دعوة إلى إعادة تأهيل الأجهزة الأمنية

تونس حققت تقدماً في محاربة المجموعات المتطرفة

صورة

منذ ثورة 2011، واجهت تونس موجة من الهجمات الإرهابية العنيفة وكان العام الماضي الأسوأ خلال تلك الفترة إذ قام مسلحون متطرفون بثلاث عمليات، استهدفت الأولى متحف «باردو»، وأخرى في سوسة الساحلية، وثالثة ضد الحرس الرئاسي في العاصمة. كما شهدت الحدود مع ليبيا أحداثاً دامية بداية الشهر الجاري، إذ كانت قوات حفظ النظام هدفاً للمسلحين في منطقة بن قردان. وفي خضم تداعيات الهجوم، ظلت الحكومة التونسية مترددة في التعاطي مع نتائج التحقيقات.

يقول الباحث والمتخصص في الشؤون الأمنية، حبيب صياح، معلقاً «يقدم المسؤولون في الحكومة القليل من المعلومات حول التحقيقات ليسود الغموض»، مضيفاً «كان من الصعب على وزير الداخلية الذي اتهم تنظيم (القاعدة) بالوقوف وراء الهجمات، أن يصحح ما قاله، لأن تنظيم (داعش) تبنى العمليات مرات عدة».

• يرى الخبير الأمني حبيب صياح، أن الوضع الأمني يقتضي «إعادة النظر في تكوين عناصر الشرطة لتأهيلهم لهذه المرحلة الحساسة».

ويعتقد صياح أن الأمر يتعلق بعدم رغبة الحكومة في الاعتراف بوجود نشاط للتنظيم على الأراضي التونسية. وتذكر تقارير محلية ودولية أن نحو 5500 تونسي ذهبوا للقتال في الخارج، منهم 1000 مسلح على الأقل في ليبيا، فسهولة التسلل عبر الحدود الشاسعة، وفقاً للمحلل، أسهمت في زيادة أعداد المسلحين التونسيين في ليبيا، على الرغم من تشديد المراقبة على الحدود.

ويرى مراقبون أن مجموعات مسلحة أخرى تسعى لايجاد موطئ قدم لها في البلاد، فـ«أنصار الشريعة» بات لها مناصرون وأتباع في أنحاء مختلفة من تونس. وقد سعت الجماعة في الفترة بين 2011 و2013، يوضح صياح، الى “«حشد الدعم الشعبي في المناطق والأحياء المهمشة، من خلال أنشطة ثقافية واجتماعية متنوعة»، فقد وفرت «أنصار الشريعة» خدمات للأهالي بما في ذلك العلاج والطعام، ومعونات في فصل الشتاء. وبعد حظر نشاط الجماعة، التحق عدد من قياديها بتنظيم «داعش» في سورية والعراق.

يبدو أن تونس اكتسبت تجربة ثمينة، خلال الأشهر الأخيرة، فهجمات بن قردان كان يمكن أن يكون لها نتائج أسوأ، لولا خبرة أجهزة الأمن التونسية في إدارة الأزمة. في المقابل تبقى استراتيجية مكافحة الإرهاب على المستوى السياسي غير واضحة. ويرى صياح أن الحكومة لم تقف مكتوفة الأيدي إزاء المشكلة، ولكن المسؤولين لم يقدموا سوى شعارات لمحاربة الظاهرة، موضحاً أنه «في الوقت الذي نبني فيه جداراً على الحدود بين تونس وليبيا، يمر عناصر العصابات بسهولة عبر نقاط التفتيش مقابل مبالغ مالية. يجب البدء في محاربة الفساد».

في المقابل، يرى مدير المركز التونسي للدراسات الأمنية مختار بن ناصر، أن السلطات حققت تقدماً ملحوظاً، خلال الأشهر الماضية، في تعقبها للخلايا الإرهابية بالقضاء على نحو 20 من قادتها. وفي ذلك، تشير التقارير الأمنية إلى أن نحو 778 متهماً تم توقيفهم في قضايا تتعلق بالإرهاب، في حين يوجد أمام القضاء أكثر من 2000 ملف لقضايا أمنية.

لقد تسببت هجمات «باردو» وسوسة في صدمة كبيرة، إذ باتت الديمقراطية الناشئة تعاني الأمرّين، وفقاً لصياح، «حتى الآن هناك انسجام في المجتمع التونسي». ويشير الخبير في القضايا الأمنية إلى أن الوضع الداخلي والإقليمي يجعل التكهنات بالمستقبل صعبة للغاية. ويرى صياح أن الوضع الأمني يقتضي «إعادة النظر في تكوين عناصر الشرطة، لتأهيلهم لهذه المرحلة الحساسة»، موضحاً أن هناك حاجة إلى إعادة هيكلة وزارة الداخلية، بصفتها المعني الأول بمكافحة الإرهاب. وفي السياق ذاته، أشارت مؤسسة «انترناشيونال كرايسيس غروب»، عقب هجمات العام الماضي، إلى ضرورة العمل على إعداد الأجهزة الأمنية بالشكل الصحيح، داعية إلى «إصلاحات جوهرية ورئيسة».

يذكر أن ميزانية الدفاع والأمن قد تضاعفت مرتين هذا العام، لمواكبة التحديات الأمنية. وإلى جانب الجهود الأمنية أطلقت السلطات حملة توعية واسعة، أطلق عليها «اسم غداً أفضل» لمكافحة التطرف في المجتمع التونسي، ومن أجل «تحصين الشباب التونسي ضد التشدد» وفق بيان حكومي.

تويتر