الإعلام المتطرف يولّد العنف

كانت للتصريحات الأخيرة والمتطرفة التي أطلقها المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية، دونالد ترامب، نتائج كادت أن تكون كارثية ودموية لولا تدخل رجال الشرطة في الوقت المناسب، فهذ الرجل دأب على قول ما يحلو له أو ما يراه ملائماً لمخاطبة عواطف مناصريه في حملته الانتخابية، ليحقق أكبر قدر ممكن من الأصوات. وأكد ترامب أنه ليس له أي علاقة بما حدث، لأنه كان يقصد فقط الكشف عن مدى المشكلات التي تعانيها الولايات المتحدة في هذه الأيام، مثل التجارة السيئة، والمسؤولين الحكوميين عديمي الكفاءة، وحدود البلاد شبه السائبة، وإنه لم يكن يريد أن يقع الاشتباك بين الطرفين، على الرغم من أنه قال خلال مقابلة تلفزيونية إن العجوز جون ماكغرو (78عاماً)، الذي اعتقلته الشرطة لأنه ضرب أحد معارضي ترامب، سيدفع له الغرامة التي ستفرضها عليها الشرطة.

ولم يكتف ترامب بالخطابات التحريضية التي يلقيها في حملاته الانتخابية في العديد من الولايات الأميركية، وإنما لجأ إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اتهم انصار المرشح الديمقراطي ساندرز، على موقع «تويتر»، بأنهم هم الذين عملوا على إثارة البلبلة خلال حملته الانتخابية في ولاية شيكاغو، وقال إنه يكذب عندما يقول إن أنصاره قاموا بهذه الخطوة بصورة عفوية، دون أن يطلب منهم ذلك. وهدده صراحة بالقول «احذر يا ساندرز وإلا فإن أنصاري سينقضون على انصارك، ويفسدون حملاتك الانتخابية».

وفي حقيقة الأمر، فإن لجوء ترامب إلى هذا الأسلوب في حملاته الانتخابية، حيث ينتقد ويشتم مجموعات عرقية كاملة في الولايات المتحدة، ويفصح عن نيته طرد نحو 10 ملايين من المكسيكيين، يقيمون على الأراضي الأميركية، ويطالب بمنع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، كل هذا ينم عن شخصية متعجرفة، تعتقد أنه بإمكانها القيام بكل ما يناسبها دون أن يجرؤ أحد على المعارضة. وربما أن ثراء ترامب الفاحش جعله يعتقد أنه يستطيع الحصول على كل ما يرغب، بغض النظر عما إذا كان ذلك يلائم الآخرين أم لا، لأنهم لا يمثلون أي أهمية بالنسبة له. وأكبر دليل على ذلك أن خطاباته التي تحرض على العنف والكره لكل الأعراق الأخرى من غير البيض، يمكن أن تنجم عنها صراعات، وقتل العديد من الأشخاص، وإيقاظ الصراعات العرقية بين أبناء المجتمع الواحد، الأمر الذي دعا البعض إلى وصفه بهتلر العصر. لكن الطامة الكبرى أن كثيرين في الولايات المتحدة معجبون به، حيث أنه يحقق انتصارات مهمة في حملته الانتخابية، ويبدو أن أيام الرجال العظام الذين قادوا الولايات المتحدة زعيمة العالم الحر قد ولت إلى غير رجعة.

 

 

الأكثر مشاركة