تنظيم «داعش» يريد تصدير الفوضى إلى أوروبا
قبل تسعة أيام من هجمات باريس، اجتمع قادة التنظيم الارهابي «داعش» في بلدة شرق سورية للحديث عن الخطط المقبلة للمجموعة الإرهابية التي أوفدت مسؤولين من مختلف أنحاء الشام والعراق تنقلوا إلى بلدة «طبقة»، في الرقة، على الرغم من الخوف الدائم من الغارات الجوية التي تستهدف المناطق الخاضعة للمتطرفين. وهذا يعتبر تطوراً مهماً في استراتيجية التنظيم الذي بات يركز على تصدير الفوضى إلى أوروبا، وفقاً لما قيل خلال اجتماع القادة الميدانيين. ويقال إن نحو 200 متشدد انتشروا في جميع أنحاء القارة مستعدون لاستقبال التعليمات، ومن ثم تنفيذها.
وقد علمت «الغارديان» بالاجتماع من خلال عضوين في «داعش» على دراية بما جرى في اللقاء السري، وكلاهما أكد أن المزاج في «طبقة»، مطلع نوفمبر، كان مبتهجاً بالنصر. فقد قال قياديون في التنظيم إنهم أرسلوا مقاتلين (أجانب) إلى بلدانهم الأصلية لتحضير خطط هجمات. وتعد هذه الخطوة تحولاً حاسماً بعيداً عن استراتيجية تبناها «داعش» في الماضي، والتي تتمثل في بذل كل الجهود من أجل التمسك بالأراضي التي استولى عليها في سورية والعراق؛ والسبب أنه لا يمكن أن تصمد أمام 14 قوة أجنبية، فضلاً عن الخصوم في الداخل.
• يعتقد قادة التنظيم المتطرف أن المجتمعات الأوروبية يمكن إضعافها بسهولة من خلال هجمات مرعبة ووحشية. ويقول أحد عناصر المجموعة إن قادته لديهم معرفة جيدة بأوروبا، وعلى دراية بمخاوف شعوب القارة. |
عوضاً عن ذلك، لدى التنظيم الآن القدرة على نقل المعركة إلى قلب عدوه (أوروبا). وكانت الوسائل للقيام بذلك دائماً متاحة من خلال الحدود التي يسهل اختراقها في أوروبا. ومع ذلك، فإن طريق المهاجرين التي سلكها مئات الآلاف من السوريين والعراقيين الفارين من العنف والقمع، سمحت أيضاً لعدد - ولو قليل - من أعضاء «داعش» كي يتسللوا بين صفوفهم، والسير في الاتجاه الآخر. لقد بدأ التنظيم يعطي أولوية للسيطرة على المجتمعات جغرافياً؛ في حين لايزال يمسك قبضته على رقعة واسعة من العراق وسورية.
لجأ التنظيم إلى إعادة انتشار عناصره بطريقتين، أولاً، من خلال الخلايا المسلحة التي أقسمت بالولاء للمجموعة، التي كانت تستجمع قواها في أماكن مثل جزيرة سيناء في مصر، وماليزيا وإندونيسيا، وليبيا واليمن. وأهم من ذلك، وفي سياق الاجتماع، عودة المقاتلين الذين سافروا إلى العراق وسورية إلى بلدانهم الأصلية، وعددهم قليل، والذين هم الآن في طليعة «الجيل القادم» من «الجهاد العالمي».
ومن مهام هؤلاء الرجال تشكيل خلايا نائمة وانتظار الأوامر، في حين ينتظر قادة التنظيم الفرصة أينما تنشأ. ومن شأن هذه الموجة الجديدة، أن تعيث فساداً في إيطاليا وبلجيكا وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة. إلا أن أحد عناصر المجموعة المتطرفة، قال إن بريطانيا تعد من الأماكن التي يصعب الوصول إليها، لكن «بلجيكا سهلة وإسبانيا أيضاً».
ويعتقد قادة التنظيم الارهابي أن المجتمعات الأوروبية، يمكن إضعافها بسهولة من خلال هجمات مرعبة ووحشية. ويقول أحد عناصر المجموعة إن قادته لديهم معرفة جيدة بالنسيج السياسي الأوروبي، وعلى دراية بمخاوف شعوب القارة.
خلال الاجتماع، تحدّث الحاضرون عن المجتمعات التي تنهار بسرعة وتبعات ذلك. إنهم يعتقدون أن هجمات كبيرة من شأنها أن تضغط على الاتحاد الأوروبي وحتى حلف شمال الأطلسي، وهذا «مثالي» بالنسبة لهم.
في الرقة والأنبار تتركز جهود «داعش» على التحكم في الأهالي. خلال السنتين الماضيتين، قدم التنظيم نفسه على أنه ممثل السنة في المنطقة، في وقت أخفقت العملية السياسية في كل من العراق وسورية في تحقيق مثل هذا الهدف. إنه يحاول أن يملأ فراغاً تسببت فيه الأحداث الأخيرة. وفي وقت تراجعت سطوته في مناطق عديدة من العراق وسورية، يبدو أن أهدافه الاستراتيجية تتحقق بشكل أكبر من أي وقت مضى.
مارتن شولوف - محلل سياسي في صحيفة «الغارديان»