقاط العضوية عن توفيق عكاشة، قال فيه: «يا شعب مصر العظيم.. قمنا بالتصويت على إسقاط عضوية توفيق عكاشة، احتراماً للإرادة الشعبية المصرية، التي رفضت منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد المنبوذة، أي تطبيع مع الكيان الصهيوني المغتصب للأراضي والمقدسات العربية. ونشعر ونحن نواب الشعب أننا أنفذنا إرادتكم الحرة، في كل من تسول له نفسه الافتئات على مئات الآلاف من الشهداء والمصابين في معاركنا ضد العدو الصهيوني، وسنطالب دوماً بأن يكون هذا جزاءاً وفاقاً، لكل من يقوم بمثل هذا الفعل أو يمارس التطبيع مع العدو. ونؤكد وقد استندنا لشرعية الإرادة الشعبية في إسقاط العضوية، أننا لن نسمح بأن يكون إسقاط العضوية سيفاً مسلطاً ضد أي صاحب رأي، مهما اختلفنا أو اختلف أحد معه، ليكون مجلس النواب منبراً للحرية، ومعبراً عن كل رأي وكل موقف، لأبناء هذا الشعب بمختلف آرائه واتجاهاته».
وقال مصدر أمني، لجريدة «اليوم السابع»، إن الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة جهزت ملف قضية تزوير توفيق عكاشة، صاحب قناة الفراعين، شهادة الدكتوراه الخاصة به، لإحالتها للنيابة العامة، لاتخاذ الإجراءات القانونية ضده، خلال الساعات القادمة.
وأضاف المصدر أن الملف يحتوي على ما يفيد بأن توفيق عكاشة قام بشراء وتزوير شهادة دكتوراه، منسوبة لجامعة أميركية غير موجودة، وغير مقيد بها، بالإضافة إلى خطابات المجلس الأعلى للجامعات، وأيضاً مذكرة المباحث حول تأكدها من خلال الجهات الرسمية في الخارج من كذب توفيق عكاشة، وتزويره للدكتوراه الخاصة به.
من جهة أخرى وعلى الصعيد البرلماني، سادت مخاوف واسعة لدى نواب أن يكون إسقاط عضوية عكاشة مقدمة لقرارات لاحقة شبيهة مع أعضاء آخرين لإسقاط عضويتهم، بسبب تحركاتهم أو توجهاتهم السياسية.
وقالت البرلمانية دينا عبدالعزيز، في تصريحات إعلامية، إنها «رفضت التصويت على إسقاط عضوية عكاشة، لأنه جاء بعملية انتخابية، ولابد من احترام المواطنين الذين جاءوا به إلى البرلمان، وإن النائب عندما يخطئ لابد من تحقيقات وإجراءات تدريجية تتخذ ضده، وليس تصعيد الموقف بالصورة التي رأيناها».
على الطرف المقابل، رفض النائب محمد بدوي دسوقي (دائرة الجيزة) هذه الرؤية، واعتبر ما جرى خطوة على الطريق الصحيح. وقال بدوي دسوقي، لـ «الإمارات اليوم»، إن «الجميع متفق على اتجاه واحد، هو ألا ندع إسرائيل تستفيد من هذا الحدث، ما حدث من النائب توفيق عكاشة ليس من اختصاصه، لأنه بهذه الفعلة أحرج الدولة المصرية».
على صعيد موازٍ، وفي خطوة تشير إلى احتمالية توسيع معركة مواجهة التطبيع الشعبي مع إسرائيل، أعلن البرلماني رضوان الزياتي «أنه سيتقدم ببيان عاجل لوزير الشباب والرياضة، للتحقيق في أزمة تعامل الزمالك مع وكيل إسرائيلي في صفقة التعاقد مع الزامبي إيمانويل مايوكا، الذي انضم للفريق أخيراً».
وقال الزياتي إن التعامل مع وكيل إسرائيلي أمر مرفوض، وأنه كممثل للشعب يرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، والذي تم توريط كيان بحجم الزمالك فيه، وقال: «النادى الأبيض إحدى قلاع الرياضة المصرية، ودخوله في مثل هذه الأزمات يعد خطأ كبيراً، تجب محاسبة المسؤولين عنه».
وحذر الزياتي من تفاقم الأزمة في حالة عدم اتخاذ إجراءات رادعة ضد رئيس الزمالك، كما حذر رئيس الزمالك نفسه من مصير توفيق عكاشة نفسه، عضو البرلمان الذي تم إسقاط عضويته، بعد تصريحاته التي تؤيد موقف عكاشة، وتطالب بعدم شطبه.
في الاتجاه ذاته، خصص حزب التحالف الشعبي اجتماعه، الذي عقده السبت الماضي، لمناقشة ملف مواجهة التطبيع الشعبي مع إسرائيل، واعتبار واقعة عكاشة جزءاً من معركة كبيرة. وقال القائم بأعمال الحزب، الصحافي مدحت الزاهد، لـ«الإمارات اليوم»، إن هناك توجهاً داخل الحزب، لاختيار مرشح معروف بمواقفه ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني، لخوض الانتخابات في دائرة طلخا (بلدة عكاشة)، بحيث تصبح المعركة الانتخابية ذات مضمون سياسي.
بدوره، قال اللواء صبري سراج، عضو الهيئة العليا لائتلاف نداء مصر، إن الهيئة العليا للائتلاف بحثت الدفع بمرشح، وكانت هناك مفاضلة بين أكثر من خمسة مرشحين، وتم التصويت على اختيار الدكتور حمدي بلاط عضو الهيئة العليا ونائب رئيس حزب المستقلين وابن نبروه، لخوض الانتخابات.
على الطرف الآخر، نفى عضو مجلس الشعب عن دائرة دمياط، ضياء الدين داوود، أن يكون إسقاط توفيق عكاشة بداية لمعركة موسعة من طرف شعبي، تتم دون تناغم أو تكامل مع قرار الإدارة السياسية.
وقال ضياء الدين داوود، لـ«الإمارات اليوم»، إن «الصراع بيننا وبين إسرائيل هو صراع وجود لا صراع حدود، وموقف الشعب المصري من الكيان الصهيوني واضح ومعروف، لكننا نقدر كل شيء بقدره، ولا نفتح ملفات سياسية، قبل التأكد من جاهزيتها أو نستبق توقيتات الإدارة السياسية».
وتابع ضياء الدين داوود: «نحن نعرف أن معركتنا الجارية حالياً مع الإرهاب ليست منفصلة عن بقية معاركنا، وليست صدفة أن يتمركز الإرهابيون في سيناء، ونحن نعتبر أن تعظيم قدرات الأمن القومي المصري، وبالتالي تعظيم قدرات الأمن القومي العربي، واسترداد الدولة المصرية جزءاً من المواجهة، وهذا دورنا في الوقت الحالي».
وحول ما يتردد عن وجود تطبيع رياضي، قال داوود: «أتحدى أن يكون هناك نادٍ واحد، بل لاعب واحد يقبل التطبيع مع إسرائيل. وأخيراً انسحب لاعب كاراتيه عمره 18 سنة من منافسة، حينما علم أن الطرف الآخر إسرائيلي، دون أن يطلب منه ذلك أحد، هذا شعور شعبي لا يحتاج إلى تذكير من أحد».
وقد بلغ عدد المرشحين لخلافة عكاشة في دائرته 20 مرشحاً حتى الآن، بينهم مرشح صحافي .